بلايستيشنمراجعات

مراجعة Metaphore: Re Fantazio

في أواخر 2016، أُعلن عن «Project: Re Fantasy»، وهو عنوان يبتعد فيه مطوري «Persona» عنه، ويطمح رئيس «Atlus» أن ترتقي لتكون إرث الشركة الثالث بجانب «SMT»، و«Persona»، ويثق أن «Katsura Hashino» هو الأجدر بتحقيق ذلك.

ـ«Katsura Hashino» مخرج، ومصمم أثبت جدارته، إما بإبتكار أنظمة جديدة مثل آليات المحاكاة في «Persona»، و«Press Turn» في «SMT»، والألغاز في «Catherine»، وإما بالتطوير على ما سبق، ومزج عدة عناصر ممتازة بهندسة مبتكرة قوية مثل «Devil Digital Saga 1»، و«Persona 5»، وقد أراد صنع لعبة بتوجه مختلف عما اعتاد عليه. 

ساهمت أزمة «Covid-19»، وأجهزة الجيل الجديد بتأخرها، وبعد كل هذه الأعوام ها هي ذا بصددنا الآن، فهل استحقت عناء الانتظار؟ وما مدى اختلافها عن سلاسل الشركة الأخرى؟ وما الذي ابتكرته، أو طورته من أنظمة وخلطات وهندسات لعب جديدة؟ وهل هي بالجودة المعتادة من المخرج؟ كل ذلك، وأكثر سنتعرف عليه، وبالتفصيل بإذن الله في مراجعتنا هذه.

مدة اللعبة التقريبية: 100+ ساعة للمحتوى الرئيسي و200 ساعة لتحليلها (تم قضاء أكثر من 250 ساعة وإنهاؤها على صعوبة Hard، وإكمال كل المهام الجانبية وروابط التُبَّع).

نوع اللعبة: RPG – Dungeon Crawling – Turn Based – Simulation/Adventure

المطور: Studio Zero

الأجهزة: PS4/5 – PC – Xbox Series S/X

جهاز المراجعة: PS5

السطور الملونة بالزرقاء هي للمشاكل الكبيرة بركن صغير أو الصغيرة، أو نقطة هامة يمكن تطويرها، أما الوردية فتكون نقاط شخصية ليست قصور، ولا ضرورة، لكنها بلاشك ترفع من جودة الجانب.

اللعب Gameplay

تتكون هندسة اللعبة من ركنين أساسيَين يتشعب منهما باقي أركان اللعب: محاكاة «Simulation»، وتقمص الأدوار «Role-Playing». تُعد الهندسة الثنائية «Dual Design» من الأصعب والأخطر في التصميم، لكن فرصها في الابتكار عالية إن تمكن المصممون من تكوين ترابطات فريدة، وكان الركنان متناغمين معًا.

تماثل «Metaphor» ألعاب «Persona» بالأساس العام كفكرة، إلا أنه توجد اختلافات جذرية عدة بتوظيف كلٍ منها، ونفعها على الآخر، وطرق التقدم بها، وحتى ما تشكله من تحديات للاعب.

لضخامة الهندسة، وصعوبة بلورتها دفعة واحدة، سأقسمها وأتطرق إلى الواحدة تلو الأخرى، ثم أربطها تدريجيًا معًا، محاولًا بذلك تبسيطها بأكبر قدرٍ ممكن على القراء ليسهل فهم نقدها.

نظام القتال Battle System

تتخذ المعارك نظام «Press Turn» من «SMT III» كأساس لها، وهو من أميز ابتكارات «Katsura Hashino» الذي يُعنى بإدارة الموارد، واستغلال نقاط ضعف الأعداء. وعلى عكس الأنظمة التقليدية المتكونة من ترتيب الأدوار «Turn Order» بين الطرفين كـ«Persona»، هنا ستسهلك بلوراتك أولًا، ثم يليها العدو ليستهلكها، وكل عضو يحق له بلورة واحدة.

ما يميز هذا النظام هو إعطاء قيمة، وأهمية عالية لمقاومات العدو، ليغير سير المعركة؛ فضرب نقطة ضعف تقسم الدور إلى النصف، في حين أن الهجوم بعنصر مقاومة يسلب دوران، أو حتى أدوارك كافة في حال كانت المقاومة شديدة!

سيختلف ترتيب أدوارك وسيرها بناءً على اختياراتك، مما يفتح بوابة تخطيط مميزة، وعالية الجودة، لأن الأدوار تتابع باستمرار: 1 -> 2 -> 3 -> 4، وضرب نقطة ضعف يضيف دورًا تستمر فيه بالتتابع دون أي توقف.

عكس نظام «One More» الخاص بـ«Persona» المعتمد على التوقف، ولعب عدة أدوار بالشخصية نفسها. رغم تشابه استهداف نقاط الضعف بالنظامين، إلا أن آليتهما، وتوظيفاتهما الاستراتيجية مختلفة.

من مميزات نظام «Press Turn» ايضًا أن كل ما لك، يُطبق عليك، سواء المزايا «Advantages» التي تضيف الأدوار، أو حتى العيوب «Disadvantages» السالبة لها. عدل قوانين الأساس وحده في نظام عميق ومميز كهذا أمر رائع، ويسمح ببناء تداخلات بشكل سليم.

لن تلعب إلى ما لا نهاية بمجرد ضربك نقاط الضعف باستمرار، بل حدك حتى الأربعة أنصاف، لتصبح ثمانية أدوار بالمجمل، والنصف دور ليست مجرد تسمية فنية، بل قانون يكرّم كافة الأوامر لا نقاط الضعف فقط، ليشجعك على استغلال الوظائف الأخرى من آليات، ومهارات أثناءها، والاهتمام بكافة أركان القتال بشكل استراتيجي بناء على الموقف.

إذًا… ماذا سيحدث عند ضرب نقطة مقاومة تسلب بلورات، وأخرى ضعف تعطي في آنٍ واحد؟ الإخفاق يغلب النجاح، وهذا لصالح اللعبة، ولصالح استغلال الآليات، والتفرقة بين المهارات الفردية، والجماعية، وبين خلطات الأعداء المختلفة.

أؤيد أن تسلب ضربات الأعداء كلها بلا استثناء دوران إن تفاديتها منهم عكس «SMT IV & SMT V» وتحديدًا العلل «Status Ailment»، مما يرفع قيمة «Buff» السرعة، والدقة في «Metaphor». ربما كان قرار ملائم في ألعاب «SMT» لامتلاكها مئات الوحوش بكافة أنواع المقاومات، بينما لمحدودية مقاومات قوالب «Metaphor» واختلاف هندستها فكان قرارًا ضروريًا وصائبًا أتخذوه، وهذه أولى دلائل فهم المطورين حتى في أصغر التفاصيل ولا يغيروا من أجل التغير فحسب.

 ولهذا أراه، والكثيرون من أقوى أنظمة تبادل الأدوار، وأكثرها استراتيجية، ولا أحصر استخدامه على عناوين «SMT»، إنما أؤيده كأساس متين لأي لعبة، مع إتباعه بلمسات تذكّيه.

استخدامه مع لمسات تميزه تشكّل لنا خلطة فريدة، وهذا بالضبط ما فعلته «Metaphor»، فهو ليس مجرد نسخة من قتال «SMT»؛ فتشابه الأساس لا يعني تطابقهم كليًا، وإلا لكان عدد من ألعاب تبادل الأدوار مطابقة لبعض لاعتمادها على ترتيب الأدوار «Turn Order».

القوالب/الفئات Archetypes/Classes

لطالما تميزت ألعاب «SMT»، و«Persona» بأنظمة ضم الشياطين، وخلطهم معًا لتكوين أخرى جديدة، ووصلت مراحل متقدمة في أجزائها اللاحقة من العمق بأنظمة مثل توريث المهارات، والسمات «Traits»، وما إلى ذلك… وحتى ألعابهم الفرعية المتنوعة تميزت بدمج أنظمة الشياطين مع مختلف أفكارها.

في «Metaphor»، لا تقاتل من أجل الصيد، ولا تجمع الوحوش، أو تخلطها، بل تستخدم قوالب «Archetypes»، أشبه بـ«كلاسات» في عملها، ولكلٍ منها دوره: «Healer» المسؤول عن العلاجات ومهارات النور، «Warrior» المتخصص بمهارات التقطيع «Slash» الفيزيائية، إلخ… تتوزع فئاتهم على أنسال «Basic Lineage»، تحوي كلَّا منها اثنان إلى أربعة قوالب إجمالًا وهي شبيهة بفكرة ترقية «الكلاسات».

يحوي كل قالب «Archetype» تشكيلة مهارات متكاملة تفي بوظيفة معينة لا تنحصر على بضع مستويات، بل تتوزع على مدار رتبه الـ20، وبعدها تتقنه «Mastered»، ولك الحرية في استخدامه، وبالوقت نفسه الاستفادة من النقاط التي تأخذها كأدوات «Items» تستثمرها في قوالب أخرى.

لا آلية تضطرك للتضحية بمهارات من أجل أخرى بسبب حيز، ولا استثمار وحوش معينة وبنائها حتى النهاية، وبمجرد إتقان أحدهم فقد أكملت إحصاءاته «Stats» وفتحت مهاراته، وحان الوقت للانتقال إلى التالي.

وهذا اختلاف جذري آخر بالأنظمة، باحتوائها نظام التصنيف التقليدي مع بهارات استفادتهم من «Persona & SMT» بأنظمة التوريث، والمقاومات، وأمور ستتضح لكم في الفقرات التالية.

إتقانك مهارات فئة معينة يسمح بتوريثها إلى أخرى، مما يفتح باب الإبداع، لا سيما مع تنوع أفكارهم، وتعدد وظائفهم، وتوريثهم يكون بشرائهم وتهيئتهم في خانات مختصة مميزة بطرق فتحها وتطويرها كما سنتطرق إلى ذلك في فقرة لاحقة.

ماذا لو ورّثت مهارات فيزيائية لفئة سحرية؟ أو هجومية لعلاجية؟ أو دعم لهجومية؟ 

أتريد استغلال حيزها لعلاج «Status Ailment»، أم تكتفي بـ«Items» مخصصة لهم، وتستغل الحيز بشيء آخر؟ أتود إشغالها بأربعة مهارات متنوعة ما بين سحر، وفيزيائية، ودعم، و«Passive»، أم تركز على شيء معين؟ أو ربما تخصص حيز كل عضو من الفريق لنوع مختلف، أو ربما تعدل خططك بحسب الموقف.

ليس الأمر بسهولة نقل المهارات، وهذا يزيد التخطيط عمقًا، عليك بدراسة مهارات قالب ما قبل تهيأته وبذل عناء تطويره، وإتقان مهاراته، كي تتبع خطتك بالتحويل لقالب آخر منه تورث المهارات التي خططت لها، وكلما تقدمت تشعب الأمر أكثر، وأصبح أصعب تغير الخطة، لأننا لا نتكلم عن تبديل، أو اثنين، بل عن خطة سير طويلة الأمد تتغير بحسب الزمكان.

ولكثرة القوالب، وإمكانية وضع أيًا منها لأي شخص، تصبح عملية العودة إلى الصفر مملة عند التغير، وتشكّل تناقضًا مع التصميم الذي يحث عليه، فلهذا لجأ المطورون لأدوات تُعطي نقاطًا مجانية عند التغير المستمر دون الإفراط بها للحفاظ على التخطيط، وأخذ الحيطة قبل التسرع، وبالوقت نفسه تحبط التقاعس على التغير، أو الانهماك من تضيع الوقت لتقوية الضعيف بالتفريم الطويل.

لكل «Archetype» وظيفة، وأحيانًا آلية تميزه عن الآخر، فمثلًا يتميز «Brawler» لا باحتوائه على مهارات «Strike» فيزيائية فحسب، بل استهلاكها «HP» بدل «MP». وآخر يستهلك مالًا عوض «MP»، والعديد من الأفكار المختلفة، وهذا بذاته يصعِّب فقدان الاهتمام بهم، أو الملل تجاه تجربة الجديد منهم، وتطويرهم.

اختلاف وظائفهم، وإتزان احصاءاتهم محسوب بدقة ليصبح لكل منها نقاط قوة وضعف عدة تحثك على التنويع بينها، ويضمن أن تستغل التوريث باستراتيجية. لكن مهما تنوعت أفكارهم، وتعمقت تطبيقاتهم، وتفتحت حرية تشكيلهم، فلن تفيدهم شيئًا دون آليات معارك صلبة، وقوانين دسمة تستغلهم، وتصميم أعداء وزعماء يساعد على التنويع فيما بينهم، وتكوين استراتيجيات مختلفة باستخدامهم.

الأوامر Command Mechanics

تنفذ الأوامر الأساسية المعروفة بأي لعبة تبادل أدوار من هجوم، ودفاع، واستخدم الأدوات «Items»، لكن الجديد على السلسلة هو دمج آلية تبديل مواقع الفريق «Formation» مع أساس «Press Turn»، ومع أنها غير مبتكرة في تصنيفها كما رأيناها منذ «Final Fantasy 5» وعدد من الألعاب الأخرى، لكن خلطتها مميزة، وتطبيقها شيق.

قدمت «Soul Hackers 1» التي صممها «Katsura Hashino» آلية مشابهة، إلا أن فائدتها، وتطبيقها كانا مختلفين، كما هو الحال مع جزئي «Persona Q» الفرعيَين، وعدد من السلاسل الجانبية ل«MT».

تطبيق «Metaphor» يشابه «Final Fantasy»، الصف الأمامي للضربات الفيزيائية، واليدوية «Melee»، بينما الخلفي أضعف لهن، وفرص «Miss» أعلى، مقابل دفاع أقوى، وسحر لا يتأثر بهن.

يتناغم النظام مع خصائص القوالب «Archetypes» المختلفة، مثل استخدام الساحر من الخلف؛ لضعف دفاعه، والمحارب من الأمام؛ لقلة فاعلية مهاراته الفيزيائية.

وبناء عليها خصصوا وظائف مميزة لبعض القوالب ومهاراتهم مثل نسل «Gunner» الذي يتميز بضرب مهارات فيزيائية حصرًا من الخلف، وبقوة الصف الأمامي، ويصيب «Status Ailment»، وأمثاله يقلب حسبتك في الصفوف رأسًا على عقب.

الصف الخلفي قد يحمي من الضربات الفتّاكة للأعداء «Charge»، لكنك لن تصيب الضربات بالغالب لو كانت سرعتك منخفضة حتى إن كانت سحرًا، فماذا لو ضربت نقطة ضعف من الأمام، من ثم تدير بلوراتك، كي تعيد الكرة للشخصية وتدافع بها من الخلف؟ 

استغل المطورون هذه الأبعاد لإضافة مهارات مهيأة بحيل «Gimmicks» تتلاعب بها، إحداها تسمح بتحريك كامل الفريق للأمام، ورفع الهجوم برتبتين، أو العكس على الدفاع، ومع أنها مهارة فقط، لكنها حقًا تغير الكثير بخططك، وتجعلك تفكر “ماذا لو هاجمت بأدواري من الأمام، ومن ثم اختتمت بها بدلًا من إدارة البلورات لأعيد الكرة كي أغير صف هذا العضو؟”.

“أود رفع هجوم الفريق بالرغم من اضطراري لتحريكهم، هل من أضرار تترتب على ذلك؟” سيختلف الجواب بحسب الموقف، والأعداء.

مهارة تعالج من بصف صاحبها، ماذا لو ربطتها مع أخرى مختصة بالصفوف؟

“هاجمت مرتين من الأمام، ورفعت دفاع الفريق رتبتين مقابل إرجاعهم، من ثم عالجتهم” أو ربما تستخدم المهارات نفسها بترتيب، وغايات مختلفة تمامًا.

اهتم المطورون بترتيب الصفوف وفاعليته في المعارك إلى درجة كبيرة، والأهم أنها متناغمة مع تصميم المعارك، وآليات القوالب، ووزنهم، لتكون جزءًا رئيسًا من التخطيط، وتضيف أعماق له، ومن شدة أهمية الصفوف فبالإمكان تهيئتها من القائمة قبل الدخول إلى المعركة، كي لا تضطر للتبديل المتكرر لنفس تقسيمة خطتك، وايضًا للحماية من ضربات «Ambushed» مما تنم عن فهم جيد للمصممين.

شهد نظام «Press Turn» آلية الدفاع «Guards» في «SMT V» للمرة الأولى، فرقها عن الألعاب التقليدية قوانين النصف دور، وآلية التمرير «Pass» اللتان أضافتا عمقًا في توظيفها، عندما تمرر دورًا فستستهلك نصف بلورة (كأنك ضربت نقطة ضعف)، ولكن التمرير مجددًا يسلب النصف بلورة، عكس نقاط الضعف التي تحول البلورات إلى أنصاف.

لو مرّرت باستمرار للعبت ثمانية لعبات بالمجمل، وهو نفس نتاج ضرب نقاط الضعف بتتالٍ، لكنّ نقاط الضعف تحول البلورات الكاملة لنصف دور، بينما التمرير يحول الدور لنصف، ويستهلك النصف، ثم يعيد الكرة، ولذا لن تمرر مرتين متتاليتين ما لم تكن بحاجة ماسة إلى ذلك، وغالبًا ستمرر وتلعب لعبة، وهكذا.

عكس «SMT V» الذي كان التمرير لا يستهلك أي أنصاف قبل أن يحول كل البلورات لنصف، ولكن لعدم وجود «Synthesis» (سنتطرق لها بعد قليل) لم تكن مشكلة، مع تفضيلي للقانون المتبع في «Metaphor» لقوة إدارته، فهذا الاختلاف بترتيب استهلاك البلورات بين نقاط الضعف والتمرير يغير تخطيطك جذريًا، ويعطي قيمة، وتميز لآلية الدفاع.

الدفاع يزيل قانون نقاط الضعف، ويقلل الضرر، بالإضافة لمنع أي إصابات «Status Ailment» كما بدأ ذلك في «Persona 3»، وهو ما أؤيده هنا مع وجود «Synthesis»، وعدم وجود وحوش كثيرة. فهل ستضحي بضرر شخص، لتدافع بآخر؟ أو تضحي بهجوم، لحماية أحدهم؟ أو الفريق كله؟ تخيل أن يصيب أعضاءك مرتين بهجمة جماعية فيها عنصر نقطة ضعف أحدهم، فتضحي ببعض القرارات لتمنع ذلك وتنفذ الأهم.

ولبلورة إضافية لفرق آلية الدفاع والأسس عن «Persona»، فيكفيكم النظر إلى فرق طرق الدفاع استراتيجيًا بين اللعبتين، فهناك ستضرب نقاط ضعف لتمرر وتدافع، في حين تضحي بالأدوار في «Metaphor» من أجل ذلك.

من إدراك المصمم لكافة أركان هندسة لعبته، وذكاءه بالتعامل مع ربطها لتدعم إحداها الأخرى، فستجد أن كثيرًا ما يصادف توفر مهارات نقاط ضعف الأعداء بقوالب «Archetype» نقاط ضعفها هجماتهم، وذلك لتدرس كيفية التغلب عليها إما بضبط مهاراتك بالتوريث، أو الدفاع، ويترتب على كلاهما تضحيات عديدة ستستخدم فيها الأنسب لخطتك.

ومن شدة قوة التصميم أن امتلاكك لنقاط ضعف وعددها بين أعضاءك سيؤثر جذرًا على لعبك، وتسلسله، لأنك لن تستثمر البلورات لصالح الهجوم فحسب، بل ستستفيد من الدفاع، والدعم بأنواعه، مع ضمان تقدم المعركة، بحساب أن خطتك تحملك حتى آخرها.

توزيع المقاومات «Affinities» شبيه بـ«Persona 3» بامتلاك ثلاث أنواع مختلفة من المهارات الفيزيائية «Pierce – Strike – Slash»، وربط الهجوم اليدوي «Melee Attack» بهم، وذلك يوزن قوالب «Archetypes»، فلا يعقل أن يختص أحدهم بـ«Slash»، ويضرب «Strike».

لكل شخصية في «P3» سلاح، أما «Metaphor» فترتبط الأسلحة بالقوالب «Archetypes»، وتعمل بالحيثية نفسها، وهي ممتازة بنظري، خاصة مع تشكيل الموقع «Formation»، لتوسيعها الأفق الاستراتيجية في المعارك، وموازنتها اللعب وخيارات التخصيص بامتياز في تطبيقها.

يُذكر أن هناك زرًا يسمح لك بإعادة المعركة بأي وقت، وهي تسهيلة لم أؤيدها في بادئ الأمر على أعلى صعوبة، لكني لا أجدها سلبية لأن لها حدودها، فمثلًا لا تسمح بتغير عتادك بالكامل، أو قوالبك، ومهما أعدت المعارك عليك بالتفكير كي تتجاوزها، وبالمعارك العادية تحافظ على البدء بالأولوية لك أو لعدوك. مما يجعلها متزنة وأقرب لتسريع العمليات من كونها تسهيلة.

ويُذكر ايضًا أن المطورين أتاحوا خيارًا ليلعب الذكاء الإصطناعي عنك، وهو مفيد للتفريم «Grinding»، أو استهلاك طاقتك قبل الخروج من مغارة ما، وأتخيل أنه في أسهل مستوى سيؤدي الواجب الأدنى ويتقدم لك، بينما في المستوى الصعب فهو غير عملي للإتكال عليه، وهذا قرار ممتاز.

فهو شحيح بأوامره بالنسبة لعمق وتعقيدات اللعب، وغبي باتخاذ القرارات والإدارة، كاستخدام المهارات الأقوى وإن كانت جماعية ومكلفة على أعداء فردية. لو كان آلية أو أساس بالتصميم مثل «Persona 3 PS2 – FF 12 – Unicorn Overlord» لكان سيكون كارثة، لكن بما أن توظيفه هكذا فهو أكثر من كافي وجيد.

المهارات المركّبة Synthesis

الألعاب التي تبنت «Press Turn» معدودة على أصابع الكف، لكن التي طوّرته بجد كانت «Devil Digital Saga» من المخرج نفسه، مع نظام المهارات الجماعية «Combo Skills» الذي كان من الإضافات الرائعة التي نمّت الاستثمار في «Press Turn» بشكلٍ ثوري..

تستهلك المهارات الجماعية بـ«DDS» عدة بلورات «Press Turn»، وطاقة «MP» بأكثر من شخصية؛ فيتضاعف التأثير الناتج، لتعطي نقاط الضعف بلورتين، وتسلب المقاومات أربعة، وهو تمامًا ما تبنته «Metaphor».

ولأنها «Press Turn» فهي تؤثر بشدة بسبب تتالي الأدوار فيه، فلو افترضنا أنك حولت بلورتين لنصفين بدور العضو 1 ثم حولت الاثنتين الآخرين بدور العضو 2، سيتبقى لك 4 وتنتهي عند العضو 2، بينما لو ضربت بكل الأعضاء نقاط ضعف بكل البلورات فستصبح 1 2 3 4 ثم 1 2 3 4 مجددًا، وجراء هذا الاختلاف فرق محوري على المعارك، ولهذا أعده النقلة الحقيقية لنظام «Press Turn».

اعتمدت متطلبات ثنائية «DDS» على تواجد نوع مهارات بعينه بحوزة الأطراف لاستخدامه، وطورت عليه «Metaphor» بتخصيص مهارات مركبة «Synthesis» لكل قالب «Archetype»، ولا تشترط وجودهم عند طرفين معًا، بل تعتمد على تواجد أنسال معينة بأرض المعركة حتى تُفتح في أرض المعركة.

يستقل كل قالب بمهاراته المركبة، وتختلف متطلبات كل مهارة من نفس القالب، فمثلًا مهارة الهواء الجماعية في أول قالب نسل «Seeker» تتطلب إما وجود قالب آخر من نسل «Seeker»، أو «Mage»، أو «Healer» لتستخدمها، في حين أن مهارة رفع الهجوم الجماعية بالقالب نفسه تتطلب وجود «Seeker» آخر، أو «Knight»، أو «Commander».

تتعدد طرق فتحها لارتباطها بالأنسال لا بالقوالب، قد أقاتل بـ«Magic Seeker»، وأكتفي بوجود «Seeker» آخر بالفريق حتى استخدم مركّبات «Synthesis» فيه، مما يجعل خياراتها كأساس فقط أوسع من «DDS» بسنين ضوئية!

حصر مهارات «Synthesis» على قالب معين يحصر استخدامهم لدور الشخصية التي تستعمل القالب، لكن إن سمحت متطلبات المهارة وجود عضو آخر يستعمل القالب نفسه، فهذا يعني تمكنك من استخدامها بدور هذا أو ذاك في حال شاركتهما القالب نفسه، ويترتب على ذلك تغير كامل بالخطة، ويختلف أيضًا باختلاف ترتيب العضو بالفريق بعدد الأدوار.

لو حمل العضو 1 و2 القالب نفسه وتمكنا من استخدام ذات المهارة المركبة التي نفترض أنها نقطة ضعف عدو معين، فتستهلك نصفين، وفورًا تستهلك نصفين آخرين، ومن ثم يتبقى لك بلورتين كاملتين تستخدمها ربما بالدعم، أو الدفاع، أو ربما تستثمرهما بشيء آخر.

بينما لو ترتيبهم 1، و4، فستضطر لتغيير لعبك وتملأ النصفين بأي حركة ريثما يحين موعد العضو 4 ويحول البلورتين الأخيرة إلى نصفين، وتعود ل1 -> 2، وهنا إما أن تستخدم المهارة مجددًا ب1 وتنهي دورك، أو تدير مواردك لتمرر إلى 2 وتقوم بخطة معينة تفيد المعركة.

أو ربما توظف عضو بالفريق كوسيط لمهارة مركبة، وتعيّن الباقي لتستخدمها لغاية استراتيجية ما، كإحدى المعارك التي كانت من أوائل الجزئيات، وقاتلت بها زعيمًا جانبي. كان فريقي مكون من ثلاثة آنذاك، رقم 1، و3 بترتيب الأدوار أعطيتهما قالب «Knight» من أجل مهارة مركّبة تعطي نقطة ضعف لمرة واحدة، وكان الوسيط لهما العضو 2 بقالب «Brawler» الذي وظفته كعلاج.

خطتي كانت ممتازة لتلك المعركة إلا أن نهايتها اضطررت لرسم خطة مختلفة لأن الاعتماد على وسيط واحد يجعل من السهل نفاذ طاقة «MP» سريعًا، لكنها تقطع شوطًا كبير وتسمح بآفاق أخرى بالتخطيط من عمق تركيبة هذه المهارات وإمكانيات تشكيلها العبقرية والنقلة بها عن جزئي «DDS».

فهل ستفضّل تشكيل فريق متنوع بمهارات «Synthesis»؟ أم تجعلها قابلة للاستخدام من قبل أكثر من عضو؟ لكل قرار مزاياه وعيوبه التي تجعلك تخطط بشكل مختلف كليًا بناء على هذا التغير فقط، ولهذا أجده ثوريًا ورائعًا، لا سيما مع ما أضافته القوالب له من عمق كالمشروح في المثال أعلاه.

تعدد متطلباتهم، ووزنهم، وتوزيعهم عبقري مدروس، وليس محض حرية عشوائية، وإليكم تحليلي:

أولًا: توزيعها، ومتطلباتها مدروسان.

يتميز «Brawler» بضربات «Strike» تستنزف «HP»، و«Synthesis» الـ«Strike» تتطلب «Brawler» آخر، في حين أن «Synthesis» التي تعطيه مهارة نور ليس من متطلباتها «Brawler».

بناءً على هذا التنوع في المهارات، لاحظت أن النسخ الأقوى أو الجماعية  تسمح باستخدامها بوجود قالب «Archetype» من النسل نفسه، في حين أن المهارات المختلفة عما يتضمنه، غالبًا تتطلب أنسالًا أخرى.

ثانيًا: رتمها، وترتيبها محسوب له.

مثل تَطَلُّب مهارات «Mage» السحرية القوية وجود إما «Mage» آخر، وإما نسلَين يفتحان في وقت متقدم، فالمصممون يدركون مدى قوتهم، فقيدوا استخدامهم بما يزن اللعبة.

وإن استخدمتها، فلا يزال متطلبها للـ«MP» عالٍ، ويستنزف من الفريق كافة؛ لذا يكون غير فعّال في المعارك الطويلة، وهذه من عوامل الوزن الممتازة لهذه المهارات.

بالمقابل، حتى وإن تقيدت بثلاثة «Mage» لوجود عدة أسحار فيهم، لا زال خيار الإبداع أمامك بالتصرف في المهارات المورثة كيفما تشاء وبالتأكيد ستملؤها بشيء غير السحر، وهذا أيضًا من مزايا خيارات التوريث، فوجود أكثر من مهارة تستخدم في القالب، يجعله أولوية باستخدامك له، فبدلًا من إشغال حيز قالب آخر فارغ بثلاثة مهارات مثلًا، تقوم بالتحويل إلى القالب الذي يحويها، وتعبئ الشاغر بشيء آخر يفيدك.

ثالثًا: تطلبهم مهارات معينة أحيانًا لفتحهم.

كالدعم الجماعي بنسل «Faker»، وكي تفتح كل واحدة عليك بالتقدم به، فمهارة الهجوم تٌفتح عند رتبة 3، السرعة/التفادي 5، الدفاع 8، وذلك كي لا يصبح الأمر ببساطة التحويل للنسل وكسب مهاراته فورًا إذا كانت قوية نسبيًا.

رابعًا: ربط نوعية المهارات بأنسال تحويها.

مثل العلاج «Healer»، والدعم «Commander»، والسحر «Mage»، و«Strike» الفيزيائية «Brawler»، وهكذا… وأحيانًا يتعمدون مكافأتك عند التنويع بالأنسال بمهارات غير موجودة فيهم، مثل مهارة الضوء في «Seeker» التي تستخدمها بوجود «Knight»، أو مهارة «Strike» في «Seeker» بوجود «Warrior» (علمًا أن المهارات الفيزيائية في النسلين من نوع مختلف).

خامسًا: ارتباط أفكارهم بفكرة القالب المميزة.

استهلاك «Brawler» للـ«HP»، واستخدام «Gunner» من الصف الخلفي، والعلاج «Healer»، مما يجعلك وإن ورثت المهارات، فلا يزال هناك ما يميز القالب ويدفعك لاستخدامه، وغالبًا ما ترتبط بحيل «Gimmicks» مميزة ذات وظائف أكثر من المهارات العادية، أو تطبق فكرة قالبهم أو نسلهم التي تميزهم لكن بعناصر مختلفة.

سادسًا: تُطلب الأدوار بناءً على قوة المهارة.

إما دوران، وإما ثلاثة بحسب قوة المهارة، ولم أكن لأعارض إن وُجد أربعة أدوار بما أن عدد الفريق توسع عن أجزاء «DDS» (وقد وجدت مهارات مركبة تستهلك أربعة أدوار في عرض الكشف، لكنهم تخلّوا عن الفكرة) ومن باب آخر ذلك كان سيكون صارمًا للغاية وقد يفسد التخطيط فيه.

غير أن أساس «Press Turn» ووجود أيقونة إضافية تؤثر بشدة في لعبك، فمابالك وضع أربعة أعضاء على أفكار «DDS» المحصورة على ثلاثة فقط؟ هذه وحدها أعتبرها توسع بالتخطيط إيجابي، ويفتح إمكانات لعب أكثر لو سنغض الطرف عن التوسعات الأخرى بالنظام.

يعود كل ذلك إلى قوة نظام «Synthesis»، وتطوره عن «DDS»، فمع تشابه قوانين استخدامهم، وتأثيرهم على «Press Turn»، إلا أن طرائق تشكيلهم، وتوزيعهم، ووزنهم، وتوظيفهم في عالم آخر من العمق، فيجمعون بين الحرية العالية، والوزن المرعب بالنظر إلى ضخامة عددهم، مع إمكانات لا متناهية بابتكار خطط باستخدامهم.

انتقاء مهارات «Synthesis» نفسها لكل قالب مدروس أيضًا بعبقرية مع تداخلاتها بالنسل، وتختلف باختلاف توظيف المهارات المركبة للأنسال، فتركيز «Seeker» على توفير مهارات منوعة، ويستمر نسله بتوفيرها لكن بنسخ أقوى، وأشكال مختلفة، في حين يركز «Commander» على الدعم الجماعي، والهجمات السحرية، وكذلك الحال مع «Healer».

ستلاحظون انقسام تكوين المركّبات ما بين نسخ أقوى من مهارات القالب، أو تشابهها معه كفكرة لكن بعناصر مختلفة (نفس النور في «Brawler»)، وعندما تتقدم بالنسل تتحول هذه المركبات ذات الوظائف المتعددة أو النسخ الأقوى لمهارات عادية، وازدياد وظائف المركبات تعقيدًا، وكل ذلك يغير من رتم اللعب بشكل كبير، ويساهم بتطوره.

تداخل الأنسال رائع، ومميز بكسره الرتم، والحفاظ على التوازن، بالرغم من المجال الواسع للإبداع به بين اللاعب والآخر بشكل عبقري، فكل قرار فيه مدروس بكافة أبعاده، وغير عشوائي أو لمجرد الحرية كالكثير من زملائها بالتصنيف للأسف.

مهارات «Synthesis» الـ«Warriors» تحوي نسخًا خارقة من «Slash»، باستثناء الأخير الذي يتضمن مهارة هواء فيزيائية، ولكن كي تفتحه لا بد من التقدم بـ«General» عشر رتب (الذي يتطلب إتقان «Commander» أولًا)، فعدا عن متطلباته نفسها، توزيع المهارة تتضامن أيضًا مع تداخله مع الأنسال الأخرى ووظائفها.

من الأمور التي تصقل أهمية «Status Ailment» منع استخدام المركّبات في حال إصابة أحد أفرادك بها، مما يدفعك للمسارعة إلى علاجها إما بالأداة «Items» المناسبة، وإما بالمهارة المختصة، لتصبح «Status Ailment» أكثر قيمة وتميزًا عن المعتاد، وقد أبدعت بها ثنائية «DDS» سابقًا، وتبنت هذا الإبداع «Metaphor».

وبشكل بديهي تهتم أيضًا بالحفاظ على حياة أعضاء الفريق، لا لأجل نقاط نهاية المعركة فحسب، بل للتمكن من استخدام المهارات المركبة، وهذا يعطي أبعادًا استراتيجية كبيرة لتغطية نقاط الضعف، والموازنة بين الصفوف، وإدارة البلورات بشكل مميز وممتاز.

للمهارات عمومًا، والمركبّات خصوصًا حيل «Gimmicks» تجعلها أكثر إثارة ، تكسر الرتم، وتحفّز الاستخدام، وتوسع آفاق الإبداع التخطيطي.

لربما تواجد ذلك في مهارات عدة بثنائية «DDS»، تقوم بعلاج، وبالوقت نفسه دعم معين، أو هجوم وتصيب «Status Ailment»، وكله في «Metaphor».

المميز هنا وجود أفكار أخرى خارج الصندوق لم تكن في ثنائية «DDS»، مثل تجاهل المقاومات، أو تحويل عنصر ما لنقطة ضعف، وكل ذلك دون إفساد اللعب.

فضرب ضربة عنصر معين، وتحويل مقاومته إلى نقطة ضعف مرة واحدة تجعل من المقاومات «Resist» أو العادية قيمة لتحويلها إلى نقاط ضعف (بثمن طبعًا)، دون إفساد المقاومات الشديدة التي لن تنفع كـ«Repeal – Block –  Etc…».

بعضها يضيف أدوارًا بناءً على اشتراطات معينة كـ«Finishing Blow»، أو استعادة «MP» عند كل «Hit»، وهكذا… حتى المهارات العادية تتميز بـ«Gimmicks» غير المعتادة، وتختلف أحيانًا عن الموجودة في المركبّة، أو تتحول التي في المركبة إلى المهارات العادية، وتمتاز المركبات بحيل أخرى.

وأختتم فقرة المعركة بالحديث عن خلطة قوانين «Buffs/Debuffs» بين «SMT»، و«Persona»، فهي تأخذ فكرة الثلاث أدوار من «Persona»، وتحتاج إثرها إلى تمديدها ثانية، ولكن مستوياتها ترتفع وتنخفض «Stacking» مثل «SMT».

النتيجة إبداع استراتيجي، فوصولك إلى أقصى المستويات، ونسيان تمديده قد تنهي عليك المعركة حتى، وإن كنت تملك أدوارًا فالـ«MP» المستهلك لرفعها سيؤثر عليك، وذلك أفاد الأدوات وتوظيفها أحيانًا بتمديد الفترات عند الحاجة، لا سيما أنها 7 مستويات بالمجمل، عدا عن وجود مهارات تتلاعب بها، أو تزيلها تمامًا مقابل ثمن كاستهلاك أكثر من دور مثلًا. 

مجملًا، المعارك إحدى أروع الأركان، والعمود الأساسي لأي لعبة تقمص أدوار وقد نجح «Kenichi Gotô» في قيادتها، وعرف النقاط الحساسة التي تجدد اللعب، وتجعله إدمانيًا دون الإخلال بوزنها، وكل ذلك تم بعبقرية فذة.

خيارات التخصيص Customization 

التخصيص أهم ركن يعطي حرية بين اللاعبين، وجودته مرتبطة بمتانة اللعب، فكلما كان أكثر دقة، واستراتيجية، وجودة، ازدادت قيمة تجربة المختلف منها، والاهتمام بها، ولا يشترط أن تكون مبتكرة أو مميزة لكونها مكملًا للعب.

إتاحة القوالب لأي شخصية قرار حسّاس، لأنه بسهولة قد يجعل الشخصيات مجرد شكل «Skin» تبنى عليه الخطط. في «Persona» يمثّل كل عضو قالب، وفي «SMT» كل قالب هو عضو، وفوقهما أضافت «P5R»، و«SMT VV» قدرات «Trait» تميز الأفراد عن بعضهم، وتؤثر عليهم عدا عن أمور أخرى.

تتبنى «Metaphor» فكرة ليست بمبتكرة، ولكنها جديدة على أنظمة السلسلتين، وضرورة لأي نظام «كلاسات»، وهي «Basic Stats» للأفراد، يتطور عبر 99 مستوى، و«Archetype Stats» لكل قالب له عشرون رتبة، وتشمل القوتين الفيزيائية، والسحرية، والحظ، و«Max HP»، و«Max MP».

بناءً على ذلك لا بد من تخصيص نقاط خبرة «EXP» للقوالب غير الشخصيات، وهو قرار موفق، كما أحبَّ الفريق إضافة عملتين، إحداهما مرتبطة بالقوالب، والأخرى بالتجارة الاعتيادية من شراء معدات، وأدوات، ومواد طبخ.

تعدد النقاط، والعمولات، تذكرني بأجزاء «Soul Hackers» و«If»، وأجزاء السلسلة القديمة، وجيد أن وجودهم ليس مجرد احتفاء، بل وظفوهم جيدًا في التصميم ولسبب منطقي.

وجود «Basic Stats» يجعل من مفعول القالب نفسه مختلفًا بين الشخص والآخر، ومن شدة قوة وزنهم، فرتبهم محدودة، وبالتالي مهما علت إحصاءاتهم «Stats» تطغى إحصاءات الشخصيات «Basic Stats» بشكل لا بأس به عليهم.

ولكل شخصية إحصاءات تميزها، يرفع «Strohl» القوة الفيزيائية «St»، والباقي متوسط بالتساوي، في حين تكون ضربات «Heismay» متوسطة «St»، وضعيفة بالسحر «Mg»، لكن يتحلى بـ«Lk»، و«Ag» مرتفعين مما يجعله فعّالًا لضرب «Critical»، واستخدام مهارات الحظ، والسرقة، وإصابة العلل «Status Ailment».

تضاف إحصاءات القوالب على إحصاءات الشخصيات، وللتعزيز من بهاء الأنظمة، تُكافئ برفع إحصاءات الشخصيات عند إتقانك للقالب، ليؤثر على القوالب الأخرى، وترتبط المكافأة بوظيفته، لتضيف إلى حسبتك حينما ترسم مخطط سير لإكمالهم.

لا تكتفي اللعبة بذلك العمق، بل تمتد لتقلل إحصاءات معينة بالقوالب نفسها كما في «Mage» مع الإحصاءة الفيزيائية، مما يجعل لإحصاءات القوالب دومًا نقوص، ولو أني تمنيت رفع النقوص عند التقدم بالقوالب مثلما تقوى الإحصاءات الأخرى بهم. 

وجود مهارات فيزيائية سحرية، وسحرية فيزيائية، تتأثر قواهم بالإحصاءات المعاكسة لتوظيفهم الأصلي غير مبتكرة، لكني أجد تطبيقها، وخلطتها رائعة؛ لتداخلها مع أنسال القوالب بشكل مميز، مثلما شرحت سابقًا بتداخل «Commander» مع «Warriors» ليعطيه الهواء، والصاعقة مهارات فيزيائية، مما سيقلب لعبك كليًا بناءً على إحصاءات الشخصيات، والقوالب عند التوريث، وحتى ترتيب الصفوف في أرض المعركة.

تطوير إحصاءات البطل عائد لك، كما اعتدنا في «SMT» منذ أول أجزائها، ونصفه يتطور تلقائيًا كـ«SMT V»، والآخر باختيارك لتبنيه بحسب تفضيلك، وطريقة لعبك، مع اختيار البدء المؤثر على تقدمه الأولي.

الإحصاءات وتقسيماتها من الأشياء المهملة في بعض ألعاب التصنيف، وإن كانت سليمة مع نوعية التصميم (كما الحال هنا)، فيمكن البناء عليها في خيارات التخصيص، التي حتى هي لن تخدم اللعبة دون أساس قوي يستغلها بتميز، فهي كما ذكرت “مكمل” يكمل القتال وقوته.

الخيارات تجمع عدة امتيازات من أنظمة التصنيف، وتطبقها بأفضل حلة ممكنة، تنقسم شاشة التخصيص إلى أربعة: أسلحة، دروع، عتاد، اكسسوارات.

لكل نسل سلاح، متبنين إحدى العناصر الفيزيائية الثلاثة «Strike – Slash – Pierce»، الغاية من تعدد الأسلحة بالنسبة إلى عدد العناصر هي وزن  قدراتهم الإضافية «Additional Effects»، بجانب فائدتهم لتنوع لعب «الأكشن».

للدروع ثلاثة أشكال: عادي، ومدرع، وعباءة. المدرع حصري للأنسال الفيزيائية «Warriors, Knight, Berserker»، أما العادي فيلائم الجميع، والعباءة للأنسال السحرية «Mage, Healer, Masked Dancer, Summoner»، وتمامًا كالأسلحة في غايتها، وهكذا الحال مع العتاد، في حين تختلف الاكسسوارات في بعض أنواعها عما سبق نفس وجود «Accessory Skills»، و«Masks».

جميعهم يرفعون الدفاع، والسرعة، لكن يتميز بعضها بتأثيرات خاصة مع رفع إحصاءات معينة، وتختلف بعض هذه التأثيرات بحسب النسل، فتجد الدرع نفسه، أو العتاد بنسل يمنع «Status Ailment»، وبآخر يقوي «Buff»، وبآخر يقوم بشيء مختلف. 

تصل حتى أربعة إلى خمس تأثيرات مختلفة أو أكثر، مما يصقل خيارات التخصيص، ويجعلها أكثر حيرة، وحرية، واستراتيجية، واتزانًا.

هل ستسد نقاط ضعفك «Low Basic Stats»؟ أم ستزيد القوي قوة؟ أم ستعوض ما تسلبه إحصاءات بعض القوالب أو الشخصيات؟ أم ستركز على القدرات الخاصة؟ أم توازن بين القدرات والإحصاءات؟ كل هذه التساؤلات تنتج من كثرة الخيارات، التي أعطاها التصميم أهمية، وقيمة.

لا سيما في المستوى الصعب الذي يتضح فيه روعة خياراته، ووزنه. وأنصح شخصيًا به لأن بلورة الأعداء المضافة غيرت الكثير بشكل رائع ومتزن، سواء الأعداء المتعددين أو المنفردين، وليس مجرد رفع ضرر وخفضه.

كمية الخيارات مرعبة، فعند مرحلة ما قرب النهاية سيجد كل لاعب أنه سلك مسلكًا مختلفًا عن الآخر من كثرتها، وهذا تمامًا ما طمح إليه المخرج، وأجاد فيه بفرادة.

كل مهارة تشتريها تتمكن من توريثها، وذلك أيضًا من خيارات التخصيص، ومعرفة توزيع فريقك وفقًا للمطلوب من عناصر، ومقاومات، و«Synthesis»، وحتى «Passives» فريدة.

وعلى سيرة «Passives» هناك التقليدي الجيد منها، كدعم بداية المعركة، وما يتعلق بعلل «Status Ailment»، وهناك المميز منها، مثل مضاعفة التأثير بتواجد قوالب من النسل نفسه في أرض المعركة.

التي تتضاعف تأثيرها بوجود نسل آخر رائعة، وفوقها متعددة الأفكار بمهاراتها من زيادة تأثير التقويات، والعلاجات، واستعادة «MP»، لكن الأهم أن وجوده لا ينحصر على قالب، أو نسل معين، وإنما يتناغم مع فكرة التوريث لتتمكن من الاستفادة من مفعولها في قالب آخر، وكذلك لا تتطلب القالب نفسه، وإنما تواجد النسل نفسه كافٍ لمضاعفة تأثيرها، مما أجده قرارًا رائعًا ساهم بتوسيع آفاق التخطيط.

يُذكر أن هناك «Passives» يتلاعب بالقوانين بشكل مميز، كسلب بلورات الأعداء عند التفادي، وغيرها الكثير الكثير، ويمكن الاستفادة منها بعدة صور، وتوظيفها لتكون أسلحة فتّاكة، مع الحفاظ على وزن اللعبة من خلال حدها، وتوزيعها على القوالب، وكذلك محدودية خانات التوريث، وعددهم بالنسبة إلى تقدمك.

إضافةً إلى ذلك، هناك خاصية «Traveller Voice» التي تُعد نسخة مطورة من خواص الشبكة التي بدأت في «Persona 4 Golden»، ومنها ترى خلطات اللاعبين الذين أكملوا بها كل مهمة وتتولد لك أفكارًا عليها.

على الرغم من روعة وتنوع الخلطات، إلا أنك لا تستطيع رؤية «Equipment» الخاصة بهم، وهو شيء أجده ممتازًا لمنع الغش تمامًا، وبالوقت نفسه كان سيُظهر رعب الإمكانات، واختلاف اللعب بين الواحد والآخر، إلى درجة سيصعب فيها  تشابه اختيار المعدات، والأسلحة، و«Backup Party»، حتى لو تشابهت اختيارات القوالب.

اقتراحي أن يكون ظهور «Equipment» حصريًا للمستويين وسط – سهل، وغير بارز على «Hard».

تصميم الأعداء Enemy Design 

صلابة الأسس وقوة الآليات، واتساع التخصيص، وتميز القوانين، بحاجة إلى تصميم أعداء وزعماء بارع يستغلهم، ويصعب ذلك إلا على الخبير الكفء، فهل اجتازت «Metaphor» التحدي؟

ما من تصميم أعداء يستغل هذه الأفكار أقوى من تصميم «SMT» الممتاز، فتعدد مقاومات كلٍ منهم، وقيمتها على «Press Turn» رائعة، علمًا بأنه لا إضافات تُذكر عليه إلا أنه متين، وصعب التطبيق بهذه القوة.

ويميز نظامها قيمة خلطات الأعداء المختلفة التي تمنع الرتابة، وتعطي قيمة للمهارات الفردية، والجماعية، ومهارات أخرى كـ”إعطاء نقطة ضعف لمرة”، لكن أسيقبلها العدو أصلًا؟

لقد أحسنوا بتوزيعهم في المغارات لدفعك إلى التغير باستمرار، أو تهيئة تشكيلة لمغارة ما، وعند الزعماء تغيرها مجددًا. ولا وجود لصح أو خطأ، بل كما شُرح سابقًا بالإمكان الإبداع، والابتكار كما ترغب، بشرط امتلاك “خطة” متكاملة بناءً على مقاومات الأعداء، وتشكيلاتهم، وحتى حركاتهم.

كثيرًا ما تهتم ألعاب التصنيف بحركات الأعداء لتجعلها مختلفة “شكليًا” دون قيمة لعب، فيفترض أن يكون لهذا الاختلاف غاية لطريقة لعبك، وهذا من مزايا «SMT» عادة، بداية مع عناصر حركاتهم التي تتأثر بحسب القالب المهيأ «Equipped Archetype»، لتميز كل قالب تضعه بمقاوماته من نقاط قوة، وضعف تغير استجابة مستخدمها لمختلف الضربات الذي بناء عليه يقلب الموازين ويغير من خططك.

لا وجود لمقاومات شديدة في القوالب، لأنه مهما بلغت أعدادها، فلن تصل لمئات الشياطين كما في «SMT»، وبالتالي لو وُجدت مقاومات امتصاص الضربات، أو ردعها، أو صدها لسهّل صنع خطة مضادة لتحركات الأعداء، وبدلًا منها يوجد مهارات مكلفة تؤدي واجبها وهو قرار سليم آخر يظهر فهم المطورين بالفرق بين نظام الشياطين والقوالب، وما يترتب على ذلك من تغيرات.

من حسن تصميمهم أيضًا إعطائهم قيمة للعلل «Status Ailment»، عدا عن القوانين التي كرمته بالحد من قوانين اللعب أثناءها عدى عن تأثيراتها المعتادة، فتجد أعداء مثل الصندوق يركز على تنويم الفريق، وبالتالي تلجأ لتغير اكسسواراتك لتضع اكسسوارات ضد النوم، وهكذا الحال بحسب العدو أو الزعيم.

أحيانًا تعطي خلطات أعداء علتين، فلا تستطيع تغطيتهما باكسسوارات، وهنا لا بد أن تفكر كيف تتخلص من الأول، وكيف تدافع بمن تخشى عليه من العلة لعدم قدرتك على استخدام المهارات المركبة فيه إن أصابته، أو التضحية بخطة معينة من أجل تهيأة معالج للعل مثلًا.

الجديد في تصميمهم للسلسلة وجود استجابة مع أو ضد أنسال معينة، كثَيَرَان إحداهم بتواجد «Mage – Healer»، أو تأثر آخر عند إصابته بضربات النقود، وهذا يضيف أبعادًا لطيفة، لكن استخدام هذه المقاومات المميزة قليل نسبيًا في اللعبة، وغالبًا محصور في المغارات الجانبية. أما عن الميزة الأخرى فأدخرها لفقرة «الأكشن».

يذكر أن أفكار الأعداء المميزة ومقاوماتهم أحيانًا تكشفها من تجّار المعلومات في المدن، وهي من الأمور اللطيفة التي عليك الاهتمام بها لتوفيرها وقتًا عليك، بالتالي جعل جل اهتمامك منصبًا على التشكيلات وإعدادها، أكثر من “التجربة والفشل”، وهو ليس ضرورة توجه خطأ، لكني أؤيد وجود أدوات، ووسائل توفر وقت كشف نقاط ضعفهم للتركيز على الأهم وهو صنع خطة واستغلال اللعب، أكثر من مجرد الإخفاق والتجربة، لا سيما إن كان اللعب احترافيًا أكثر ولا عيب بالتوجهين.

الزعماء Bosses

الزعماء هم قاعة اختبار اللاعب، ومدى فهمه، وإتقانه لنظام القتال، وخيارات التخصيص، وما إذا كان مستعدًا للانتقال إلى المرحلة التالية من اللعب، وهنا حيث يبرز صلابة التصميم، واللعب، فإن أخفق أحدهما، نقص الآخر.

للزعماء أشكال، وألوان، الرؤوس التي تصطادها «Bounties»، نهاية المغارات أو المهام الجانبية «Sub/Mini Boss»، الزعماء الاختيارين، أو بأوقات مباغتة في القصة، قتالات المرشحين «Candidate Fights»،  القتالات المتطلبة لأعضاء معينين بالفريق، وغيرهم يشكّلون تنوعًا رائع لاسيما تمكن اللعبة من وضع بصمة تفرقهم عن بعض.

ليس بالضرورة أن تكون أفكارهم مبتكرة، لكن يكفي إجادتهم بجعل اللاعب يخطط لهم مسبقًا، ويعد خطة تغير لعبه بالكامل لهزيمة أحدهم، وهذا ينطبق على كافة أنواعهم، التي بالرغم من هول كميتها إلا أنها جميعًا مختلفة قطعًا عن بعضها البعض، وهذه بذاتها ميزة عظيمة.

فمنهم الذي يتطلب هزيمة متعددة معًا، وإلا تتضاعف حركاته ويزداد شراسة، أو تدخل معه معركة تقوية وتضعيف، أو الذي يكمل صحته وعليك التخلص منه بسرعة وبالغالب ستلجأ لاستخدام «Synthesis»، وما ذلك إلا غيض من فيض… يتيح لك تصميمهم حل عقدهم بطرق عدة بمجرد تكوين “خطة محكمة” تتناسب مع فكرتهم.

ويعتني تصميمهم ايضًا بالموازنة بين كافة أركان القتال من هجوم، ودفاع، ودعم، فتجد نفسك أحيانًا ضمنت العلاجات والدعم، لكن الهجوم ضعيف، وعلى المدى البعيد ستنفذ طاقة «MP» الشخصيات قبل أن تنهيه، وبالتالي تفشل خطتك. موازنة هذه النقاط الثلاثة مع تركيز معارك معينة على جانب أكثر من الآخر هو ما يجعل لخيارات التخصيص وإمكانية الإبتكار متعة ووزن لتعطيك حرية، بنفس الوقت يكون عندك أسس تهتم بها وتجبرك أن تنوع أيًا ما يكن إبتكارك.

الرئيسيون أكثر ابتكارًا بأفكارهم، ولا أود إفسادها لخروج العديد منها عن المألوف، واستغلالهم للزينات الشكلية في تبسيط أفكارها على اللاعب، وخاصة الزعماء البشريين المستوحى تصميمهم من رسومات «Hieronymus Bosch» التي أعطتهم تميزًا عالي الجودة، وتمكنوا من إحياء هذه التصاميم بشكل بديع. ويتضح تأثر بعضهم بزعماء أيقونيين سابقين من ألعاب الشركة، لكن بتطبيق مختلف مثل الزعيم الذي يلي نهاية المغارة الضخمة الثالثة.

طول صحتهم «HP» موازٍ لتحوراتهم «Phases»، لتضمن أن يبني اللاعب خطة باستغلال كافة خيارات اللعب، وتعقيداته حينها لهزيمتها، فهي تتبع منهجية كون الكثير من الخطط قد ينفع مع الزعيم نفسه، لكن تحوراته، وطول صحته تطيل المعركة، فهل خطتك متينة حتى آخرها؟

حركاتهم موزونة، وعادلة، فقبل تنفيذ الخارق منها، أو نسف صف، يمهد، وستعرف نوعية حركاته، ونمطها برتم مدروس، وغير عشوائي يساعدك على دراستهم، ورسم خطط ضدهم، أو حتى الإطلاع على مهاراتهم أيضًا، قد تجد خلطة مثالية لزعيم ما، لكنك ستغيرها ريثما تصل إلى الذي يليه، وكلما خططت أفضل، كلما تمكّنت من السيطرة على النظام، ومواجهتهم بشكل أسلس مهما خفُضَ مستواك بهم كما اعتدنا من أنظمة «Press Turn»، وألعاب «Katsura Hashino».

ذات مرة هزمت إحداهم الذي كان يعلوا عني بنحو 15 مستوى، فقط بالتشكيلة الصحيحة، والخطة السليمة، والإدارة الجيدة لن يعيقك شيء.

أما لو سأستطرد بالحديث عن الزعماء الجانبيون وروعتهم فلن أنتهي. كثيرًا ما تخفق ألعاب التصنيف بهم، إما برتابة نمطهم، أو تكرار إستراتيجيات قتالهم، وهذا ما تفادته «Metaphor»، وأبدعت به بامتياز يُدرس بالعناصر المذكورة أعلاه، وبتنوع أفكارهم، واستغلالهم للعب إلى درجة ترغّبك بالذهاب إليهم ومجابهتهم، وهم كذلك مكب استراتيجيات حيث ترمي تجاربك، وتختبر خططك، وتدرس وجهاتك للتطويرات فيهم.

معارك الأكشن/الساحة Action/Field Battles

يعتقد البعض أن تصنيف اللعبة ينقسم لتبادل أدوار «Turn-Based»، واشتباك حي «Action»، إلا أنه ليس إلا مكملًا/مغيرًا للجو. تمامًا كتجسس «Persona 5»، يغير جو اللاعب بآليات بسيطة بعد المعارك المتتالية لمنع الضجر، وكذلك يتيح المجال للتفريم «Grinding» بسرعة مثل قدرة القتل الفوري «Insta Kill» في «Persona 5».

ما لم أفكر به أن يتشابه «الأكشن» مع «Persona 3»، ويطوره، سواء في تصميم الأعداء في الساحة، أو أبعاد الأسلحة بحوزتك.

الأعداء منوعون لدرجة الامتياز بالنسبة إلى مكمل، وكافٍ للخلط بينهم، وتوزيعهم بعدة صور. الأسد الشرس، الثعبان السريع، المتفجر، وإلخ… ميزة تصميمهم أن كل عدو له تحركات «بالأكشن»، وتبادل الأدوار، وكذلك تحويل الزعماء الاختياريين مع الوقت إلى أعداء عاديين تجابههم في المغارات الجانبية.

ذكاءهم الإصطناعي جيد أيضًا في تعاونهم مع بعض، وتوزيعهم حولك، وكذلك ضربهم ضربات بحسب موقعك إن كنت بعيدًا أم قريب. ليس بالشيء الثوري أو الخارق، لكنه مقبول كآلية تلطيفية.

للأسلحة أنواع، ولكلٍ منها عدو يناسبه اختياريًا، وتوظيفاتها: الثقيلة، والخفيفة، وواسعة المدى، والاختلافات الاعتيادية. تمتاز بسلاح في كل نسل تضعه، ميزته أن دخولك المعركة سيحد «Melee Attack» عندك، ويثبّت مقاومتك وإحصاءاتك بناءً على القالب، مما يضيف بُعدًا لتبديلها خلال اللعب.

زعيم جانبي بمغارة جانبية، يتحول لعدو في الساحة في مغارة جانبية لاحقة

«الأكشن» بسيط، و«الكومبوز» اعتيادية بوظائفها. والجيد أن توزيع الأزرار مريح في ربط «Lock-On» بـ«L1»، والمراوغة بـ«O»، وتعديل الكاميرا السريعة بـ«R3» لسهولة تبديل الإتجاهات، ودقة الحركة جيدة، ويسهل تغير اتجاه اللاعب حتى بين «الكومبوز» السريعة ريثما تنتهي الحركة في الأسلحة الخفيفة.

يوجد توظيف جيد للتحديد «Lock-On» في استخدامه كخطاف للانتقال الفوري للأعداء، ويمكن توظيفها بعدة صور كالهروب من الهجمات، أو اختصار الوقت بين الصغار. بُعد الكاميرا يخدم توجه «الأكشن»، كما هو الحال مع إخفاء العناصر التي قد تحجب الرؤية مما يبين فهم المصممين بالرغم من بساطته، ودوره كمكل.

مجابهة الأعداء في ميدان المعركة أِشبه بمبارزة، إصابتك لهم تتيح أولوية بدء المعركة لك، وتدويخهم لمدة دور بالإضافة إلى إضرارهمم (مما يعطيك 8 بلورات بالإجمال يمكن استثمارها حتى 16 دور)، والعكس بالعكس، دون حاجة لتدويخ فريقك عندئذ لأن الآلية لا تتفعل إلا للأعداء الأقوى بالأصل، وضرباتهم بالأصل فتّاكة.

لا تُطبق المبارزة على الأعداء ما دون مستواك، فلا يمكن تدويخهم، ولا يستطيعون مباغتتك، ولهذا أضافوا آلية تسمح ببدء المعركة من بعيد دون أفضليات، وتفيد قوانين المبارزة في إعطاء قيمة حتى لأبسط الأركان في التصميم، كما كان الحال مع تجسس «P5». 

كلما علا مستوى الأعداء، صعُبَ كسر درعهم بالميدان، ومن القوانين الجيدة أن ضربهم وهم دائخون داخل القتال قد يوقظهم، مما يزيد التفكير فيمن تصيب، وكيف تصيبه، وهل سيكفي ذلك لهزمه؟ أو ربما تستثمر البلورات الثماني لتجعل أول أربع للهجوم، وثاني أربع لضبط الدفاعات والاستعداد لإيقاظهم مثلًا.

عززت آلية النقاط الإضافية «Bonus» قيمة الإنهاء السريع، أو التركيز على عدم تلقي ضرر، واستغلال المعطيات بشكل كامل كي تحاول كسبها.

يتشابه الأساس مع «Trails Through Daybreak»، مع اختلافات جذرية بالتطبيق، والتوظيف، فهناك يعمل كنظام قتالي كامل، في حين هنا مجرد تلطيف جو مصاحب للتطبيق وغايات مختلفة عن تلك (مثل ربط الأسلحة بالقوالب التي لها مقاوماتها، وما إلى ذلك).

ضرب الأعداء من غير ملاحظتهم تكسر درعهم فورًا، أو تنقصه بشدة مما يعطي تحركاتهم، ورؤيتهم لك من عدمه قيمة. قوانين المعركة سليمة، فهي ضد اللعب الآمن «سبام»، فعدّاد كسر الدرع يتطلب الضرب المتتالي، وعدم التلكؤ، وإلا سيتجدد، وتضطر للإعادة، ويشجع على استخدام الأسلحة المناسبة إن أمكن.

توزيعهم بالعموم منوع، ما بين خلط أعداء ضعاف وأقوياء، أو خلط أنواع مع بعضها على شكل مميز بالبيئة، أو لغاية معينة، ويساعد على استعمال أفكار الاسلحة.

من أفضل الأمثلة على حسن خلطاتهم: اختلافهم بالحشود التي تولدهم، وباختلافها تختلف جوائزها، فإحداها يعطي نوع أموال أكثر، والآخر نوع نقاط أكثر، ولك كامل الحرية في التفريم عندهم في حال تجنبت كسر مركزهم.

وجدت ثغرة تعيد توليد الأعداء كلهم ما عدا الحشود المولّدة عند الذهاب إلى مكتبة «Ackademia» عند أقرب نقطة حفظ، وذلك يسرع من عمليات استعادة «MP» وغيرها في حال استدركت الأمور.

مع هذا يصعب أن تكسر اللعبة، أو تحوّل لون مستوى الأعداء  مهما قضيت “ساعات”، وهذا بناءً على تجربة شخصية، ولكنهم يتغيرون بسرعة عند إنهائك لمغارة قبل، أو بعد أخرى، ومهما تجنبت تبادل الأدوار، وحاولت هزمهم «بالأكشن»، فالجوائز تعادل نصف إلى ربع المعارك دون النقاط الإضافية الممكنة، مما أراه قدرة وزن رائعة، فلكل قانون وآلية غاية يساعدانها كافة أركان التصميم للحفاظ على قيمتها، وموقعها.

عملية التفريم ممتازة، فمهما علت لن تفيد بشيء دون خطة محكمة، وفي الوقت نفسه إن اضطررت لها فلن يكون لزيادة قواك وإنما غاية ما من كسب مهارات بعينها لتوريثها، أو ما شابه، نفس غايات ألعاب «SMT» بالتفريم.

أكثر ما يميز قتالات «الأكشن»، وتعدد الأسلحة، هي القدرات الحصرية لسلاح كل نسل، وتتلائم هذه القدرات مع ماهيتهم، وهذه بعض الأمثلة عليها:

  • سلاح «Mage» يعبئ 1 «MP» عند كل عدو تهزمه، أو تدوخه، ونطاقه يكون حول محيطه 360 درجة، لكنه يكون غير فعّال ضد الكلاب السريعة أو الأسود واستخدامه الأمثل عند الحشود البطيئة.
  • سلاح «Warrior» يزيل عنك قانون المبارزة، لكنه ثقيل بشدة وغير عملي للقتال فعليًا، ولكنه ممتاز للانتقال بسرعة بين المسافات الطويلة في المغارات مع ضمان عدم الاشتباك.
  • سلاح «Seeker» يكسر دروع الأعداء سريعًا وهو سلاح خفيف متوسط المدى مفيد جدًا مع أعداء «Elementa» النادرين سريعي الاختفاء.
  • سلاح «Marchant» يرفع المال عند التدويخ أو القتال، وهو محيطي متوسط السرعة.

تنوع أساليب الأسلحة ليس كل شيء، فالأهم أن استخدامك لها سيتغير حسب احتياجك لشيء معين، أو بناءً على تشكيلاتك داخل المعارك، أو نوع الأعداء الموجودين في مغارة ما، مما يعطيها تميزًا عن «الأكشن» الاعتيادي، ويجعلها مميزة.

«الأكشن» نقلة كبيرة عن أسلحة «Persona 3» بالآليات، وتصميم الأعداء، مع أفكار عدة تميزه، فهو متعدد التوظيفات بالرغم من بساطته، وكفيل بتغير الجو، وعادل تمامًا بين سرعتك وسرعة الأعداء مع حسن توزيعهم، وتحركاتهم بالنسبة إلى أنواعهم، وخلطاتهم.

مأخذي الوحيد هو محدودية تطور مهارات الأسلحة مع تقدم قوالب الأنسال، وهو ما لا يلائم باقي أركان اللعبة المتشعبة مع تقدمك، واقتراحي هو رفع كفاءة مهارة السلاح نفسه، كتعبئة 2، أو 3 «MP» عند التقدم بنسل «Mage»، أو دمج تأثير معين مرتبط بالنسل الآخر، فماذا لو أن قدرة سلاح «Commander» مُزجت مع سلاح «Warriors» في القالب الثاني منه؟ بما أنك لا تستطيع فتحه إلا بالتقدم في النسل الآخر.

ومع أني أجد تنوعهم كافٍ، إلا أنه كان  بالإمكان إنعاشهم بشكل أكبر بلمسات كهذه تبقيهم يتطورون حتى آخر لحظات اللعب، ولعل قدرات الأنسال الجديدة تنعشهم قليلًا لكن مشكلتي هي عند التقدم بنفس النسل.

يذكر أن نقاط ضعف الأعداء الفيزيائية ومقاوماتهم فعّالة «بالأكشن» وفادت آلية التدويخ، وتشجع على التنويع بمقدار يسير.

المغارات الرئيسة Main Dungeon

دائمًا ما تبهرني ألعاب «Katsura Hashino» بتصميم المغارات، فدومًا ما يتّبع فلسفات مختلفة في كل تصميم له، وتتراوح بين الممتاز، والرائع بلا استثناء، من «Soul Hackers 1»، و «SMT III»، إلى «Persona 3,4». وقمته الإبداعية التي تجلت في «Persona 5»، فأي منهجية تتبعها «Metaphor»، وأي جودة هي مغاراتها؟

على المغارات الإهتمام بآلياتها التفاعلية والألغاز التي تميزها عن بعض، وثم تعتني بتصاميم مختلفة حسب طوابعها لتنوِّع الاستكشاف وطرق التقدم، وتقوم إثره بتوزيع الأعداء والجوائز القيمة بما يتناسب مع الآلية الفرعية الموضوعة لهن.

وتوازن بين كافة الجوانب المذكورة بإيقاع يميزها عن بعض ايضًا. وكلما مزجتهن بامتياز وتناغم أعلى، وكانت مبتكرة بخلطتهن، علت جودتها. ولا ضرورة أن يرفع حسنها من جودة اللعبة، أو يخفض سوءها منه، ما لم يكن إستثنائيًا للغاية. فهي بالنهاية حلقة ربط بين اللاعب والمعارك تعمل كملطف جو له، وتزيد التصميم العام كثافة.

تنقسم المغارات إلى قسمين: رئيسية، وجانبية، وهذا أول مخاوفي تجاهها، خاصة بترويجها كصاحبة أكثر عدد مغارات للعبة «Atlus»، أليس ذلك بمدعاة للقلق؟ لا سيما بعد «P5» التي احتوت أروع التصاميم والأفكار في كل واحدة، وكانت مركزة دون تشتتات جانبية.

الرئيسية تتبع النهج الآتي: مغارة رئيسية ضخمة، وتليها رئيسية صغيرة، وبينهما جانبية تنفذها وفق اختيارك، وهو توجه مميز لألعابه وممتاز لفكرة التجوال. ولو أن كثرة المغارات الجانبية أدت للتضحية بعدد المغارات الكبيرة التي أعدها الأفضل؛ ومع احترامي للتوجه الذي اتخذه المخرج، أتمنى مستقبلًا زيادة عددها بواحدة أو اثنتين على الأقل.

وأرجح أن سبب ذلك محدودية الميزانية لا سيما أنه في جزئية معينة قرب النهاية ستشعر كأن هناك مغارتين كاملتين حُذفتا، علاوة على ذلك يحدث تخبط طفيف فيما يليها من أحداث قصصية لتملأ الأيام المتبقية وتنقلك للفصل الأخير دون بناء كافٍ له.

ومع أن مبرره الإنتقالي جيد، إلا أنه يتضح التدهور إما لمحدودية الميزانية، وإما لضيق الوقت؛ إلى درجة أن المغارة الأخيرة الكبيرة نفسها، وجزئيتها بهما آثار لذلك أيضًا رغم جودتهم العالية.

تتنوع المغارات بتفاعلاتها وألغازها التي تميزها عن بعض، وتتلاءم مع ماهيتها لتعطي انسجام للاعب في استكشافها، فتارة تجد نفسك تخفض مستوى المياه وسط المجاري، وتارة أخرى تتسابق مع الوقت لتخرج من مكان معين، وقد أبدع المخرج كعادته فيها.

تتعدد آليات المغارات الكبيرة، بينما تقتصر الصغيرة على واحدة وغالبًا ما تشمل التغير في قوانين القتال بشكل تلطيقي ممتاز، عدى عن اختلاف فلسفات تصاميمها بما يتناسب مع أفكارها، كاثدرائية مناطقها واسعة ومتشابكة، بينما مجاري أو متاهة ضيقة، كما أن تصميمها يعطي المجال للعب «الأكشن» بشكل أكبر دون عائق، ويسمح بتشكيلات أعداء متنوعة تضفي تنوعًا على اللاعب، وأحيانًا تنسجم مع بيئة المغارة (كخروج الأسماك من المياه مثلًا).

غير أن تناغمها القصصي أدى لتنوع لعب، واستكشاف متناغم، فمثلًا تلاحق شخص في إحداها، بينما في أخرى تبحث عن وثيقة سرية، وفي أخرى تسعى للخروج بسرعة، مما أدى لتعدد التفاعل مع الآليات باللعب فأصبحت متناغمة قصصيًا، ومنوعة غيمبلاويًا، وغير رتيبة كأهداف.

كل ما يتعلق بالمغارات رائع ويخدم اللعب بقوة، ومميز كفاية لتغير الجو والحفاظ على الانعاش وقد أدت واجبها كمغارات «RPG» وبجودة غير مبتذلة أو اعتيادية، مع ذلك يتضح تأثير عدد المغارات الجانبية على عدد آلياتها وعمق تفاعلاتها، فرغم مستواها، لكنها لم ترتقي لجودة إستثنائية توازي «Persona 5» فيها، فلا زالت تفتقر لإبداع أعلى، وأكثر في التفاعلات والألغاز المؤدية لخلطات أميز بابتكارها، وأعلى بتناغاتها (خاصة في آخر ربع منها).

تتشارك المغارات الصغيرة مع الرئيسية بمزايا توزيع الأعداء والجوائز، وإلخ… وتتميز بتفرع طرقها تصميميًا أحيانًَا. وكلهم يتميزون برتم متزن بدمج أفكارهم، وتوزيعها على مدار اللعبة، الذي يتناسب مع طابعها، كالزعماء، ويختلف عن سلاسل الشركة الأخرى.

توزيع الأعداء ذكي، لتنوع غاياته، واختلاف توظيفه، سواء كخلطاتهم، أو كتوزيع، فمرة ترى جسرًا نهايته مجموعة كلاب بيضاء يصعب تجنبهم لحد ما، وفي الساحة تتوزع الكلاب بمفردها كي تجرب قتالهم وتتعلم نقاط ضعفهم وماهيتهم قبل مواجهة المجموعة.

ومنطقة أخرى يتجمع فيها الأسنان حول «Loot» قيم يمكن أخذه بدون مواجهتهم لكن لو بوغتت منهم فستعلق، أو تضطر للفة طويلة لتجنبهم مقابل أفكار أخرى. وتارة تجد تماثيل تتحرك، وتارة أخرى تخرج أسماك من حول مياه المجاري، وكل مجموعة أعداء بخلطتها وفكرة توزيعها مميزة لدرجة أن ذلك وحده يمكن كتابة جرائد على بداعته، وكسره الرتم، وتغيره الجو، ورفعه جودة تناغمات المغارة.

توزيع الغنائم، والكنوز ممتاز ايضًا، لسهولة رؤيته (لقوة التصميم البصري)، ومشقة الوصول إليه أحيانًا، أو تطلبه سلوك مسالك جانبية أو التأقلم مع نوعية التصميم (تجسس – نفاذ الوقت) عدى عن جوائزه القيمة ايضًا.

أنواع الغرف الآمنة تذكرني بكلا من «SMT III – DDS»، إحداها للحفظ السريع، والأخرى للانتقال بين الأماكن، مع فرق أن «Metaphor» متساهلة أكثر مع الصغيرة، وتتيح المجال للعودة إلى المدخل.

بعيدًا عن تصميم اللعب، فجودة مكملات المغارات جزءًا هامًا لا غنى عنه من صنع جو للاعب، وتشمل القصة، والموسيقى، والبصريات، وتختلف أركان الحكم عليها باختلاف توجه كل لعبة وتركيزها.

لطالما أجاد المخرج بألعابه كلها، حتى بلغ قمته الإستثنائية في «Persona 5»، وبعيدًا عنها فدومًا ما كان يبدع بتنوع البيئات وتلوينها ليكون لا جميلًا بل منوعًا، ومميزًا، ومتناغمًا بين بعضه، ليضرب بذلك إجادات عدة بكل جانب منها.

لا تخرج «Metaphor» من نطاق تميزه على الصعيد التناغمي بين القصة واللعب، فأحداثها شيقة، ومتنوعة في التوظيف بين أحداث رئيسة، وسيناريوهات تلطيفية، وأهداف تولد أفكار لعب حميدة، ولا تبعد عن القوة الموسيقية الشجية فائقة الطراز الفني المعبر عنها، والمميز لكل مغارة عن الأخرى وبين أقرانها بتصنيفها، لتعطيهم طابعهم الخاص، حقًا إبداع فاخر.

التصميم الرسومي بالأصل مميز، والتلوين جميل، دون أن يشز عن هدفه في اللعبة بإرشاد اللاعب، وعدم إتعاب نظره، والفلاتر متنوعة ورائعة بلمسات كل واحدة المبدعة مع مزج الألوان، كما يوجد تنوع بالأماكن كافي لجعل البصريات رائعة.

لكن لعلهم هذه المرة وقعوا في نقص يمنعها من الإرتقاء لموازاة قمم المخرج، فبعد 60% من المغارات يبدأ مزج ألوان المغارات العام، وخامات الأراضي، والإضاءات تتشابه بها، وتتلابس بين بعضها في بعض المناطق، لكن تبقى هناك بصريات أخرى رائعة تميزها وأشك أن الميزانية أو ضيق الوقت كانا خلف ذلك.

خيالها البصري جيد ايضًا، وبه لمسات امتياز عامة كقزاز «Magla» وآثار الخطوات، والفلاتر، ومع ذلك أجد أنها بحاجة لخيال أكثر يميز مغاراتها ومناطقها عن بعض، ومن هذه الناحية أراها ضحلة قليلًا مقارنة بما اعتدنا عليه، ومع الملاحظة السابقة، يبعدها ذلك عن الوصول لجودة إستثنائية عالية، دون أن يخرجها من نطاق الامتياز بصريًا. 

المغارات الجانبية Side Dungeons

بدرجة أقل من الرئيسية تأتي المغارات الجانبية الأصغر حجمًا حاملة في طياتها أفكارًا مختلفة، ومتاهات منوعة، وتتراوح جودتها بين الجيد والرائع بمتوسط جيد جدًا.

إحداها تعتمد على السقوط من الحفر، وأخرى فتح الزنازن، يعيبها فقط عدم تميزها بآليات خاصة كالرئيسية، لكن تصميمها متين بالنسبة لمغارات جانبية في ظل معاناة أغلب ألعاب التصنيف من تدهور، وتكرار فيها، خاصة مع وجود تداخلات كثيرة خلف تصميم طرق التنقل إليها، وما تواجه من أعداء وزعماء خلالها.

تنقسم المغارات لنوعين: مغلقة كالمتاهات، ومفتوحة كالغابات. 

المغلقة رائعة في تنوع تصاميمها، أحدها خالي من الأعداء تقريبًا، ويعتمد على الصناديق المفخخة، وعليك البحث عن المفتاح المؤدي للزعيم، وكل واحدة لها فكرة لطيفة، وتداخلاتها مع بعضها في الطوابق والأبواب والحفر والأبعاد. وكلها كأنها ألغاز متنوعة يضفي عليها طابع «الكلاسيكية» وتتميز بتنوع الأفكار، وتفرقتها عن الرئيسية، وبداعة مواجهاتها الاستراتيجية المنوعة. كما أنها مبدعة في البصريات بدرجة أقل من القصة، ونفس نقاط الإبداع، مع بروز تشابهات بصرية وشح بالخيال أكبر خاصة في النصف الثاني من اللعبة.

المناطق المفتوحة متشابهة بنهجها التصميمي وكنت أؤيد لو كانت مولدة تلقائيًا. لكن تحافظ على درجة قيمة محتواها من أعداء وجوائز، تتميز بمواجهات زعمائها الدسمين، وايضًا فكرة هزيمة خلطات مختلفة صغيرة قبل ظهور الرئيسي الفاخر، ولها جو مختلف عن باقي المغارات، ومتزنة في توزيعها على مدار اللعبة. 

جوائزهم قيمة من صناديق، و«Loots» تقدم معدات بقدرات فعّالة بشدة، وخلطات مميزة لأعدائها في المعارك وفي توزيعها المتنوع علمًا بأنها لا تقدم أنواعًا جديدة منهم، وتختتم بزعيم قوي ومميز بأفكاره في كل مرة كما تنغمت في وصف جودتهم سابقًا.

كل ذلك يجعل من المغارات الجانبية شيقة الاستكشاف، وقيّمة المضمون غير متكررة وإن تشابهت أشكالها أحيانًا.

قد أحسن «Atsushi Watanabe» صنعًا بقيادة تخطيطهم، ولمن لا يعرفه فقد كان واحدًا من المصممين الرئيسيين في أغلب ألعاب المخرج، وخاصة «P4,5 Catherine». يميز المغارات الجانبية تداخلها مع المحاكاة، وتوزيعها على الخارطة بشكل رائع، ويربط الجوانب ببعضها بقوة، ف«Metaphor» أكثر من مجرد لعبة تبادل أدوار واستكشاف مغارات، والجانب الآخر منها جزء لا يتجزأ من هويتها التي أعطت هندستها تميزًا عالي.

المحاكاة Simulation

تحتذي «Metaphor» بخطى «Persona» في أساس هندسة المحاكاة الممزوج مع جانب تقمص الأدوار، متبنية نظام التقويم الثوري الذي ابتكرته «P3»، موظفة إياه لأمور أخرى تعطي العنوان استقلالية هويته الخاصة، فما الذي فعلته؟ وكيف يمكن ألا تكون مجرد إعادة هيكلة، أو «Persona 6» مختبأة باسم زائف؟

يتقيد تقدمك بالمغارات والقتالات على جدول المحاكاة، لتربط ركني التصميم ببعضهما إرتباطًا وثيقًا. وتتيح لك مجموعة من الأيام في كل فصل بأن تشغل شاغرها كيفما تشاء مع إكمال الهدف الرئيسي. وفيها ترفع مستويات مؤهلاتك الإجتماعية الخمس، أو ما يدعونه هنا بالخصال الملكية «Royal Virtues»، لتعقد روابط إجتماعية أو المسماة: التُبَّع «Followers».

يتطابق الأساس مع محاكاة «Persona» لكن يختلف ما سواه قطعًا عنها. فقد استغنى المصممون عن كل ما يميزه من عمق وتداخلات استراتيجية، واستبدلوها بعناصر أخرى بوظائف مختلفة.

فلا يؤثر الطقس على الأنشطة، ولا الأنشطة ببعضها، ولا الأيام عليها، أو قدرات التُبَّع تجاهها، بالمقابل ينصب تركيزك كاملًا على تنفيذ المهام الجانبية «Quests» لرفع مؤهلاتك، مما يتداخل مباشرة مع الجانب الآخر ليجعلك ترفع الخصال في تقمص الأدوار أكثر مما ترفعها في أنشطة المحاكاة وهذا الاختلاف وحده يعكس تصميمها تمامًا عن «Persona».

تتنوع المهام الجانبية بين اصطياد، وبحث، وتجارة، وإلخ… لكنها تتميز ببُعد وجهاتها التي تضطرك لاستغلال آلية التنقل، ومنها تتداخل مع بعضها لتشجعك على قبول الممكن بنفس الرحلة كي لا تضطر لتضيع وقت بالعودة إليها لاحقًا، وإثرها ترتبط بعدة روابط، أو خصال لتكوِّن تداخلًا مميز لها ومختلف عن المعتاد.

كما أنها تربط بين أركان اللعبة بقوة وامتياز، فتجد مهمة صيد رؤوس ترتبط مع طلب تُبَّع، ومهمة تجارة من قرية مجاورة، فتكسب في آنٍ واحد أغراض تخصيص قيمة، وترفع خصال تفتح بها تُبَّعًا أخر، وتكمل قصة تابع قد بدأتها. كما أن رتمها منوع للغاية بفضل تنوع المهام الجانبية نفسها، وتعدد طرق التقدم بالتُبَّع، فتجد مهمة صيد تفتح لك مهمة أخرى تربطك بمغارة سابقة بالقصة، وخلالها تأخذ قطعة تفيدك بتقدمك في أحد التُبَّع مثلًا مع رفع خصال وجوائز أخرى.

أو تجد تُبَّعًا يرتبط إكماله بالتنقل وبالتالي تتشجع على أخذ الوجهات الجانبية الأخرى، وهو ما يلاءم التصميم الذي يعتمد على ذلك، والمكافئ بالخصال التي تفتح تُبَّعًا أخرى، فكل جزء من تصميم أماكن المهام الجانبية، وترابطاتها مع أركان المحاكاة عبقري ويشجع بعضها البعض بالتنفيذ.

لبعضها مهلة زمنية تشجعك أكثر على التقييد بمهام كل جزئية قصصية، وكنت لأؤيد وجود مهلات لجميعها، لكن وزنها وقيمة جوائزها بالنسبة لوقتها والتحدي الذي تشكله كافي.

رفعك خصال معينة لمستوى كافٍ، يمنحك القدرة على عقد روابط تُبَّع تعطيك جوائز مختلفة، تمامًا كـ«Persona» إلا أنها تختلف بآلية عملها وجوائزها، فهي أبسط بكثير، دون الحاجة لامتلاكك وحش من نفس الفصيلة، أو الإكتراث لخياراتك كي لا تفسد جدولك، وتكتفي بأن تعطيك أموال «MAG» إضافية المرتبطة بشراء الوحوش، ومهارات التوريث (التي تكسبها من أي معركة).

يميزها تعدد طرق التقدم بها لتتناغم مع كافة الجوانب بعبقرية، وبنفس الوقت تزن اللعبة، فالذي يتطلب تنويع بالقوالب يحثك على تجربة الجديد منها، ويساعدك ببناء استراتيجيات وفوقها يكافئك بقوالب جديدة.

أما الذي تصادمه أثناء رحلاتك يحثك على إتخاذ الوجهات الجانبية، والذي يطلب قطعًا في المغارات الجانبية يشجعك على تنفيذ مهام أهل المدن، وصيد الرؤوس، ومستويات شخصيات فريقك التي تطلب أن تكون أثناء رحلة تجعلك تقضي أوقاتك بالرحلات، وغيرها تجد أنها جميعًا تشجع بعضها، ومع نظام الأيام يشجعك أكثر عليها.

عددهم تقلص للنصف، ومستوياتهم للثمانية بدل العشرة. بالمقابل جوائزهم دسمة لأنها نظام التطوير بذاته، والرابط بين الأنسال والقوالب، عكس قدرات «Persona» التي تفك أزمات كمكملات للتخطيط، فنجد أنها صعبة الفتح لكن سهلة الاستخدام، بينما هنا سهلة الفتح صعبة الاستخدام. -المقصد كجهد وتداخلات وليس كصعوبة بالضرورة.

لا تنحصر جوائزهم على القوالب، مع أنها الأدسم، لكن هناك العديد من الأمور الأخرى المهمة ايضًا مثل التخفيضات، وتطوير خانات التوريث، وقدرات الشخصيات بالمعارك، ولاختلاف عدد قوالب الأنسال بين الاثنين والأربعة، تجد روابط تركز أكثر على قدرات متنوعة، بينما أخرى على القوالب، ويختلف رتم وترتيب الجوائز ليكسر الرتم، ويزن اللعبة، وينوع بالجوائز بشكل رائع يتلاءم مع طابع المغامرة والحاجة لإنعاشات مستمرة كهذه.

بعض الجوائز مفيدة بشكل غير مباشر، مثل الرابطة التي تتطلع قطعًا من المغارة الجانبية، والأخرى التي تحثك على التنويع، كلاهما كلما تقدمت بهم أعطوك أداة «Item» بها نقاط تستخدمها في القوالب لتسرع تطويرها، ولكم أن تتخيلوا كيف يمكن أن تساهم بالتخطيط في المحاكاة، فمثلًا أحد الأيام لم يكن عندي سوى رابطة تُبَّع تتطلب خصلة «Imagination» مستوى 3، وكنت أدنى من مستواها بقليل، ولم يكن عندي سوى أنشطة المدن التي لا تكمل شيئًا لأنها بالأصل «Bonus».

فهنا استخدمت الأدوات التي اكتستبها من التُبَّع لأتقدم في تُبَّع لا يتطلب وقت ويرفعها، ومن ثم عدت ونفذت الرابطة الطالبة لل«Imagination» التي إثرها كسبت نقاط «Tolrence» وأًصبحت رابطة تُبَّع أخرى قابلة للإكمال إثر ذلك، فتمكنت من إنجاز شيئًا بيوم واحد كان من الممكن دون هذه الأدوات أن انجزه في يومان أو ثلاثة.

ايضًا الأدوات التي تكسبها موزعة لتزيد من حرية استخدامك على على عدة قوالب أو قالبًا واحد، وهذا من روعة التصميم أيضًا. كل رابطة تُبَّع، وكل جائزة من جوائزهم، ومهامهم المتطلبة، والوجهات تفيد بعضها بذكاء.

جداول أصحاب الروابط وتواجدهم ليلًا أو نهارًا كإبداع «Persona» موجود، مع إضافة قيمة لوقت التنقل ببعض مستوياتهم لتشجعك أكثر عليه، وعلى ذلك يكون التنقل عنصرًا محوري يربط الأركان السابقة ببعضها، ويميزها عن «Persona».

من الأركان الأكثر تميزًا في «Metaphor» عن باقي عناوين الشركة هو التنقل، ومع أنه غير جديد كفكرة كما رأيناه بعدد من العناوين مثل «Suikoden Tierkreis»، إلا أن ربطه مع نظام التقويم المتين نتج بمزيج عبقري يستحق المصممون الثناء عليه، فقد نتج عنه تجربة رباعية الأبعاد أصيلة.

معظم مهامك الجانبية ستضطرك للسفر الذي خلاله تقضي وقتك كيفما تشاء بين أنشطة المركبة والأشخاص، فتقرأ الكتب أو تقضيه معهم لترفع خصلة معينة بمقدار معين بحسب موقعك في القصة، ولتشجيعك أكثر على السفر فتسمح اللعبة بقضاء نشاط نهاري في الأيام التي تصل فيها إلى وجهتك، فتستفيد من نشاط، بالإضافة لوجهتك، مما يعطي الرحل أولوية.

خاصة أن المغارات بالأصل تستهلك اليوم أكمله، فمع المركبة أصبحت تقوم بنشاط نهاري قبل أن تستهلك يومك، مما يغير الحسبة، وكذلك يعطى قيمة لطيفة بين مغارات الموجودة بالمدن عن تلك البعيدة. 

تتوسع الأنشطة المتاحة مع تقدمك لتزيد خياراتك، ومع أنك أغلب الوقت ستلجأ لإكمال الخصال، إلا أن اللعبة تتيح أنشطة تكميلية أخرى تفيد الجانب الآخر كرفع الحد الأقصى للـ«HP – MP»، والطهي الذي يتميز بآلية تشجع على تجربة وصفاته وتكافئ بشدة، وأحدها يرتبط بنوع بيئة معين ليعطيه قيمة جميلة، وغيرها من تنوع حميد بالرتم.

تذكرني المركبة بمخابئ بيرسونا «Hideout» كالسكن من الثالث، ومنزل الخال في الرابع، ومقهى الخامس، وكأنها مخبأ من بُعد خيالي قد أحسنوا فيه صنعًا.

لربما كررت مرادف “تنفيذ مهام جزئية ما” لأن معاملة اللعبة لكل هدف قصصي، وكل مدينة كأنها مرحلة، فيها تصميم محدد لخريطتها، ورتم، وأفكار تخصها بهذا الصدد، وهي متجددة حتى آخر لحظات اللعبة، ومبدعة في أفكارها، وتساعد أن تدرس وجهاتك وتأخذ كل المتاح. كما أن صراعات المنافسين موزعة بإحكام بينها، وبين المغارات والبلدان الصغيرة لتغني التصميم بطريقة مميزة وبتقدم ثري لا ينحصر على المغارات فقط.

تارة منطقتان يؤديا لنفس البرج بحيث تختار سبيل البدء والعودة كيفما تشاء، وتارة تجد نفسك في قوقعة بحرية دائرية، وكل مرحلة تضعك في تحد مختلف بتوزيع المناطق الممتاز لها.

وهي ايضًا حيث تكمن أهمية الطقس ودراسته قبل أي رحلة، لأنه بخلاف بيرسونا، الطقس سيغير لعبك كليًا في تقمص الأدوار لا المحاكاة. إن صادفتك أي نوع من العواصف، سيُزال تأثير نقاط الضعف على «Press Turn» كليًا، وعلاوة على ذلك يرفع من قوة الأعداء وشراستهم، مما يجعلك بلا تردد تتنفر من فكرة اللعب خلاله، بالمقابل يعطيك جوائز قيّمة عن المعتاد، وتلعب فيه بشكل مختلف تمامًا. 

فيصبح أداة وزن متينة مع كثرة المهام، واختلاف صعوبتها بحسب ترتيب تنفيذك لها، فلو نفذت مغارة جانبية قبل الرئيسية ستكون صعبة، ومتزنة، لكن لو نفذتها بعد ستصبح عكس ذلك تمامًا، وفوقها تقل قيمة جوائزها، فهنا يأتي دور الطقس ليعاقبك إن أسأت التخطيط بالأولى، ويكافئك لو تحملت عناءه بالثانية عدى عن وزنه اللعبة لك. 

تصميم المدن الخيالية أيقوني رائع، فالهندسات التصميمية لكلٍ منها مختلف، بتداخلاته واختصاراته، وطرق التنقل فيه، وحتى توزيع محلاته، وأنشطته، وما يمكن التفاعل معه من شخصيات ومهام، وغير ذلك، ناهيكم عن الأجواء والبصريات، والمناخ، والحيوية وأمور سنتطرق إليها بفقرات لاحقة. تمكنوا من إنشاء مدن أيقونية ترسخ بالذاكرة من جودتها وحيويتها.

لا عجب في روعة تصميمها، وعظمة كافة أركانها، والمبدع المسؤول عنها هو «Kazuma Kôda» الذي أبدع سابقًا في لعبة «Nier: Automata» بمناطق فريدة كذلك.

أنشطة المدن تعمل كمكملات «Bonus» ترفع فيه الخصال الناقصة حينما لا تجد ما تكمله من روابط تُبَّع أو رحلات تسافر إليها، وتبدأ بنقاط تعادل نصف ما تعطيه المهام الجانبية في كلٍ منها، لتصبح لاحقًا بمثل أو أعلى منها، مقابل توسع بعدد المهام الجانبية وتداخلاتها مع التُبَّع، وزيادة صعوبة اللعبة، مما يجعل هندستها فريدة عن «Persona» لتركز أكثر على إتزان الجانب الآخر وشجرة تطويره.

فهل ستركز على سد نقوصك؟ أم سترفع خصلة معينة لتابع ما؟ مع الأخذ بالحسبان خصال الأنشطة المتاحة واختلافها بين المدن وأوقات اليوم، والحيل الممكنة فيها، وفي المحاكاة ككل، تابع «More» يعطيك نقاط «Imagination» مجانية دون تقدم الوقت، والأماكن الخيالية التي تزورها أثناء الرحلات ترفع «Wisdom»، والرؤوس المضمونة في كل فصل «Courage»، ففكر جيدًا قبل التسرع فيها، وأرفع ما تراه الأكثر قيمة حينما لا تجد ما تلجأ إليه إلا هي.

لبعضها كنشاط المجابهة، ولكل أنشطة الخصال في المركبة قيمة لخياراتك الكفيلة برفع أو خفض عدد الخصال المكتسبة بواحد، مما أعده تفاعلًا جيد، ومع ذلك أجد من الأجدر إضافة ألعاب تفاعلية مصغرة تميزها عن بعضها وتنوع بالإيقاع، وأرجح أن الميزانية حدتهم عن ذلك، لاسيما بالنظر إلى إحتواء آخر ثلاث عناوين للمخرج ألعاب مصغرة، ومع ذلك لا أجدها سلبية كون هندسة المحاكاة والتنقل وحدها تثري التصميم.

ويذكر أن أنشطة التفاعل مع فريقك بالمركبة تدمج بين فوائد أنشطة الخصال، وبين خيارات التُبَّع بأموال «MAG» وهي بالفكرة التلطيقية التي لا بأس بها، وتشكل تناغمًا بين القصة واللعبة، وتكسر الرتم قليلًا.

من ذكاء المصمم كما اعتدنا في «Persona» ربط الأيام بأمور بأشياء تعطيها قيمة فيها، فتجد «Idlesday» يكسبك نقطة «Luck» مجانية بجانب تخفيضات المحلات، بينما أيام أخرى تعطي أدوات حصرية لمحلات معينة، وهكذا. تجد محلات لا تفتح إلا مساء، فلا يكون من الحكمة تفويت التخفيضات في يوم كهذا بالذهاب إلى مغارة مثلًا، لكن بالمقابل تكون الوجهات التجارية بها تخفيضات في هذا اليوم إن جدولها فيه.

عدى عن الأنشطة الروتينية كأخذ أموال من متابعة مستجدات البطولة، أو أخذ مواد طبخ يومية في المركبة، وتكثيف هذه النوعية مع تقدمك لتعزز من الشعور بكثافة الأنشطة المتاحة، بجانب التخطيط. ومع أن الطقس لا يلعب دورًا في عمق الأنشطة، إلا أن تحويل العمولة تعلو كلما ساء، وهذه فكرة بديعة كذلك ترفع من قيمة خيارات التُبَّع.

التجّار في كل بلدة، أو حتى مدينة رئيسية يبيعون إما معدات متطورة، أو مواد مميزة. الممتاز أن البضائع الخارقة كميتها محدودة، مثل أدوات إستعادة الطاقة «MP Items»، أو الأسلحة ذات التأثير الخارق كالمزوَّدة بعناصر، مما يزن اللعبة بمنعك عن استخدام كل شيء لكل الشخصيات مهما بلغت أموالك.

خلاصة هندسة قد أبدعت «Azusa Kido» في قيادتها وتوظيفها بشكل مختلف تمامًا عن «Persona» في تحديها، وطرق التقدم بها، وترابطاتها، وجوائزها، ومع أنها بسيطة بالمقارنة مع «Persona»  إلا أن ما حملته على عاتقها ثقيل الوزن، فكل تُبَّع يفيد الآخر، وكل ركن يخدم الثاني بطريقة مميزة ومختلفة تمامًأ عما اعتدنا عليه، ولا بأس بزيادة تفرعاته مستقبلًا أو التعمق به، لكن الأهم أن تحافظ «Persona» على عمق آلية محاكاتها والا تتخلى عن إحترافيته.

كلما تقدمنا بالزمان والله أعلم سيبرز فرق محاكاة «Metaphor» عن «Persona» لو استمرتا كل واحدة بالتوسيع على الوظائف المتبعة بأحدث أجزائهم، حقًا إبداع.

ترابط ووزن أركان التصميم المزدوج The connection and balance of dual design.

تترابط كافة الأركان معًا، وتنعكس فوائدها على بعض، تمامًا كجودة «Persona 5»، لكن هي أبعد ما يكون عنها، وغايتي من المقارنة لا لغرامي بـ«P5»، بل توضيح اختلاف التصميم عنها، وكونها أكبر من مجرد «بيرسونا في عالم خيالي»، ولعل عمق وضخامة هذه الهندسة هي ما شكلت هذا الفرق، فلو كانت بسيطة الأصل لربما أكبر التغيرات لن تجعلها مختلفة، لكن لأن أساسها متين، ويمكن تبنيه وتوظيفه بأشكال وألوان مختلفة، استطاعت الإجادة في ذلك. 

بداية بأبسط الأساسات كحسن توزيع أزرار التحكم «Control Mapping» واستغلالها للأوامر بشكل ممتاز، فوظائف الأسهم تختلف داخل المغارات، وخارجها. بالمحاكاة تصلك للروابط، والمهام، في المغارات تعبئ شريط الحياة، وتستخدم قدرات الفريق العلاجية.

في المعارك تسرِّع «آنميشن» المهارات بنفس زر استخدامها، ومع خيار «Memory Skill» يحدد على آخر مهارة استخدمتها، يسمح لك بضغط ثلاث مثلثات متتالية تتم بأقل من ثانية.

عدى عن تعديل أصغر التفاصيل بناء على توجه «الأكشن» فتجد التفاعل مع الكنوز مختلف عن زر الهجوم، بعكس «Persona 3,4,5»، لأن التركيز على القتال في الساحة هنا أكبر، وبالتالي إحتمال حدوث أخطاء وتداخل بالأوامر أمر وارد.

تطرقنا كثيرًا لتداخل أركان المحاكاة ونفع كل منها على الآخر، ولكن ثمة ماهو مرعب أكثر حيال هذا التداخل، وهو كيف أنه يساهم بتعقيد وظائف اللعبة بدون كسر وزنها، ومع ضمان تنوع إيقاعه على اللاعب، واستغلاله لها، ليضربوا عدة عصافير بحجرة!

كل مستوى من كل خصلة محسوب بحسب مهام كل جزئية، وبحسب ما تقدمه من خصال في أنشطة كل مدينة، وأنشطة الخصال في المركبة، بل في الأحرى أنشطة المدينة وما تعطيه مدروس ليعطيك حرية وشعور بالتطور في الظاهر، ويضمن عدم كسرك اللعبة في الباطن.

النقاط المطلوبة لرفع مستوى «Imagination» أعلى من «Wisdom»، وذلك لوجود سبل تعطيك نقاطًا مجانية له، عكس الثانية التي ترفعها خلال رحلاتك، و«Courage» بين هذا وذاك، فغالبية المهام، و«Bounties» ترفعه، لكنه يستهلك وقتًا وجهدًا أكبر، وتصبح نقاط مهامه منخفضة نسبيًا مع تقدمك وارتفاع نقاط أنشطة المدن.

محاولتك إكمال رابطة ما لفتح أقوى قوالب نسلها يتطلب إكمال خصلة ملكية معينة حتى تصل مستوى محدد، وإن بالغت بتقدمك في الرابطة، سترتفع المتطلبات، وهنا نأتي لوزن نقاط الخصال الملكية، حيث يزداد تطلب خصال كل مستوى عن سابقه، وبالتالي، تصبح أنشطة ذات البلدة غير مجدية مع الوقت، والأجدر إنتظار أنشطة البلدان التالية لرفع قيمة النقاط المكتسبة في هذه الحالة

أو ربما تملك الخصال اللازمة لإكمال الرابطة مبكرًا، لكن تكتشف بعد كسبك قالبهِ تعارضهُ مع نسل آخر، مثل رابطة «Strohl» غير المتطلبة لخصال عالية، لكنها تشترط قضاء وقتٍ معه بالمركبة لضمان ألا تفتح ثاني قوالب نسله قبل وقت معين، وآخر قوالبُ نسله تتطلب التقدم في نصف نسل آخر، لا يفتح صاحبه إلا بإكمال مغارة ما في القصة.

كلا من نسل «Faker»، و«Marchant» المتكونان من قوالب ذوي قوة هائلة، متطلبات تُبَّع مرتفعة، أو يردعوك من التقدم لأسباب قصصية تحثك على تنفيذ قصص أخرى، ورفع خصال مختلفة وتحافظ على إتزان اللعبة، وهذا من قوة نظام التقويم وفائدته على الجانب الآخر. 

كل ذلك مدروس لوزن اللعبة، ولجعل الترابطات تكسر الإيقاع، وتوسع آفاقه، وتعقده إيجابًا، والفضل يعود لنظام التقويم الرائع على عدة أصعدة، سواء قصصيًا، ومجالاته في بناء أجزاء التصميم، وتشجيعه على تنفيذ المحتوى الجانبي، وضبط رتم اللعبة، وإعطاء وقع ولمسة لأفكار معينة، وقيمة التطوير في جوانبه، وإمكانية إبتكار هندسات فريدة فيه تمكنت اللعبة منها بتناغم عالي، وغير ذلك…

بعض المعدات والاكسسوارات تحتاج لتعريف، وعادة ما يكون الأمر اعتيادي في ألعاب التصنيف، لكن غرضه هنا ألا تستخدم أسلحة ومعدات قوية تأخذها من داخل المغارة إلا بعد الخروج منها (وبالغالب سيكون بعد إنهائك لها)، وكثيرًا ما يتضمن ما يقبل التعريف معدات قوية، وتزداد  قوتها بالتنقية أكثر، مما أعده من التداخلات اللطيفة التي تستحق الذكر.

“عمل الفريق بمشقة لضمان استمرارية التنوع، ومتعة التبديل بين القوالب، وتوسيع خياراته حتى أثناء المراحل المتقدمة من اللعب، كما وازنّاها لتفادي تشابه تشكيلات اللاعبين، أو إنحصار استخدامهم على قوالب معينة.”

  • المخرج في إحدى استعراضات اللعب.

من أهداف تداخل الأنسال كذلك زيادة خيارات التوريث، فتقدم القوالب يزيد من تنوع مهاراتها، ولذا يتطلب تداخلاتها مع قوالب أخر (المرتبطة بالتُبَّع)، وشيئًا فشيئًا تجد نفسك أمام مكتبة هائلة من المهارات تبدع وتشكلها كيفما تشاء، وهذا يريكم ضخامة الهندسة التصميمة، وكم تناغمها المرعب بتداخلاتها المتينة بين بعضها والذي لا يماثلها شيء لا بالتصنيف، ولا بألعاب الشركة السابقة.

حتى خانات التوريث، وترتيب فتحها متزن بالنسبة لكل نسل وقوته، فتجد «Masked Dancer» يقدم فكرة مثيرة مبتكرة ووحدها تفتح آفاقًا جديدة للعب تبقي اللاعبين على انسجام مع أنظمة اللعبة.

وكما أن مزاياه عديدة، فعيوبه عديدة ايضًا لوزن اللعب، ومن أبسطها أن البدء فيه وحده يتداخل مع عدة أنسال أخرى، وحتى لو اقتنيته فلابد من الوصول للمستوى الرابع من خصلة «Imagination» لتفتح خانات توريث له، التي عندما تفتحها تكون تقدمت لمرحلة تجعل قدراته مع إمكانات التوريث متزنة.

أو حاجتك للتقدم في القصة لفتح خانات توريث «Mage»، وكل نسل، محسوب كيف، ومتى ستفتح خاناته بناء على عوامل عدة، لكي لا يكونوا مشتركين الإيقاع، والأهم كي لا تكسر اللعبة مبكرًا، ومع أني لا ألتفت لهذا الجانب بالعادة (ما دام التصميم ممتازًا)، إلا أن ضرب عدة عصافير بحجر أرعبني حقًا في «Metaphor»، وبلاشك بالنسبة لي أكثر خلطة هندسة لعبة مبتكرة، ومبهرة شهدتها بتصنيفها في هذا الجيل.

عادة ما تتذبذب الصعوبة مع كثرة الخيارات، ما بين تحدٍ مرتفع، أو كسر تام لها، لكن هنا على حجم الحرية الهائل، إلا أن كل شيء مربوط بعبقرية تجعل من المُحال كسر اللعبة أو الإكتفاء بتشكيلة خارقة طوالها، فمهما حاولت كسر نوع من الأعداء؟ أو مغارة؟ أو زعيم؟ فلن تنفعك نفس الخطة مع غيرهم وستلجأ حتمًا ودومًا إلى التغير من بداعتهم قولًا واحدًا!

من ضمن حسن وزن اللعبة، تزايد أسعار قوالب الأنسال المتقدمة، وبها تزداد فائدة قدرات خفضها من التُبَّع، وايضًا من حسن الوزن اختلاف أسعار المهارات بحسب نوعها، وكفاءتها، فلا تتساوى مهارات الدعم مع الهجوم، ولا تتساوى مهارات أول اللعبة البسيطة الوظائف، مع المهارات المتقدمة المتعددة الوظائف.

عندما تنتقل للقالب التالي من ذات النسل سيبدأ بإحصاءات أقل من السابق، من ثم عندما تتقدم به يصبح مثله، وينتهي بأعلى، وذلك لوزن اللعبة ايضًا، لأنك بالحالتين ستضطر لتطوير القالب، وستكون مهاراته ومركباته أعلى، مما يجعلها نقطة إتزان دقيقة تستحق الذكر.

من أهم مميزات ألعاب تقمص الأدوار «RPG» الشعور بالتقدم، والإنجاز الذي يمنع الملل، ويبقيك على ترقب معها، لكنَّ الإكتفاء برفع الإحصاءات، وتقوية العتاد أصبح إعتياديًا جدًا، ولابد من تطورات مميزة تبقي اللاعب المتمرس منسجمًا معها، وتزيد من تعقيد الآليات بتطورات مميزة تضاف للمعتادة التي غنى عنها.

تبدع «Metaphor» في تشعب أنظمتها، وربط تطوراتها بالجانبين، مثل تنقية الأسلحة والدروع في الكنيسة، تتميز الآلية بتأثيرات تغير بعض الموازين بإمتياز، وكلما تقدمت باللعبة ازدادت حيرتك، فتجد للدرع نفسه عدة خيارات مميزة، وكلها فعّالة لتكوين خطة معقدة.

فتح التنقية بحد ذاته تطور، فكي تفتحه، عليك برفع خصلة «Wisdom» في المحاكاة، إضافة لذلك تستمر خياراتها بالتطور والتشعب حتى النهاية. أو تأثيرات المعدات التي ترفع نسبة الإحصاءات المكتسبة حتى تصل أرقام مهولة في آخر اللعبة.. وبعض المتاجر لا تفتح أبوابها إلا بمستوى خصال معين وبأيام معينة أو ما شابه مما يزيد من التداخلات والتطور بشكل جيد.

وما هذه إلا تطورات بديهية لحد ما مقارنة بالمتميزة التي تكمن في الاكسسوارات المغيرة لقوانين اللعب، شبيهة بـ«Karma Rings» من «DDS 2» بفكرتها، لكن بتوظيفٍ وأنواع مختلفة.

سأضرب مثالًا بواحدة من بداية اللعبة وهي تسمح لك بلعب دورين متتالين بنفس الشخصية، ولكم أن تتخيلوا لأي درجة تقلب قدرة كهذه اللعب رأسًا على عقب، والخطط الممكنة جراء وضعها.

واحدة تكسبها بوقت مبكر تسمح لك بلعب دورين متتالين بنفس الشخصية، ولكم أن تتخيلوا لأي درجة تقلب قدرة كهذه اللعب رأسًا على عقب، والخطط الممكنة جراء وضعها.

بدل من تهيئة «Archetype» ما لأكثر من عضو لتشكيلات معينة من المهارات، تكتفي بوضعها لواحد أو اثنين، وضمان لعبهم لدورين إلى أربعة، أو ربما تتلاعب في ترتيب الأدوار بدمجها مع المهارات المركبة، وفي الحقيقة هذا يُعد مثال سطحي جدًا على توظيفاتها التي لا تُعد ولا تُحصى، وغير محصورة على فكرة  أو اثنتين، فما بالكم بوجود تشكيلة لا بأس بها منها؟ وكل واحدة بدون مبالغة يمكن كتابة مقال كامل مكتظ مملوء بالأمثلة على توظيفاتها الممكنة.

شكل آخر من تطور اللعب الذي لا يُعد مبتكرًا لكننا افتقدنا لقوة تطبيقه آخر جيلين في ألعاب تقمص الأدوار وهو قيمة الشخصيات الخلفية للفريق واستغلاله للبُعد الاستراتيجي بشكل أكثر من رائع، فمابعد الأربعة شخصيات بالإمكان تبديلهم في أي وقت، مما يعني أن حيز ما بالفريق قابل لتغير تشكيلة قالبه بمقاوماته، وإحصاءاته، ومهاراته المورثة، وعتاد «Equipment» الخاص به.

لعلم المصممون بهذه الآلية تشتد صعوبة اللعبة وتطول المعارك بعد إنضمام أعضاء كُثر، كي تستغلهم جميعًا في المعارك مثلًا، تأتيك معركة جانبية بها طوران طويلان تتضطرك للتبديل حتمًا لنفاذ طاقة «MP»، أو معارك القصة الطويلة ذات الأطوار العدة وتجد فيها أن قوالب أو معدات معينة ستكون فعالة في إحداها أكثر من الأخرى، فتلجأ للتبديل.

وبكلتا الحالتين، هذا يعني تكثيف اجتهادك في بناء القوالب، وحذرك أثناء خيارات التخصيص، ودومًا وضع خطة ألف، وباء، وبمجردُ إلمامك بالأمر ستجد اللذة الحقيقية في تعقيد اللعب بشكل أكثر من رائع.

هذا مثال على تطور آليات القتال على مدار اللعبة، وازدياد تعقيدها، وذلك ينطبق على كافة الجوانب بما في ذلك الأنسال، وقوالبها، ومهاراتها العادية والمركبة، وحيلهم «Gimmicks»، فتتحول المركبات لمهارات عادية تزيد تعقيدها، وتصبح هي أكثر تعقيدًا، أو تختلف بوظائفها وتتميز أكثر.

تعقيد شجرة القوالب يأتي من أفكار الأنسال المتنوعة المشروحة، وأضف عليه بشكل بسيط وجود أنسال رتم تطويرها مختلف عن المعتاد، ولها توظيفاتها الخاصة مثل «Masked Dancer».

تحافظ اللعبة بإمتياز على الوزن بين مزايا، وعيوب كل قرار تتخذه حتى نهايتها، وبما في ذلك خيارات تعقيدات اللعب، مثلًا تكسب اكسسوارات تحجب نقاط ضعف عنصر معين، لكن بالمقابل لن تتمكن من استخدام الأكسسواراتِ المغيرة للقوانين، ولا تغيير أقنعة «Masked Dancer» المغيرة لمهاراته ومقاوماته، وهذا من روعة وفهم المصممين في تمكنهم من إضافة قدرات عملية خارقة، وبالوقت ذاته لها عيوب تحدك من كسر اللعبة.

أي قرار من المذكور أعلاه له مزايا، وعيوب، حتى الذي يغير القوانين، فربما تستطيع تقليص نوع معين من المهارات، ولكن تقليصها يعني تقليص قوانينها ايضًا، وهذا عيب، فمثلًا لو استهلكت «Synthesis» (فرضًا) خلال دور عوض عن دورين، لكن بالمقابل هذا سيجعل نقاط الضعف ايضًا تتأثر لدور واحد، وهكذا.

حتى عناصر المحاكاة تتسع، وتتطور رغم بساطتها، مثل تغير طفيف بنقاط وآليات أنشطة المدن المذكورة سابقًا، وايضًا بمهارات التُبَّع التي تأثر بالتخفيضات وتراكماتها، والأنشطة التي تُضاف للمركبة، وما إلى ذلك… وبعض بضائع التجّار المرتبطة أحيانًا بالخصال الملكية، وأحيانًا أخرى بالمناطق، أو ما تفتح من آليات، وحتى محول العمولة يتطور معك، لتستمر بالتجدد والتوسع حتى آخر اللعبة.

الإحتفاء الأضخم بتاريخ الشركة Atlus’ 35th Anniversary

“يصعب البدء من لاشيء حينما تسعى لإنجاز فاخر، لذا فأكبر مصادر إلهامنا هي أعمالنا” 

  • كاتسورا هاشينو بتصرف.

اتخذ المخرج منهجية جديدة عن المعتاد كتحد له، سواء من ناحية قصصية، أو تصميمية، وبنفس الوقت أراد إبتكار مادة فنية تكرِّم إرث شركته بعدة صور موزعة على كافة الأركان بذكاء، إحتفاءً بالذكرى الخامسة والثلاثين على إنشائها، لتكون خير فاتحة لعنوان جديد، وخير تكريم لتاريخ حافل بالإبداعات.

سواء تعلق الأمر بالسلاسل المعروفة بأثرها الهائل، أو محدودة الجمهور، كلها لها تلميحات، بعضها بتصميم المراحل، وأخرى بالشخصيات، والآليات، والخيال، وحتى أسماء المناطق وبعض الأدوات، وكلها جميلة غير مشتتة أو مناقضة لما تعرضه اللعبة، بل حتى من درجة ضمنيتها أنك قد لا تلاحظها أبدًا إن لم لم تكن ملم بإرث الشركة.

من أسرار قوة، وتميز تطبيق الأفكار التقليدية مثل «الكلاسات»، وخيارات التخصيص المتشابهة هي عودة المصممين لجذور التصنيف ودراستها بدلًا عن تقليد أعمال حديثة تُعيد تدوير الأفكار القديمة، وتتذبذب جودتها لعدم معرفتها أساسًا ما يميزها، بينما هنا درسوا أوائل، وأساتذة ألعاب التصنيف، واستقلوا بأفكارهم بناء على فهم تام لها، بدلالة تصاريح المخرج منذ 2017 بأن إعادة «Dragon Quest III» عنده بمثابة روتين يتعلم منه فنون عناصر تقمص الأدوار.

كما أنه ذكر الملحن بعد إطلاق «Metaphor» أن عناوين «Dragon Quest»، و«Final Fantasy» هم تعريف الموسيقى لأعمال الخيال اليابانية.

“لكننا لا ننسخ أفكارهم، بل نتميز ببصمتنا الخاصة.”

مما يظهر خضرمة المطورين بمحيطهم، وسعيهم لفهم الجذور بدل تقليد المقلد أو حتى الأصل.

صعوبة Regicideالصعوبة المغلقة في بداية اللعبة ليست موزونة كفاية، فهي تعاني من قلة «HP» الأعداء، وقوة القوالب المتقنة، فقد اتخذوا منهجية سهلة، ولم يتعبوا أنفسهم على صقل صعوبة

«New Game+» كفاية، وهذه من المشاكل الشائعة عمومًا، ويذكر أن مع تقدمك تزداد إتزانًا.

لم أنهي الصعوبة نظرًا لتفضيلي بدء «New Game» عادي عليها، وبدأت فعلًا على صعوبة «Hard»، وللأسف أزالوا خيار الحفاظ على الوقت مع عدم نقل تقدمك مثل «Persona».

البصريات Aesthetics

لطالما تعجبت من تميز مظهر ألعاب «Katsura Hashino» عبر الأجيال، لا لجمال قوائمها الفنية وتناغمها فحسب، بل لآصالة التصميم الرسومي بين أقرانه، ولا عجب في ذلك، فالمخرج خريج كلية تصميم «جرافيكس»، وهذا في الغالب السر وراء هذا التميز، علمًا بأن من الشائع تخصص الكثير من مصممي الألعاب به.

للبصريات عدة عوامل تجعلها ناجحة، وأهمها ألا تعيق اللاعب أو ترهقه على المدى البعيد، ويفضل لو خدمته ويسرت عليه الأمور، ثم تهتم بإنشاء توجهها الفني الخاص من رسوم وقوائم، وتتناغم مع القصة وطابعها، وتبرز عضلاتها بخدمة توجهها، وبامتياز أفكارها وتناغمها مع كافة الأركان الأخرى يعلوا مستواها.

مظهر اللعبة العام أصيل كما عودنا المخرج، فقد جعل الرسوم تبدوا كأنها لوحات زيتية متحركة، مستعينًا بعناصر كاسرة للقواعدِ المعتادة للرسوم كإزالة «Anti-Aliasing» لتصبح كاللوحات الزيتية المتحركة، ولكننا لا نتحدث عن لوحات مرسومة يدويًا، بل عن «Graphics» كامل، ولكم أن تتحروا كيف تتشابه أي «آنميشن» زيتي بالحواف المتذبذبة فيالها من روح إبتكار إبداعية عالية في الإستقلال بتوجه فني خاص بها.

مزج ذلك التفنن مع «موديلز» الشخصيات الشبيه بتميز «P5» بالتفاعل مع الإضاءة، مع تلوين مختلف، وزيادة في تفاصيلهم ووضوح حوافهم، كما أنه حافظ على استخدام «Bloom» في كثير من الأحيان لينتج لنا مظهر عام آخّاذ فريد يسمح ببناء تفاصيل اللعبة، والقصة، والخيال بقوة، فهل استغله؟ أم أكتفى بالتميز العام؟

لم أجد ما يشبهها إلا القليل، وربما من الأقرب لها هما: «Gravity Rush»، و«Bloodstained: Ritual Of The Night، مع اختلافات بالتلوين، وبعض التفاصيل الدقيقة التي تجعلها مختلفة.

تخدم الرسوم اللعب بعدة صور، لدرجة تجعلها نقلة عن «P5» من هذه الناحية، بداية مع أبسط التغيرات كتلوين علامات الأسواق بالأحمر حين التخفيضات، والتنبيه بوجود روابط تُبَّع قابلة للإكمال باللون الإرجواني إن توفرت، وبالفضي عند وجود عائق يمنعك من إكمالها مرورًا بما يلعب دور بشدة في جانب تقمص الأدوار.

يكسوا قطع «Loots» اللون الأزرق بدرجة مغايرة عن البيئة، مع إضفاء وهج لمعان يضمن الإلتفات إليها بسهولة من مسافات فلكية، وبدرجة أقل تجميعات الحشرات الذهبية القابلة للفقد حيث أنها مبطنة أكثر، لكن تظل مكسوة بلمسات تسهل رؤيتها.

سهولة الإطلاع على المناطق الواسعة، وتمييز ما يمكن التفاعل معه بألوان خاصة عند الكشف كالأنفاق السرية، والتفرقة بين مستويات الأعداء عنك من ألوان حدودهم فقط، .

تعرف نوع الأدوات «Items» التي تكسبها من شكل أيقونتها، من تعبئة «HP» و «MP» وعلاج «Status Ailment»، وإن دخلت القائمة ستتميز الأغراض الجديدة بعلامة «New» لتصل إليها بسرعة، وفائدتها مميزة باللون الأزرق لتقرأ مفعولها مباشرة وتميزها عن الأوصاف التجميلية.

تفرق بين إحصاءات الشخصيات الفطرية، والإحصاءات المكافئة المعطاة إثر إتقان كل قالب من لون الشريط فقط وكل ذلك بفضل البصريات ايضًا. تميز حوارات السكّان التي قرأتها من البصريات أيضًا، وتعطيك ملخصًا لها للحفاظ على إحياء العالم.

في خيارات التخصيص يسهل معرفة كل أداة ودرع لأي نسل مخصص، والأذكى من ذلك توزيع أماكن الأنسال في الشجرة ليسهل الوصول إليهم من الذاكرة البصرية، عدى عن تميز ألوانهم وإشاراتهم. 

في المعارك تعرف ترتيب الأدوار، وأماكن صفوف الفريق من نظرة أسفل يمين الشاشة، وتفرّق بين «Buff/Debuff» باختلاف ألوانهم، ومستوياتهم بعدد أسهمهم، وما إن أوشكوا على النفاذ من عدمه. وفوقها عندما تصاب بعلة «Status Ailment» تذهب لأداة العلاج وتميزها من علامة العلة دون إجهاد نفسك بقراءة النص، غير أن علاماتهم تتميز بألوان مختلفة تساعد على ذلك.

وعند الهجوم تعرف تأثير كل عنصر على كل عدو إن كنت قد كشفت مقاومته له، ليسهل عليك تحديد فاعلية الضربة ضده دون تكرار فتح قائمة المقاومات، في الزعماء الرئيسيين وتحديدًا البشر تفهم أفكارهم وحركاتهم من مجرد النظر.

ولأن لكل قالب حركات، فتتيح اللعبة خيارًأ لتجاوزه، كما هو الحال مع تلقائية التحديد على صاحب الأقل «HP»، أو من يوشك «Buff/Debuff» عنده على الإنتهاء، كله ليسرع عمليات اللعب.

ساهم كل ذلك بجعل الرسوم لذيذة للعين بجمالها، وفي الوقت ذاته معينة على قضاء مختلفة الحوائج بالبصريات فقط، من تيسير الوصول إلى مختلف العمليات، وفهم بعض الأفكار، والتفرقة بين الأمور، مما يجعلها مفيدة للاعب ايضًا، خاصة على المدى البعيد ومن يقضي ساعات متواصلة من اللعب خاصة.

يذكر أن نوع الخط المستخدم مريح بسبب حواف أحرفه المساعدة على القراءة التمشيطية، أو حتى القراءة لفترات طويلة، ولكن بالإمكان زيادة حجمه أكثر قليلًا.

تاريخ الشركة حافل بإبتكار قوائم لا مثيل لها من التميز، والجمال الفني، و«Metaphor» خير خلف لخير سلف.

ألوانها الرئيسية هي مزيج تدرجات الأزرق، والأحمر بين الوردي، والبرتقالي والزهري، والبنفسجي، مع اتخاذ لون القوائم والأيقونات والخطوط اللون الأبيض وكأنها مخطوطات قديمة. لتشكل بذلك مزيجًا فني جديد يلائم توجه الخيال المتخذ، والرسوم الزيتية ذات الألوان الباهتة.

أفكار القوائم مميزة كالمعتاد، بين تصافح اليدان، وتناثر قزازات «Magla» عند إكمال المهام الجانبية، ولجميعها إنعكاسات متناغمة مع خيال القصة، والعالم، مثلًا لمعان عيون البطل في القائمة أثناء المغارات معبر عن قدرة إطلاق سحر القوالب. والأهم أن كلها حية بحركاتها الفريدة وشكل الألوان التي كأنها حبر مسكوب.

كما أن الشاشات الإنتقالية، والتحميل «Loading» لها أفكار متنوعة تتناغم مع طابع اللعبة، كبدء الرحل، وفتح الخريطة، والإنتقال بين الأيام، والدخول لغرفة أكاديمية الغامضة المنعزلة، وكلها رائعة. 

مع تعدد كل أفكار القوائم وتنقلاتها، وإنتقاء ألوانها، وحركاتها، إلا أنها لا تعيق اللاعب ثانية! فهي سريعة، وفوقها بالإمكان التنقل بينها دون الحاجة لمشاهدة الحركات بالكامل لتكون أسلس حتى من ألعاب قوائمها إعتيادية، مما يجعلها مريحة بشدة، وبنفس الوقت مميزة بشدة، ولا عجب في حب الناس الشديد لها، وإنبهارهم منها. 

توزيع القوائم على الشاشة مرتب «HUD»، وجميل، مع الحفاظ على وظائف كل قائمة، وهي شبيهة بترتيب «Persona 5» في توزيع الخارطة، والهدف، والفريق، مع اختلاف أن موقع التاريخ يختفي في المغارات، وتبقى حالة اللاعب عند المحاكاة، وهو شيء يزيد من الشعور أنك في عالم خيالي واحد، كما أن طابعها «Classic» أكثر من كونه مزخرف ومع هذا فهو حي بتغيره بناء على حال الشخصيات وقوالبها.

بالحديث عن العالم الخيالي، فهي ليست لعبتهم الخيالية الأولى، لكنها قد تكون الأميز بين أعمالهم، فتلوين البيئات، والأجسام القريبة والبعيدة، مع اختلاف الإضاءة لها وللأجسام بديع، خاصة مع تميز الرسوم بالأصل، أنظروا لـ«Brailhaven» ليلًا وتأملوا جمال الأجسام البعيدة عن القريبة، واختلاف الإضاءة، والتلوين.

لم يقصروا أبدًا بوضع بصمة تعبّر عن خيال العالم بشكل رائع، انظروا لشكل السماء، والغيوم، وتلوينتهن، وحركتهن في كل بلدة، وتأملوا إختلافهن مع الوقت الليلي والنهاري بكل طقس.

وكلها تختلف باختلاف المدن لتثبت لي أني في عالم خيالي غير تقليدي، وحتى تفاصيل الأماكن وإحيائها كمحلات المعدات، والأسواق في كل بلدة، فنفس محل السحر تجد تفاصيله وناسه مختلفين بين هنا وهناك، حقًا مظاهر آخّاذة وأقدِّر سعيهم نحو الاستثآر بخيالهم الخاص!

كيف سماء بلدة صغيرة بلا أضواء مثل «Martira» يبرز فيها شكل النجوم ليلًا، بينما تكون صافية في المدن المتحضرة كالعاصمة أو «Brailhaven»، لمسات دقيقة صغيرة كهذه رائعة عدى عن جمالهم بالأصل.

اختلاف الطقس يؤدي لاختلاف ملابس الشخصيات في العالم، وتأثير الطقس نفسه يختلف بين المناطق، فبلدة ساحلية كـ«Brailhaven» تكثر فيها الأمطار، ويكون تأثيرها أقوى، ومصحوب بعواصف رعدية، عكس «Martira» المتوسطة بالأمطار والتأثير البصري وعلى الشخصيات، وبينما العاصمة الصحراوية يغلب عليها الجفاف، وإن أمطرت يكون تأثير المطر خفيفًا.

بيئات السفر متنوعة، وتختلف باختلاف الطقس ايضًا، بفلاتر، وتلوين، وإضاءة مميزة. كما ميزوها ببعض اللمسات البصريات الفريدة كمناظر البيئات ليلًا أثناء الاستراحات التي تخبر بمدى خطورة الجو، أو منظر الغسق الرائع أول الاستراحات، وعدى عن مناظر السفر أثناء النهار التي تثير فيك الرغبة بأن تجلس وتتأمل بها فقط من جمالها وتنوعها.

اللمسات الخيالية تشمل تصاميم المركبات المتنقلة، ولونها، وقوالب الشخصيات، وربطها بمزيج تلوين معين عند كل شخصية بما يتلاءم معها، فعلًا إبداع، ولا عجب بقوة توظيف الألوان وقد كانوا من السبّاقين في معانيها، وإنتقائها لهذه الدرجة منذ «Persona 3».

تفاصيل الناس الذين يمشون بالعالم، بحسب المناطق، وبما يتضامن مع القصة ممتاز، وفوقها تفاصيل دقيقة في إحياء الأماكن كالمركبة وأسواق الأسلحة والمعدات، والأسواق الشعبية، وما إلى ذلك، لتحييها بمستوى عالي من التفاصيل وتكمل على العالم الخيالي.

التأثيرات المختلفة كتحول لون حواف الأعداء عندما تتجاوز مستوى معين، بتأثير ملائم مع مفهوم «Magla» كما هو الحال مع قرب خسارتك وتلوينها بالأحمر لتنتبه عليها، كلها تجمع بين البهاء وخدمة مختلف الأفكار في اللعبة.

حركات الأعداء الجمالية نفسها عند المماطلة لبرهة من الزمن أثناء المعركة، أو عندما تقترب من هزيمتهم، وحركة الشخصيات لمختلف القوالب عند بدء المعركة، أو الهجوم بسلاحهم كلها تضيف للجو العام من اللعبة. تحركات القوالب، وحركات مهاراتهم المختلفة لذيذ وسريع كما اعتدنا في «P5»، ولكل شيء حركة تحييه، حتى صندوق الحوار، الملائم لفكرة القصة، والتوجه الفني.

تحيي البصريات ما دفنه المطورون حديثًا بحجة تقدّم التقنيات، لتخلق تكاملًا للبيئات الخيالية ببراعة. مزج الخلفيات المرسومة «Pre Rendered Backgrounds»، مع الشخصيات ثلاثية الأبعاد «3D Models» هو شيء اندثر مع الزمن، لاسيما من كبار الاستديوهات، لتحييه «Metaphor» مجددًا. بهاء البيئات وتعددها، مع اللمسات الخيالية الفاتنة ورسم فائق التفاصيل، والدقة الساطعة بفضل التقنيات المتقدمة. 

تنبعث الحياة في هذه الصور بحركات المجسمات، والتأثيرات المختلفة حسب المنطقة من سماء، وغيوم، ورياح، وطيور، وقطرات الندى، وما إلى ذلك… وتلوينها جميل ولا يعاب على جماله شيء، جميعها مصحوبة بحوارات لذيذة تدعم فكرتها القصصية، وتضيف للعالم، وتفاعل الشخصيات الكثير.

لم تخيب «Metaphor» آمالي فيما يتعلق بالجانب البصري، وقدمت لي تميزًا عالي الجودة تشفي لذَّته أعين اللاعبين، وترشدهم بعدة صور بأفكار مبتكرة كعادتهم له، وأصالة عالية في تكوين الرسوم بتميز.

القصة Story

المهيمن الديكتاتور «Louis» يغتال حاكم «Euchronia» جراء إصابة ابنه الأمير لعنة عجز السحرة عن فكها، ليقطع خيط السلالة الملكية، ويتولى الخلافة بقوته، وشره، ولكن مالم يتوقعه أحد ظهور السحر الملكي داعيًا الأمة بانتخاب المستحق بالعرش. يشترك البطل للفوز بالظاهر، ولاغتيال «Louis» بالباطن لعل اللعنة تُرفع عن صديقه الأمير وينقذه.

فما العقبات المترتبة على اشتراكه؟ وكيف سيتغلب عليها ويفوز بصوت الأعراق؟ وإن فعل فهل ذلك سيحقق مراده المستتر؟

هيكل تفاعلي فريد رائع، ومتشعب، يعتمد على أسس مغامرة غنية بالطاقة الكامنة ليبنى عليه أحد أقوى القصص، ونلاحظ أن كافة أجزاءه متناغمة مع بعضها، وتقبل كم شخصيات، وتداخلات هائل. ومع تشعبه، وضخامته هاتين يسهل التشتت بين أركانه، مالم يتولاه كاتب متمكن يوازن بناء كل جزء منه دون إفساد الآخر، وربطهم بالحبكة بتناغم ومنطقية، فهل أجاد الكاتب ذلك؟

فكرة موت الملك بلا وريث غير مبتكرة، ولا فكرة صراع العرش، لكن مزج السياسة والانتخابات معهما، وإضافة قانون عدم سفك الدماء، ومع الخيال القائم على الاستعارة، صنعوا أساس خصب يقبل الكثير من الإبداع.

لحسن الحظ أن الكاتب هو «Yuichiro Tanaka» الذي استلم زمام «Persona 3» الرائعة قصصيًا، والمسؤول عن عدد من ألعاب الشركة التي تمتاز بجودات قصصية متفرقة. أفكار القصة الرئيسية «Concept» تأتينا من المخرج الذي اعتدنا إبداع قصص ألعابه، وبُعدها عن رتابة أفكار ألعاب التصنيف.

الافتتاحية The Beginning

البداية تتبع منهجية «Persona 5» في تكوين الهيكل القصصي من خلال سلسلة متتابعة من الأحداث الشيقة، التي تبني خلالها الأسس بدقة، وتغمرك في وسطه دون أن تشعر، وهي خير بداية لهيكل ضخم كهذا أو كما يسميها بعض الخبراء «Detailed Harmony».

جودة المقدمة بديعة، ومكان البدء ممتاز، وذكي بترتيب، وحبك الأحداث التي تعرض خلالها أبعادًا عديدة، وتهيء كل شيء بانتظام، وضمنية بجانب تناغمها مع جزئية التعليمات وتكوين أسس اللعب.

خلاله تبني جزء للشخصيات الأساسية، وعلاقاتها، وسماتها، وحدود قواها، وجزء تمهيدي لقصص بعض روابط التُبَّع الجانبية، وجزء لخيال العالم، وتكامل ناسه كأنواع الأعراق، واختلافهم بالفكر، والطبقات الاجتماعية، ونظرتهم تجاه بعض، وتوقعاتهم للمستقبل، وغير ذلك… 

حبكة المقدمة ممتازة، وتشد إنتباه اللاعب لخيال العالم الواسع، وجوده تقديمه، وتتابع أحداثه، وبُعد نظري الكاتب والمخرج لما يتم بناءه، فكيف تلتقي الشخصيات ببعضها، وما يتقلب، ويتطور خلالها ملفت للنظر، ويعطي إنطباع إيجابي للقصة، حتى مع كون بعضها متوقعًا، نفس ميعاد لحظات الإستيقاظ، وموعد دخول المكتبة الشبيهة بال«Velvet Room». ولا يقلل ذلك منها ما دامت مميزة بباقي أركانها وخلطتها.

الشخصيات Characters

هيكل متشعب كهذا بحاجة لشخصيات تحركه، وتنشئ حبكة تليق بتداخله إن أرادوا استغلال أقصى طاقاته، بنفس الوقت كثرتهم قاتلة، مالم تكن حية، ومهيأة لخدمة القصة، وموازية لباقي أركانها، وهي عامل خطير يخفق به العديد. ومع أساس معقد كـ«Metaphor» يسهّل الإخفاق بهم، ولن يجيدهم إلا الماهر، فهل أجادها السيد «تاناكا»؟

رغم كثرة الشخصيات والأطراف، إلا أن جميعها على حدى من الإبداع بإحيائها، ولكلها دور في القصة. فأبعادهم وتراكيبهم متكاملة غير سطحية، وكل واحد يتيمز بأفكاره، وعلاقاته، وتصرفاته، وطرق حديثه، ولغة جسده وتعابيره بمستوى موازي من الإهتمام والعمق، والواقعية بكل الشخصيات، لتساهم ببنائهم بشكل سليم.

فلنأخذ «Strohl» كمثال، سماته غير متبلورة بثرثرات تافهة، بل من أفعاله، التي منها تتعرف ماضيه، وتستشعر آلامه، وتلاحظ تعاملاته، ورقي أخلاقه، وحدة ملاحظته، وسرعة انفعاله، وصعوبة تأقلمه مع البيئات الجديدة، والمزيد من اللمسات التي تحييه… عدى عن كون وضعيات جسده، وتعبيراته غير سطحية أو عشوائية باستخدامها، بل ضليعة بدقة وصف الشخصيات بكل موقف لها بما يتلاءم معها.

ما «Strohl»، وما إلا مثال بسيط وسطحي عن قوة الشخصيات، فلكم قياس ذلك عليهم كافة. حتى أن مشاعرها ونفسياتها معقدة، بدلالة جعل من كل كلمة وموقف وزن عليها، وبناء سليم لرد فعلها وتبعاته، والجميل أن حتى محدودة الظهور منها ينطبق عليه ذلك، مما يجعل جودتها عالية وغير قشرية.

تصميم الشخصيات أصيل كعادة «Shigenori Soejima»، فدومًا ما يهتم بغزارة التفاصيل التي تعزز وصفهم بدقة، وعمق ناتج عن فهم كبير من قبله،  فكل جزء من تصميم كل فرد مميز شكلًا ولونًا، من تقاطيع الرأس، والوجه، والطول، إلى شكل وحجم كل ركن منهم (كبعد العين عن الأنف، ورسم الأنف وحجمه، والجبين ايضًا وإلخ…) 

إضافة على لمسات تميز الشخصيات بحسب عرقها، وأشكال تسريحات وكل جزء من الملابس العلوية والسفلية، بجانب لونها، ليشكّل لنا تصميمًا غنيًا متناغمًا مميزًا، ودقيقًا يصفها بعمق شديد. ولا عجب مما وصل إليه «Soejima» من جودة بعد كل الخبرات السابقة. 

تصميمهم يحكي الكثير، وأكبر من مجرد خصال عامة، وذلك بفضل الإهتمام بعناصر أخرى من وضعيات، و«آنميشنز» عززوا بروز ذلك بتناغم عالي، فعلًا إبداع. حتى البطل الذي بالبداية لم أتقبله بسبب عدم تلاءم شكله مع خصال شخصيته، وجدت بعدما تقدمت أنه لا يقل دقة عن الباقي والتبريرات التي تجعله مقبول.

عادة ما أجد أن الأبطال الصامتين من منغصات أي «أنمي» لانعدام شخصياتهم، وهشاشة تركيبهم، وغالبًا ما يكون العذر خلفهم أقبح من ذنب رداءتهم، لكني لا اُعارضهم تمامًا في الألعاب لتماشي توجههم مع فكرة تقمص اللاعب لهم وتطويرهم، ولا زلت أفضِّل بالطبع البطل الكامل والحيوي بدوره في القصة لكني لا اعتبرها سلبية في الضرورة..

قرر الكاتب الخروج عن نمط ألعاب الشركة، واتخذ منهجية أؤيدها لألعابها القادمة «كبيرسونا 6»، وهي إحياء شخصية البطل بتفاعلاتها مع محيطها بشكل أكبر، وواقعية تفاعل المحيط معها، كانضمام أعضاء الفريق له لمساعدات حقيقية لهم، وانجذابهم للرواية التي بحوزته ورؤيته كملك للأمة. لا زلت أجد أن بناءه يمكن أن يكون أفضل، لاسيما ببعض اللحظات المحورية، لكني أجده بالمجمل جيد ويفي بالغرض عمومًا.

الرواية معه أضافت سمات تميزه، وكانت المفتاح لربط الهياكل ببعضها، والمحرِّك لبعض الأحداث وهي الشخصية الخفية التي تتلاعب بمشاعر الشخصيات، وتؤثر عليهم، وعلى العالم الخيالي، وعلى الحبكة بمنطقية، وامتياز. تفاعل الشخصيات مع العالم المبني فيها الذي يعكس عالمنا كـ«Utopia» لهم رائع جدًا.

كتابة الشخصيات تساهم بتحديد جودتها بنسبة كبيرة، الكثير من الأعمال تتقن أساسها، وأبعادها، لكن تخطئ بإحيائها لقلة خبرة الكتّاب، أو اتباعهم الرائج فقط، ومن أهم أركانها إحياء أبعادها بمواقفها، وقراراتها، وردود أفعالها لتجعلها أكثر من مجرد خصال وصفية سطحية فقط، فتجد ولاء «Hulkenberg» مستغلًا في حواراتها، وتصرفاتها في الأحداث، وليس مجرد ماض وسمة عابرة أو تفاصيل ناتجة عن ثرثرة حوار.

تكامل أبعاد الشخصيات يمتد ليتداخل في جوانب اللعب، ويساهم في بنائها بتميز، كتعليقات كل شخصية عند فتح القوالب، المبدعة بتناغمها مع خصالها، ومع فكرة القالب، ليعطيها عمق مدروس يخلق تناغمًا حسنًا بين القصة واللعب.

استغل الكاتب اللعب لإضافة كعب قصصي «Lore/Background» للشخصيات، وبناء أبعاد إضافية، ودقيقة لها، لا تنقص القصة بتفويتها، لكن تُكافَئ على تواجدها، وهذا من حسن معرفة توزيع البناء، وتقسيمه لرئيسي لا يمكن تفويته، واختياري يثقلها بمزيد من العمق.

الأنشطة الاختيارية في المركبة التي تتناغم فيها حوارات الشخصيات مع جزئيات القصة، بالإضافة لقصصها المستقلة، وجدولة تواجدها، وحيويتها التي تختلف بالأيام والظروف فعلًا رائعة؛ فغير منطقي أن تتحاور مع شخصية بشكل طبيعي جراء وفاة عزيز عليها مثلًا، تمامًا كإبداع «Persona».

أو يستغل اللعب أحيانًا لعرض أمور لا تخبرك بها القصة، لكنها تثبِّت تفاصيل، وأبعادًا خفية، كعرض دهاء إحداها بإمكانية رؤية مخطط له فيه يتضح استباقه للأحداث قبل فترة وجيزة، مما يجعلك منبهرًا عندما تدرك حقيقة الأمر بوقت لاحق، وهذا خدم بناء جانب منه لم تقصر القصة بإظهاره.

ومن الاستغلال ايضًا، إظهار الأطراف المنافسة التي لن تخدم الحبكة، والمبالغة في عرض تفاصيلها قد يضرها، بنفس الوقت تواجدها مهم يزيد من تكامل العالم، فغير منطقي إنحصار السباق على «Forden» و«Louis» فقط، ولذا اختير توظيفهما بالمجابهات الليلية، والاصطدام بهم خلال رحلاتك، وهذا من إبداع الكتابة باستغلال كافة الإمكانات لخدمة القصة وإضافة وقع على مستجداتها وأركانها.

بناء وتطور الشخصيات Characters Build, And Development

لا يكتمل دور الشخصيات إلا بتوظيفها قصصيًا بخدمة الأحداث، وبنائها، وتعقيد معضلاتها، لكل شخصية موقف، وسبب لوجودها يؤثر على سير القصة، وداعم للشخصيات الأخرى لتشكل تناغمًا ووظيفة حقيقية لكلٍ منها في الفريق، وحتى الشخصيات الجانبية التي يختلف دور، واحتياج مدة ظهور كل واحدة قد أبدعوا بها.

إحدى جزئيات القصة تركز على «Louis» لكن لا تهمل عرض تقدم أهم الأطراف الأخرى، وحتى مع عدم إهمالها هذا فلا تمطط بالتفصيل الممل عنه، وتعرض ما بقدر الحاجة بدون زيادة، أو نقصان.

الشخصيات تتطور بشكل ممتاز خلال القصة، تتعلم من أخطائها، تنمي علاقاتها، وتوسع آفاق نظرها، وتغير من طباعها، وسلوكها، مما يغير في القصة بواقعية، والجميل أن بالأصل الشخصيات غير ساذجة، ولا سطحية ومع ذلك تتطور بأصغر وأدق الخصال التي تؤثر على سلوكياتها، حتى شخصية البطل الذي لا أعتبره مثاليًا، يتطور أفضل من أغلب أبطال سلاسل الشركة الأخرى.

من أسباب حسن تطورهم قوة بنائها في الأصل، وواقعية إحياءها، دون المساس بالأهم وهو تكوين الأحداث وخدمة الحبكة، ومن أفضل الأمثلة على ذلك «Louis» نفسه، فعند كل ظهور وكل حوار له تضاف أبعاد لشخصيته، ويتضح شر نواياه، وخبثه من ركام الأحداث، ولم يظهر مرة إلا وخدمها، وبرزت شروره بها أكثر.

المهيمن المارد «Louis» هو شيطان بجسد إنسان، شرٌ تفوق قواه أي شخص في عالمهم، شيطان للبعض، وملاك لأخر مساكين بظنهم أنه المنقذ، خبيث بالتلاعب فيمن حوله، وهو تطبيق عملي وحرفي لمبدأه أن الغاية تبرر الوسيلة.

رغم مقوماته العالية ليحكم بأفضل الحكم إلا أنه يستخدم ذلك لغاياته الشخصية، ويفعل الشرور ليشفي غليله وإن كان سيبيد البشرية فلا يكترث. لن يعجزه شيء أو يردعه أحد، بمجرد عزمه على أمر يصر على تنفيذه. حذق لا تفوته صغيرة ولا كبيرة، خبيث بالتلاعب فيمن حوله، ومصدر قلق ورعب لمن عرفه، وكلما تعمقت في معرفته أكثر، ازدت رعبًا منه، لم يظهر مرة إلا واشتد حذر الجميع رهبة بشخصه وما تملك يمينه من قوة.

دوره وبناءه الأنيقَين لم يخيبا الظن، خاصة في ظل ثقة المطور تجاهه والحماس الذي ولده له منذ العروض الترويجية، وهو بالفعل من أميز الأعداء على مر التصنيف، ويستحق كل الإشادة على قوة كتابته، وتأثير شروره مباشرة على العالم، وأحداث القصة، مع أبعاد كثيرة متبلورة ضمنيًا خلال بنائه، أقرب شخصية له بالجودة والفكر، بل لا أبالغ إن شككت بأنه مصدر الإلهام هو «Reinhard von Lohengramm» من أنمي «Legend of the Galactic Heroes».

الحوار Dialogue

من أهم خصال كتابة الشخصيات الحوار، فبه تعبّر عن مشاعرها، وتتضح علاقاتها، وتفاعلاتها بين بعضها، وتساعد على سير بالقصة، والقاتل لجودته حدّين: إتقان كتابة الأركان الأخرى المذكورة سابقًا، وكتابة حوار منطقي بشري في إطار بناءها، وبنفس الوقت خدمة الأحداث والحبكة.

النقطة الأولى أكدنا جودتها أعلاه، ولكن الثانية هي معضلة العديد من كتّاب الأنمي، وربما سر ضعف الكثير منهم ايضًا رغم تميز أساس أفكارهم، فبدل من عرض حوار هادف طبيعي للأحداث، يكون مجرد ثرثرة أبعاد، وعمق كل شيء، ليحاول إقناعك بائسًا أنه قوي، وكأن الشخصيات تتحدث إليك بدل من أن تتفاعل بين بعضها، أو تُعطيك تدريبات «Tutorial» لمفاهيم كتابتها وتركيبها، ومن ثم تطبقه، هذا إن طبقته أساسًا.

سرني إيجاد أن حوارات «Metaphor» طبيعية، وذات أبعاد رائعة بالنسبة لكمّها الهائل، ومع ذلك فهي عالية القيمة، فمنها تفهم خصال الشخصيات، وإن وُجد شرح، يكون بالنطاق الواقعي بينها، دون المبالغة في ذلك. مثال على الحوار الطبيعي الواقعي البديع هو عندما أقنعت «Hulkenberg» المهندس نورَس باستعارة المركبة المتنقلة.

في هذا الحوار تتجلى خصال عدة من شخصية «Hulkenberg»، وتتعرف منها على المهندس نورَس، وحاله النفسي، والإجتماعي، وفي نفس الوقت يركز على الهدف الأساسي، فهنا كان الحوار قيّمًا وله أبعاد وسمات يتم بلورتها بشكل وجداني رائع.

شرح الأمور يكون في حوار تفاعلي لطيف، مثل شرح المهندس نورَس تقنيات معينة في السفينة، وتفصيله الزائد بها، لدرجة تجاهل الشخصيات له، والتعبير أحيانا عن استيائهم بصراحة مما يؤدي لتقليل الشرح دون تقليص التباهي، وهذه إحدى الأمثلة على شرح لا يُعد ثرثرة، بل إجادة.

مثال آخر للشرح البديع عند تقسيم الفريق لتنفيذ العمليات، ومنها ايضًا عندما تؤتمن «Hulkenberg» على تدبير مركبة، بينما يؤتمن البطل و«Strohl» على اختيار الرأس المناسب للتفاخر به أمام الملأ في أول جزء من المسابقة، ومن ثم يتشارك كل طرف ما حدث معه حين يلتقيا بشكل تفاعلي رائع.

التفاعل بين أعضاء الفريق آخّاذ بواقعيته، وساحر بتناغمه وتميزه، دون المبالغة به، أو أن يكون سطحيًا بتفاعلاته، ويعرف كيف يعرض سمات الاسترخاء التكميلية للشخصيات ويغير جو اللاعب خلالها بشكل ذكي، وأحيانًا يستذكر ما حدث وكله بسياق الحوارات التفاعلية، ومن أمثلته أحداث الإحتفاء بعد إنجاز المهام الشاقة، وكذلك تجربة طعام البلدان الجديدة بعد رحلة طويلة وهو اختيار مناسب له لزيادة التناغم دون حشر أو إفساد للقصة.

تتشارك القصة مع قصص «Persona» بإحياء أصغر التفاصيل بدقة، لتغمرك في قلب العالم بشكل حياتي كأنك تعيش به، هذا التوجه من القصص يقبل مساحة أوسع من الحوارات والبناء، ومزجه مع لعبة تقمص أدوار طويلة الأمد «RPG» دومًا ما يكون موفقًا للترويح عن النفس.

يزداد تناغمه أكثر مع توجه الأيام الفريد الذي يُشعرك بالوقت، وتقدمه بشكل حي، وفوقها هيكل قصة متداخل الأصل ويتبع توجه المغامرة، فياله من مزيج صلب تمكّن الكاتب من البناء عليه بشكل سليم.

ينفرز الحوار لأقسام تساعد اللاعب اختيار ما يناسبه، من حوارات القصة المصحوبة بإخراج وأداء صوتي دسم، إلى الحوارات التكاملية متوسطة الأهمية دُون أداء صوتي، من ثم حوارات إرشاد اللاعبين في المغارات، ووقت الفطور الصباحي، وما بعد الأهداف التلخيصية.

يتبعها الحوارات الاختيارية بناء على احتياج اللاعب من حوارات العالم التكاملية، والغرف الآمنة باللعب، وما قبل الإنطلاق بالرحل. مع العلم أنه تمت قراءة كافة الحوارات بأنواعها لضمان ثبات جودة الكتابة، وتوكيد نقطة قوة التفاعل بين الشخصيات فيها، وعرضها بشكل عميق غير سطحي أو موجه لك فقط، عدى عن إضافته أبعاد جانبية لا تظهرها القصة بالضرورة دون إهمال الأمور الأساسية بالطبع.

حوار آخر بارع ببناء الشخصيات، ومناسب لتوجه الحياتية هو الذي يكرر فكرة ما، لكن من منظور مختلف، وبشكل لا يخرج عن سياق الحوار الممتاز مثل مشهد حديث «Batlin» عن البطولة، وبعض قوانينها التي بالفعل نعرفها، لكن يقدمها بطريقة مثيرة وكأنها لعبة، ليرفع من حماسة الجمهور، وفضولهم لمتابعة مستجداتها.

مع أن حواره قد لا يقدم الكثير بالضرورة للاعب، إلا أنه تمكّن من بناء شخصية كاملة بامتياز وعمق، وعرض حوار رائع قوي، وهذا البناء ضروري لأمور معينة تتضح لاحقًا، وبنفس الوقت هو مثير ويخدم بتقدم القصة، وليس مجرد بناء فارغ.

الخلاصة، الحوار قيم ووازن بين خدمة القصة بتقدم الأحداث، وبناء الشخصيات بواقعية في تحاورها، وعبقري في بلورة أمور اللعب بشكل تفاعلي رائع، وهو من أفضل الأمثلة على كتابة حوار، وفرزه لأي «RPG»، مدرسة في ذلك.

لا أجده أنضج من «Persona»، بقدر ما أن توجهه مختلف بصفة عامة عنها، لأني أراهما يتشاركان المزايا الكتابية المذكورة تمامًا، فحتى مع عمر شخصيات «Persona» الصغير إلا أن أبعادها ونفسياتها كُتبت بإبداع درامي عميق قلما يجيدها الكتّاب اليابانيون، ويعرضوها بهذه القوة الدرامية، ربما بسبب ضحالة فهمهم للشباب بهذا العمق، أو لتفاهة مغازي قصصهم بالأصل.

الأحداث والحبكة Event & Plot 

الأحداث هي السبيل لإحياء كل ما يتعلق بالشخصيات، ومنها تتكوّن الحبكة، وعلى الألعاب تحدٍ إضافي بموازنة رتمها وتوزيعها بين أجزاء اللعب بانتظام، وكعادة «Persona» فهم أساتذة في ذلك.

الأحداث ثقيلة الوزن في وقعها على القصة والعالم، ولا تنسى أو تسخّف شيئًا قدمته، والفضل يعود لفهم الكاتب لتأثير كلٍ منها على الشخصيات، وإظهاره ما يترتب عليها من آثار نفسية، وسلوكيات لا تنتسى. كالجروح المفتوحة التي يصعب إغلاقها، والمظلوم الذي لا ترقد عيناه من الرعب الذي واجهه، وما تقوم به من خير يتذكره أهله، وإلخ…

قد لا يكون هذه الدرجة من الوزن مهمة إن انحصر تركيز القصة بزوايا معينة، لكنه بلاشك ضروري لقصة قائمة على التوجه الحياتي الذي يُعنى ببناء أدق الأمور، ومحاورها، وذلك ليس بممكن إلا على الكاتب الواسع الخبرة، والفطن بإدراك كل ما يبنيه ويضعه ضمن هذا الكم الهائل من التفاصيل دون أن يغصبها، وذلك يتم بحسن نسجها.

الأحداث مميزة بإحياء الشخصيات، وتحريك الحبكة وتعقيدها بشكل إيجابي. وهي متزنة الرتم، تتسارع أو تتباطء عند الحاجة، وتتخذ منهجية مميزة عن قصص «Persona»، لتركز على المغامرة، والتجوال حول العالم الخيالي، وهو ما يتماشى مع هيكلها، مع الحفاظ على الدراما الفاخرة التي اعتدناها من «Persona».

التجوال يحتاج لسير أحداث لا يقتصر على نمط معين كقصور «P5»، وهذا ما أتقنته القصة في تنوع الأهداف، واختلاف أوقات وأفكار وأنماط لحظات الإستيقاظ، لتصنع مخطط سيرها الخاص الملائم لها.

لا تمطط الأحداث بأي أمر لا يتعلق بالهيكل أو البناء عليه على غرار «Persona»، مما يجعل أحداثها دومًا شيقة، وتبقي اللاعب على انسجام طوالها، خاصة إن كان قد حفظ قصص ألعاب التصنيف والأنماط المتبعة فيها، فسيزداد تقديره لحسن تتابع سير أحداثها، وقيمة كل واحد على القصة.

البناء للمفاهيم الخيالية ضروري، فللخيال حدود ومنطق، وإلا لتحول إلى خزعبلات، وبنفس الوقت فالأحداث تخدم ببناءها دون إيقاف القصة من أجلها، وهذا من خلال تكوين أحداثٍ تخدم الهيكل القصصي وتستغل هذه الأفكار في خدمة سيرها دون الإضطرار لإضاعة وقت أكثر من اللازم عليها، أو تهميش أهميتها كليًا.

مهما احتوت «Persona» من خيال، وعلا طرازه، فتبقى عالمين منفصلين عن بعضهما، إحداهما مماثل لعالمنا، والآخر هو الخيالي، بينما هنا ترتبط كافة الأفكار بنفس العالم، مما يجعل لكل واحدة إمكانات مختلفة، وسررت بإدراك الكاتب لهذا الإختلاف وإبرازه له خلال الحبكة.

تحترم القصة عقل المشاهد في الخيال بموازين وقوانين لا تكسرها، وتوظف نفس الفكرة بأبعاد كثيرة وجميلة تتناغم مع الحبكة وقد تمتد لتخدم اللعب، مثل فكرة التنقل أو فكرة الإنتقال للأكاديمية من الكتاب، وتتناغم مع بعضها بأكثر من وظائف كأمثلة بالإمكان الاستطراد بها لولا أني أخشى الحرق.

تبدأ خيوط القصة منفصلة، وتترابط تدريجيًا معًا لتشكل إحدى أروع وأميز الحبكات الدرامية الخيالية كما اعتدنا من أحدث أعمال المخرج، يمكن تلخيص سر قوتها بفهم الكاتب لأسس خيال عالمه، وموازين قواه، وأركان الهيكل القصصي، مما مكنه من بناء حبكة تستغله بشكل سليم.

من شدة روعة الحبكة أنها تعرف كيف تبني، وتمهد، وتربط كل شيء بوقته المناسب، واحيانا تبني لأمور بالباطن، بحيث يكون ظاهرها عرض الأطراف، وباطنها التمهيد بإبداع، دون التشتت عن الهدف الرئيسي للقصة، ومع اختيار الأوقات الملائمة كأحداث التفاخر بالانجازات، أو البحث عن الفرائس، مما يشكّل إيقاعًا منسجم مع بعضه، ويجعل كل جزء منه منعش، ويشد اللاعب.

تتوزع الحبكة على جزئيات «Arcs» يقسمها بشكل جيد، ويسمح بملاحظة اختلاف سير كل واحدة عن السابق، مع جودة مجملًا رائعة لكل واحد منها، وما يحدث من «Plot Twist» يقلب حرفيًا المجريات بشكل جيد، ومثير يزيد تعقيد الشخصيات، والحبكة، وكل القصص عمومًا عالية الجودة لم ألحظ تذبذبًا فيهم، وأخص «Martira» بالثناء لما قدمته من جودة إستثنائية.

تسلسل الأحداث، والتطورات مدروسة، وحتى إن بدى بعضها غير منطقي بالبداية لكن بعد التفكير به، ستجده معتنى به، كإحدى المفاجآت التي أول ما رأيتها شعرتُ أن شيئا منها غير منطقي، إلا أنه سرعان ما فكرت، وبعدما أعدت بعض الأمور لم أجد أي خلل فيها، بل على العكس زاد تقديري لقدرات الكاتب بربط الأمور ببعضها.

مع ذلك لا أقول أن القصة مثالية ومع أنها من الأقرب لذلك، إلا أني أجد بعض الإبر في كومات القش التي لا تنقص من جودتها في الضرورة لكن بها شيء من اللامنطقية، مثل أمر ما بأحد تقلبات القصة عند الذروة، ومشهد أنمي معين في آخر اللعبة فيه مبالغة «بالأكشن»، وبعض الأخطاء الصغيرة إن تصيّدتها «Nitpicks» التي أغلبها لن ينتبه لها إلا دقيق الملاحظة.

إن لم تكن جميعها مبالغة، فأغلبها تتكون قبيل الجزئية الأخيرة، لتلاحظ هرولة بالأحداث، وعرض لأهم المهم منها، وتلاحظ منطقة فارغة على الخريطة مع أن بيئتها ملفتة للنظر، والمكان الرئيسي فيها لم نراه كفاية رغم أهميته القصصية، وما يليها من أحداث كانت بحاجة لبناء أكبر، وفوقها كان يمكن بناءها بسهولة في غضون الوقت الأكثر من كافي لها، فيا إلهي ما حل بهم؟! 

حتى مع تدهورها، وحذف العديد من التفاصيل، فلا تزال لا تخرج من نطاق الجودة، لأن الكتّاب اجتهدوا بشكل جيد في أغلب التبريرات وعرض الأمور الهامة وتغطية وقتها، لكن بالتأكيد ثمة خطب ليس بطبيعي فيها عندي شكوك عالية حياله.

لا أجد مشاكلها منغصة لكونها أمور لا تكاد تُذكر بالنظر للكفة الأخرى من ميزان الإيجابيات، ولكن لا شيء مثالي بالحياة، فحتى الأساتذة، والدكاترة ليسوا بمثاليين، لكنهم قد يكونوا الأجدر بمناصبهم وألقابهم لأنهم من الأفضل بذلك، وهكذا الحال تمامًا مع هذه القصة الرائعة.

الإخراج Story Production

لطالما آمنت بروعة وتميز إخراج «Persona 5»، فقد قدمت حيلًا فريدة بإحياء الشخصيات، والتعبير على وقع المشاهد بدقة عالية فيها، من أشهرها الإستحداث الثوري لفكرة صور تعابير الشخصيات أثناء المشاهد.

طورت «Metaphor» من دقة مجسمات الشخصيات مما أتاح لها فرصًا أكبر في المجال السينمائي، ومع أننا رأينا أمثلة على مجسمات شخصيات برسم فني ذي جودة عالية، إلا أن مزج ذلك مع أسس إخراج «P5» نتج عنه إبداعًا جديد.

صور تعابير الشخصيات أثناء المشاهد تكون أسفل يسار الشاشة، وهو قرار إخراجي دقيق يترك مجالًا مهولًا لرسوم اللعبة بعرض تفاصيل المشاهد بأماكنها، وشخصياتها، وكل ما يتعلق بها، مع الحفاظ على وصف الشخصيات بإحكام، وموقعه يساعد على النظر إليه تلقائيًا أثناء قراءتك النصوص. 

حتى مع تطور رسوم المجسمات في اللعبة، فلا زالت تعابير صور «الأنمي» أكثر تفصيل خصوصًا مع تصميم الشخصيات الفاخر، ورسم التعابير القوي، والإعتناء بأعلى درجات الدقة والواقعية بوصف الشخصيات؛ ولكن هذا ليس كل شيء، فهناك وظائف أخرى للتعابير.

من هذه الوظائف، إظهار تعابير الأطراف المقابلة لبعض عندما يتحدث أحدها ولا يظهر وجهه مثلًا، مما يتيح للكاميرا فرصة التقريب على الشخصيت بدون الضرورة لتبديل موقعها كلما تحدث آخر. ومنها كذلك إتاحة المجال لإبعاد الكاميرا والتفنن السينمائي بعرض الأحجام، والبيئات دون التخلي عن تعبير الشخصي، وغير ذلك من فوائد إخراجية.

سرعة تحريك فم الشخصيات في تعبيراتهم متزنة للغاية، فلا تتسارع بشكل مفرط كبعض الألعاب القديمة، أو تتباطئ لتحاول أن تحاكيهم بواقعية، مما يعني أنهم بذلوا مجهودًا كبيرًا في تحريك كل تعبير ليظهر لنا بهذه الجودة العالية، عدى عن إحياء حركة أعين كل شخصية وبكل تعبير عند الرمش.

زوايا تعابير الشخصيات متفننة بكشف تفاصيل باطنة عنها، حتى في الشخصيات التي تظهر في جزئيات معينة مثل «Morris»، أو الجانبية مثل المرشحين وشخصيات روابط التُبَّع.

حركة مجسمات الشخصيات معتدلة، ولا تتنفس بطرق مبالغ بها، أو غير واقعية ككثير من سلاسل التصنيف، والألعاب التي تتخذ منهجية فنية مشابهة، مما يزيد إمكانية الإنغماس معها.

تتميز الشخصيات بالإعتناء في كل حركة عند كل واحدة، فمثلًا طريقة مشي، أو هرولة، أو جلوس، أو تفكير، أو توتر شخصية غير نفس حركات هذه الأوضاع عند أخرى، وهذا وحده يرفع بقوة قيمة الإخراج، ودقته للتعبير عن أصغر التفاصيل التي تضيف أبعادًا للشخصيات، فياله من إبداع رائع، تجد سلاسل واقعية  بأكملها، وعالية الميزانية لا تهتم بهذه الجوانب.

الإعتناء بتعابير وجههم بالرسوم لا بأس به، ودون الصور أسفل يسار الشاشة ربما كان سيكون نقصًا، فمع أنها تطورت المجسمات عن «P5»، إلا أن تعابير الوجه فيها لم تصل مستوى عالي نفس ريميك «P3» الفاخر من هذه الناحية، وهو اهتمام ليس بضروري مع وجود صور التعبير أسفل يسار الشاشة، لكن توفير الميزانية للإهتمام بتحريكهم ووضعياتهم كان أهم وقد أحسنوا تحديد الأولوية، ولذا فلا ينقص ذلك منها شيئًا. 

اهتزاز الكاميرا بدرجة طفيفة للغاية أثناء المشاهد وزيادة شدته أحيانًا بحسب الموقف أجد لها قيمة عليها، ومع إحياء الأجواء والبيئات بحركتهم الطفيفة مثل ضباب المنجم، ودخان الموقد، ووهج الإضاءة، وقزازات «Magla»، وغيرها الكثير من اللمسات التي تضيف حيوية حميدة للمشاهد مع الشخصيات.

إظهار أحجام المناطق والآلات مقارنة بالشخصيات رائع بالإخراج، أو الأدوات البارزة كاللوحات، أو حتى الوحوش، فكما ذكرت دقة المجسمات العالية زاد من مجالات التفنن، مثل التكبير على الجنية «Gallica» أثناء تموهها مع البيئة بمهمة سرية، وعرض هول مركبة إحدى الشخصيات، وأمثال عديدة أخرى.

إضاءة الأماكن الداخلية والخارجية بشدتها، وتلوينها مبدع، بالإضافة إلى التوجه الفني لكل مدينة، أو بيئة في التنقل تعزز هذا الجمال والإبداع. التوجه الفني واللمسات البسيطة تساهم في إعطاء جو مميز مثل  طريقة عرض أسامي المناطق عند ظهورها، وكيف تكون في بادئ الأمر بلغة «اسبرانتو»، ومن ثم تتحول للإنجليزية.

حركة صندوق النصوص المميزة، ودرجة بياضه المشابهة لحبر المخطوطات العتيقة، ورسم صور الشخصيات أسفل يسار الشاشة الغنية بالتفاصيل، والمميزة بتلوينها الصعب، والملائم لتوجه القصة، والعالم، ومواضيعهما المطروحة كله يساهم بإعطاء جو عليل.

لي فقرة لاحقة بإذن الله أفصِّل في بداعة الألحان والهندسة الصوتية، وهم جزءًا هامًا في التجربة، سواء في توظيفهم، أو توقيت دخولهم وخروجهم، أو ملاءمتهم مع الجو، أو كتابتهم وتميزهم، إلخ…

مشاهد «الأنمي» رائعة إخراجيًا، رسم الخلفيات معتنى بتفاصيله، ومتناغم مع العالم والقصة، وكذلك رسم الإضاءة قوي، ونجح بجعل الشخصيات متناغمة مع البيئة بشكل جيد، التفنن بلمسات متنوعة إخراجيًا من حركة الكاميرا، وزواياها كذلك مبدع. كما أن بها استقرار برسم الشخصيات وتفاصيلها أكثر مما كان في «Persona 5» والله أعلم خاصة في أطوالها عند التحريك أو مع مختلف الأبعاد.

مع ذلك، أجد أن هناك درجة أعلى من رسم الشخصيات بحيث يكون توجهها أكثر دقة وأقرب لرسمهم كما في صور تعابيرها خلال اللعب، ولكنها تبقى تطور كبير في التحريك المبدع، ورسم الشخصيات عن «P5» مع الحفاظ على مكامن الامتياز الإخراجي والقصصي عمومًا.

مشاهد «CG» ليست ببعيدة عن «الأنمي»، ولكن توجهها مختلف لتستعمل رسوم اللعبة وتتفنن بدرجة سينمائية في تحريك الشخصيات، والكاميرا، وتتميز بالتركيز على تعبيرات الشخصيات، وإبراز تفاصيلها بشكل عالي عند التقريب، وبعضها متفنن بخياله مثل ملابس «Heismay».

كلا من مشاهد «الأنمي» و«CG» رائعات بالإجمال، ومبدعات بالإخراج، وتوزيعهما، ومدتهما ممتازة، لتعطي وقعًا لمشاهد محورية من تعريف هام، أو تطور ما وتشد إنتباه اللاعب لها.

لا عجب في إبداع الإخراج بكافة وأدق التفاصيل التي تحيي مقاطع الثلاثية الأبعاد.  والمسؤول عنها نفس الشركة المساهمة في مشاهد ألعاب «Xenoblade Chronicles» بكافة أجزائها: «Graphinica Inc»، بقيادة مدموجة بين هواة، وعريقين مع ألعاب الشركة الفريدة نفس «Hiroki Fujioka».

أما عن مشاهد «CG» فهي بقيادة «Chihiro Hashimoto» الذي سبق أن عمل على ألعاب دسمة إخراجيًا عُرفت بإبداعها في هذا المجال مثل «MGS V»، و«Nier Replicant»، وحتى «Persona 5».

بينما تصميم ما يتعلق بالمعارك من تأثيرات، ووحوش، وحركة، وما إلخ… يتضمن عدة مصممون من أبرز أعمال كثير منهم سلسلة «Monster Hunter».

الإدماج «الإنجليزي» (الدبلجة) رائع، وتفوقوا المطورون مجددًا على أنفسهم فيه، لدرجة أنه من وجهة نظري أراه أنسب، وأكثر واقعية وتعبيرًا للعالم، والشخصيات، من الياباني الممتاز أصلًا!

اختيار اللكنات المختلفة للشخصيات، وطرق حديثها، وخامات صوتها خدم بشدة دورها ومعرفة بعض صفاتها مثل «Heismay» وحكمته – خبرته. «Haulkenberg» وصرامتها.

كما أن قدرات المؤدين في التعبير عن المشاعر عالية، وتساهم أكثر في إبراز سمات سليمة للشخصيات، أو حتى الأحداث، وبالفعل أبدعوا بشدة.

آداء «Louis» الواثق من نفسه، والفخور والراضي بما يفعله، وأي شخصية بالغالب أداؤها رائع، خاصة الأنغام، والإنسجام التي تصدره الشخصيات إلى درجة أني عند مرور كل جملة قيلت في العروض، أتذكرها فورًا. وسمعت أن بعض المؤدين بالأصل عُرفوا بسرد الروايات الصوتية. 

صوت الراوي أثناء الرحلة وسرده للقصة في غاية الروعة، فنبرته هادئة، ومع اللحن ساعده ذلك على خلق جو مثير رائع للقصة. حتى آداء شخصيات القصص الجانبية أمثال «Alonzo»، و«Maria» قمة في البهاء والروعة، لكن للأسف لم نتمكن من سماعهم بشكل كاف لحدود الميزانية.

النهاية Ending (بدون حرق – كلام عام)

من النهايات المنطقية، والمثالية، والمتكاملة بكل معنى الكلمة، ولا تلتفت لوردية مفاهيم معينة، وتجسد الأمور بواقعية تامة، وأعتبرها درسًا لكيفية ختم قصة ضخمة، وعالم خيالي واسع، وهيكل متشعب تعقد بشدة.

إلا أني أعتب على تجنبهم هذه المرة نهايات «What If» التي كانت تطلعك على نتائج الاختيارات الخاطئة في «Persona» بآخر القصة، وعوضًا عن ذلك استبدلوها بنهايات «Game Over» عابرة، وهذا من الجوانب التي تمنيت الإعتناء بها، ورؤية ما يمكن ليحصل لو حدث كذا، أو كذا، خاصة في إحداها، أتفهم أنها مكلفة، لكني لا أشك بأدنى ذرة من قدرات كتّابٍ كهؤلاء على الإبداع بها، ولكن للأسف، فرصة ضائعة.

وأجد أن ربط النهايات بالمهام التي تنفذها، والشهرة التي تصلك إليها بناء على نوعيتها كان سيكون قرارًا رائعًا، ولو أني أتفهم عدم فعلهم ذلك لأن المهام محدودة وكانت ستكون كأنها ترغم اللاعبين على تنفيذها، وبالإمكان تطبيق الفكرة لو أن المهام الجانبية في كل فصل أكثر إلى درجة عدم اتساع الوقت لتنفيذها كلها، فيصبح هناك حرية للاعب بتنفيذ ما يحلوا له، وعاقبة ذلك أن تتفرع القصة عند جزئية ما ويترتب عليها ما يشابه مسار «Law – Chaos» من «SMT»، ويستقل كل مسار بمغارة رئيسية ضخمة مثلًا، أو قوالب خاصة به «Dark Archetypes – Light Archetypes».

فكرة كهذه رغم روعتها إلا أنها بحاجة لميزانية أعلى، وأتفهم عدم تطبيقهم لها، ولكني أراها ستعطي بُعدًا أكبر للهندسة، وتميزًا عاليًا لخلطتها، وكذلك كانت ستلائم الإحتفاء بالذكرى الخامسة والثلاثين للشركة.

من الجانب المشرق، نهايات تجاوز «Deadline» إبداع من الطراز الرفيع، وقد أحسنوا صنعًا بها، وبإسقاطاتها، وكتابتها، ووقعها. فعلًا رائعة، وتساهم بإيصال مغزى اللعبة ايضًا في طريقة مميزة.

المواضيع، والمغزى القصصي Messages And Themes

طالما طمح المرء، فلابد من ظهور عقبات غير متوقعة، أو مرغوبة، أو حتى مؤلمة، وفي تلك اللحظات لابد من أن يحاول القلق، والخوف، واليأس من أن يتملكانه، فعندها إما أن يعود خائبًا بائسًا، أو يواجهها، ويسيطر عليها إن أراد تحقيق مراده، وإن كان ذلك صعبًا، أو مرَّا بالتضحيات التي عليه إتخاذها.

دومًا ما يخشى المرءُ المجهول، إما لأنه لم يجربه، أو لجهله للتغيرات المحتملة حوله سلبًا أو إيجابًا. أو ربما لعدم علمه ما سيتغير بالأصل، وهذا ما تواجهه الشخصيات وتطرحه على نفسها، وتحاول التصدي والقضاء عليه.

تتبع الأحداث بعضها بشكل شيق، وتكوّن الحبكة بسحرها الخاص؛ واصلة ذروتها المحتدمة المتميزة، والمبنية بلباقة (بنسبة عالية)، ومن ثم تختتم بوفاء قصتها حاملة معها رسائل هائلة على عاتقها لترسلها إلى المتلقي، لا لإيصالها كمعلومات بقدر عرضها كجزء من مشكلات القصة، وهذا من الإسرار خلف الوقع الرائع التي تتركه.

القصة جريئة على تناول مواضيع حساسة تشمل أمورًا إجتماعية، وأخلاقية، ودينية، وسياسية مقدمة بتكامل، وبتفصيلٍ دقيق بعيد عن العواطف، مما بعكس نضج كاتبها.

ركز الكثير من الناس على رسائل العنصرية القبلية، وفي الحقيقة ماهي إلا أداة تدعم الموضوع الأكبر، وهو القلق، والمجسد بصور متعددة من الظلم، وتجربة المجهول، والإضطرار للتضحية، وما إلى ذلك بشكل أكثر من رائع، عدى عن التطرق لمواضيع مختلفة وحلها بشكل جميل.

“قد يبدوا موضوع القلق بسيطًا بالظاهر، لكننا نأمل ألا -بمجرد إنتهاء الناس من القصة- أن يقولوا: أوه استمتعنا بالهروب من واقعنا، والآن لنعد إليه”

  • كلمة المخرج يوم الإعلان عن حلة اللعبة النهائية.

لم أعرف كيف سيطبق الكاتب موضوع القلق بطريقة غير مبتذلة، وبكامل طاقته العميقة لكني تفاجأت من مستوى حمله لها، فهي ضمنية في القصة، وما يتقلب من مخاوف غير متوقعة، وأمور مؤلمة تشج العواطف، وترسخ بالأذهان، وترتقي لتصبح من أفضل من أجاد تجسيد موضوعه الرتيب الأصل.

كل ما تراه في العالم الخيالي يخدم الرسالة بطريقة أو بأخرى، سواء القوالب، أو قلق الناس وآثاره، أو رواية البطل، فتجد أن الناس تخشى المجهول، ولا تدرك أن الخوف مجرد عائق للنجاح، أو ربما مرد لسيء الأفعال، وكلا الجانبين تسلط عليهما القصة ضوءها بشكل أكثر من رائع.

السعي وراء المثالية لا يجعلك مثاليًا، ومحال أن تسلك دربًا نقيًا دون تضحيات، وعثرات، تمامًا كحال الشخصيات التي ترتكب أخطاءً تندم عليها.  لكل شخصية خيال، ورؤية للعالم المثالي، إلا أن لكل واحدة ثغرات واضحة تعكّر المثالية التي تتصورها، وبما في ذلك البطل وروايته، وقد أحسنوا تجسيد الأمر بأجمل حلة ممكنة.

قد أحسن الكاتب صنعًا في طرح رسائل المخرج وإيصالها بجمال مؤثر. دروسٌ كثيرة يُستفاد منها تجعل القصة هادفة، وليست محض كتابة وحبكة فاخرتين، بعض الرسائل قد تبدوا غير مثيرة، أو مبتكرة، إلا أنها غير مسبوقة التطبيق، ومؤثرة العرض، لبُعدِهَا عن الحبكات المستهلكة، والطرق التقليدية في إيصالها، ولطريقة تركيب العالم المميزة لخدمتها.

تتعامل اللعبة مع المواضيع المطروحة، ورسائلها بنضج، ومنطقية، وواقعية، وتكاملية ولا غنى لواحدة عن الأخرى. كثيرًا ما نرى الأعمال الهادفة برسائلها تكون رغم روعة وعمق هذه الرسائل غير ناضجة بالقصة، أو بالتعامل مع مواضيعها بإحدى الأركان الأربعة المذكورة.

ليس كل ما يريد أن يوصله المخرج، أو الكاتب يعني منحه القدرة على إحياء وقتل ما يحلوا له، أو بناء مجريات وردية يتلاعب بها لتحقيق غايته، ولا يحققها فعلًا إلا بالوعي الكامل لأبعاد الرسالة وكيف سيتم ايصالها بإطار المنطق، ويصورها بواقعية في عالم قصته، وحبكته، ويطبقها بتكاملية التفصيل وما يترتب عليها من تأثيرات شاملة، ولن يتقنها إلا كاتب ناضج الفكر.

طموحك لمناصب عليا ليس بالسهولة التي تتخيلها، فعلى الكاتب أن يحيط بكل جوانب طموحات كهذه، وألا يركز على معضلة أو شيء معين. قد تقبل بعض القصص ذلك، لكن «Metaphor» تتبنى توجه يُعنى ببناء أصغر التفصيل، ولكن مع عالم خيالي، وفوقها تتمحور حوله قضايا ضخمة ومعقدة، فياله من عبء حمله الكاتب والمخرج على نفسيهما، ويالها من براعة بتمكنها منه بشكل نجيب مجيدًا لكل أطرافه حتى مع صعوبة تطبيقها.

بناء العالم وكعب القصة World Building – Lore/Backstory

القصة الرئيسة أهم ما يحدد قدرات الكتّاب فهي الأساس، وما يُبنى حولها من «لور»، و«قصص»، وغيرهما يعود بالنفع عليها، وإعطاء أحداثها وقعًا، ويساهم في بناء تفاصيلها ليشكل تكاملًا لها.

تبسط الألعاب نطاقها عن أي مجال ترفيهي آخر في إمكانية بناء العوالم بتكامل، ودقة شديدة، وبالتالي يسهل على الهواة، ويصعب على المحترفين إحياؤه لخدمة القصة الرئيسة، ويتفاوت جودتهم بحسب إدراكهم لإمكاناتها، وبحسب خبرتهم الشخصية والقصصية، ومهاراتهم الكتابية.

أساءت الكثير من الألعاب بناء عوالمها لإخفاقهم بتوظيفه، فيكون كوسيلة لسرد الأحداث، والحبكة، وهذا خطأ يضرها، ويضر إهتمام اللاعب بها، فمهما بلغت جودة أفكارها، ستتشتت كلما كبرت، وتتولد فراغات يسدها خيال اللاعبين، ويزيدها نقوصًا ضعف بعض الكتاب وجهلهم بالأركان القصصية، وعشوائية المعلومات، وسوء الرتم، مما يزيد الطين بلة، وما ذلك إلا جزء من مشاكل توظيف العالم، ومفهوم «Lore» الشائِعَين.

تميز وجودة العالم الخيالي Fantasy World Uniqueness, And Quality

لم يحتذي الكتّاب بخطى العوالم الشائعة، أو الحديثة، وعلى غرار اللعب، استفادوا من أوائل أعمال الخيال التي أحدثت ثورة آنذاك، وبالإلمام بها وفهمها، استطاعوا تكوين عالمهم الخاص، ولعل مصدر الإلهام الأكبر كان رواية «Utopia» السياسية من الكاتب «Thomas More»، ويتضح ذلك من خلال تصميم خارطة عالمهم، واسم شخصية «More» وروايته، وحتى المواضيع المطروحة فيها، والإسقاطات عليها.

يمكن ملاحظة استفادة كبيرة من أعمال استوديو «Ghibli» مثل «Castle in the Sky» بفكرة المركبة المتنقلة «Gauntlet Runner»، وتوظيفها القصصي، وغيرها من أفكار خيالية وجودة تشعرني وكأني ألعب لعبة من ذاك الاستديو وبجودة وعمق نسج مشابهة لا بالمظاهر فقط، إنما وبالعمق ايضًا.

الخيال واسع، ومميز بأساسات العالم، وتناغمه مع بعضه، والأركان القصصية، مثل قزاز «Magla» الذي تشرحه القصة ببساطة، ويسر، وكلما تقدمت، وجدت متانة أسسه، وتعدد وظائفه المتناغمة مع القصة، والعالم الداعمين لبعضهما، وانعكاسه على اسم اللعبة استعارة «Metaphor».

يصعب التفصيل بالاستعارة دون حرق، لكني أكتفي بذكر إسقاطات من عالمنا كالإشعاعات، وما شابهها على مفاهيمهم الخيالية المتمركزة حول السحر، بنفس المشاكل التي نعاني منها، ونفس الحلول الممكنة للحد من الاستخدامات السيئة للأدوات التي ممكن أن تكون سبيلًا لعالم أفضل، ولو سنتحدث على الأمور الأكثر وضوحًا ودون الحرق فلا أفضل مثال من الرواية الخيالية.

تمكن الكاتب من صنع عالم قصصي خيالي دقيق الوصف والنسج، داخل عالم خيالي عميق الأصل، وتحاكي عالمنا كـ«يوتوبيا» لهم، تم بناءها، وعرض تأثير كل جزئية وفكرة، بل وحتى رسالتها ككل على الشخصيات والحبكة بشكل يشار إليه بالبنان من قوة طرحه، ومنها نستنتج الرسائل الطيبة التي ترسلها إلينا اللعبة، وتعكس بها فكر المخرج والكاتب ببراعة واحترافية.

لو أخذ البعض الرواية بشكل سطحي كأن تكون هي الرسالة لنا، أو أن يظنون أن المقصد عكس عالمنا بحاله، فهذه التحليلا خاطئة، وإنما الرسالة تكمن بتوظيف، وتفاعل الشخصيات معها، وما ينتج من تأثير على القصة، وهذه إجادة أخرى، فبناء عالمها موزع بإنتظام في فضول الشخصيات، والجزئيات التي تمسهم بشيء من آلامهم، أو صراعاتهم، أو تربط الأركان ببعضها بشكل جميل. وعدى عن أن فكرة تجسيد عالمنا نحن كـ«يوتوبيا»، وبالنسبة لعالم خيالي هي بالأصل عظيمة، ولم يخيبوا باستغلالها بصلابة.

عدى عن أمور خيالية أخرى متينة، أو منها الغير مبتكر لكنه مميز العرض مثل السحر وربطه بأصغر الأمور مثل ألحان رأس البطل، وقصر الملك (الشبيه بالقمر من «The Legend Of Zelda: Majora’s Mask»).

قصص المناطق التي تمر بها أثناء رحلتك، وخيالها الواسع الذي يبني لتكامل العالم، ويمتعك بأجمل الخيال، ويبدل الأجواء عن القصة الأساسية، ويضيف لوقع الرحلة بألذ التفاعلات بين الشخصيات، مثل شجرة النبوءة التي يُستدل بلونها على الكوارث الآتية، لكنها متأثرة حاليًا باللون الأحمر، مما يُعد مصدر شؤم للبعض.

وجود جنية برفقتك خلال الرحلة ذكرني في «Link»، و«Navi» من «TLOZ: Ocarina of Time»، وهي مزيج ملائم في عالم خيالية، وفكرة تسمية اسمك في أول اللعبة عن اسم البطل تذكرني في «Baten Kaitos: TEWATLO»، لكن بتطبيق مختلف عنها.

فكرة القوالب بحد ذاتها واسعة الخيال، والأجمل أنها تختلف عن مفهوم «Persona» سواء بالظاهر منها، أو بالباطن لو تعمقنا بمبدأها النفسي والفلسفي، ورائع إظهار القصة لذلك وسهولة إدراك هذا الاختلاف، وفوقها أجده مميز عن أي أنظمة «Classes» بالعادة.

قد تتشابه بعض الخيالات مع بعض الأعمال، لكن مجملًا مع بعضها تشكِّل خلطة فريدة، ومثيرة للاهتمام بأفكارها، وتكاملها، وحسن بناءها، واستغلالها لأفكار مميزة أخرى، وشخصيًا افتقدت لهذا الاستغلال القوي والنسج المميز لخيال كهذا في التصنيف.

شخصيات العالم، وحواراتهم NPC Characteristics, and Dialogues

أثقل الكاتب على نفسه حينما أتاح خيار العودة للمدن القديمة، فترتب على ذلك إحيائها جميعًا على مدار اللعب، ومع ذلك قد أفلح في واجبه، وأحياها بتكامل تام. ميزة هذه الحوارات تضامنها مع مستجدات القصة، والعالم، وتنوع شخصياتها، وجودة كتابتها، التي دومًا ما تقدم جديد ولا تكون مجرد تكرار للمعلوم «More Of The Same»، بل تصوير لأبعادًا إضافية ومن عدسات متنوعة لمواضيعٍ مختلفة.

تنقسم هذه الحوارات لأنواع:

1- تحاور بين طرف أو أكثر من شخصيات معلومة على مر القصة  بهدف إحياء ردود فعل عينات من البشر على مختلف الأحداث المحورية.

2- حوارات بين مجهول أو أكثر، تهدف لإيصال فكرة معينة بزمن معين.

3- حوارات عمومية تظهر على هيئة غيمة عابرة تتفاعل مع المستجدات، وأفعالك البسيطة نفس تجوالك بالسيف لتعطي حيوية عمومية.

نفس العرق لا يعني نفس الشخصية، هناك طباع عامة يتشاركوها، ويبقى حيز لسمات يستقل بها كل فرد بتفكيره، وتفضيلاته، ووجهات نظره، بناء على طبقته، وتجاربه، وشخصه، وهذا من إبداعات كتابة أفراد العالم.

نفس العرق لا يعني نفس العمر، للأطفال وجهات نظر مختلفة تتأثر بمحيطهم، وبأهاليهم، الذين يختلفون بحسب طبقتهم الإجتماعية المرتبطة بعرقهم، وحالهم المادي، والأعراق من حولهم.

تتطور شخصيات العالم خلال اللعبة، وقد تغير وجهات نظرها بأمور معينة، بناء على المنطق، مثل الطفل الذي يعاملك بعنصرية في البداية، من ثم يبدأ تدريجيًا بالتغير بشكل لطيف، وواقعي، أو أحيانًا شعب بأكمله يتغير بتغيرات معينة.

وكأنهم كتبوا شخصياتٍ كاملةً اختيارية، لا تحرك الحبكة، ولكنها تضيف أبعادًا لها، ووقعًا لعالمها، ولمجرياتها. ليست المرة الأولى التي يبدعوا في العالم وتوظيفه المثالي، فقد شهدنا شيء مشابه في «Persona 5» مع اختلاف عبء تجسيد عالم خيالي حي متكامل هنا، وبناء مفاهيمه؛ والاهتمام بأدق تفاصيله.

لا تعرض «Metaphor» جزء من المجتمع، بل أجزاء من عالم كامل، ويترتب على ذلك تحديد أولوية بأهم الأجزاء التي يجب عرضها. ولفهم الكاتب ذلك تمكن من تكوين أحد أروع الأمثلة على إحياء العوالم الخيالية قصصيًا.

الأشخاص وحوارهم يختلفون باختلاف المناطق، والوقت (مثل السكارى واللصوص ليلًا). والمدن الكبيرة كالعاصمة، غير القرى الصغيرة، ونفس البلدة لها أماكنها المختلفة. الحانة في العاصمة غير الحارة الفقيرة أو السوق، ولكل واحد ناسه، وأعراقهم وبناء على ذلك تختلف العقليات والمواضيع المتداولة، فالسوق يكثر فيه الإشاعات، وأخبار المدن الأخرى، بينما الحانات يكثر فيها الفضفضات، والفضائح، والتعنصر، وهكذا.

من شدة العمق أن حتى تعاملهم مع الناس، وتعامل الناس معهم يختلف بحسب ذلك، فعرق «Mustari» في العاصمة، غير عرقهم في جزيرتهم، سواء من ناحية معيشتهم، أو أعمالهم وتجارتهم، أو وضعهم إجتماعيًا، وكذلك ينطبق الأمر على أطفال العاصمة غير أطفال «Martira»، وقسوا على ذلك أمثلة عديدة أخرى بهذه الدقة.

تفيد الحوارات ايضًا ببناء بعض الأمور القصصية، والخيالية، وتمهد لبعض الأعراق، والشخصيات، والأحداث بأبعاد قد لا تراها لاحقًا، أو حتى تمهد لقصص روابط التُبَّع الجانبية.

بعضها قصص طريفة كقصة الجنديين المقابلين لبعضهما في الشارع، الأول مرتبك من نظرة الآخر الذي هو أعلى منه رتبة، بينما الثاني يتساءل عن شرود ذهن الأول، وصدقوا أولا تصدقوا، حتى هذان الجديان حواراتهما لها أبعاد على العالم الخيالي وتكامله عندما تتقدم بالقصة.

وبعضها مؤلم نفس بحث بنو «Paripus» عن عمل في العاصمة دون جدوى رغم جودة أيديهم، فسمعتهم سيئة، ولا يملكون مؤهلات، وبالتالي ترى أمثال صاحب حانة العاصمة متواضع، لكنه جبان من المجتمع، ولهذا يضطر أن يماثلهم بالتعنصر من أجل مصلحته.

تسمع ناس حول حانته يتكلمون ببجاحة عن طاهية «Paripus» “قذرة” استأجروها، واضطروا لطردها ظلمًا، وتراها نفسها في حال يرثى له خارجًا تبحث عن وظيفة، ووضعها يسوء كلما تتقدم في القصة.

بعيدًا عن المدن، فحتى القرى المتكونة من صور، لها حواراتها المتجددة أحيانًا، علمًا بأن حاجتك بالمرور إليها غالبًا ينحد بتنفيذ «Quest» فقط، ومع ذلك تفاجأت من إهتمامهم بتفاصيلها لو جربت العودة إليها.

القرى الصغيرة متنوعة المضمون، فبعضها لشعوب حالهم حال أنفسهم، ومزارعين مكتفين بذاتهم لا يكترثون لأمر البطولة، وبعضها لمنحازين لطرف معين، أو متدينين له، والتغيرات التي تجري ايضًا تضيء جوانب مميزة نفس الزراعة، ووقع بعض أحداث القصة وتغيرات العالم عليهم مما يضيف للتكامل.

صدقوا أو لا تصدقوا حتى لبائعي الدروع، والأسلحة وجهات نظر، وشخصيات مختلفة بحسب كل المذكور سابقًا، تجد بائع يمرر إرث محله أبًا عن جد ولا ينوي إغلاقه أيًا ما يحدث بالخارج، أو بائع يبغضك بصريح العبارة، دون القدرة على منعك من الشراء، وإلخ… تخيلوا أنهم كذلك حيويون بمستجدات القصة بإظهار أمور معينة لا أود إفسادها.

عابري السبيل في العالم من شخصيات غير قابلة للعب (أو يسموهم «NPC») يختلفون بين المناطق، والأوقات، تجد الربّان قرب الموانئ، بينما الأغنياء عند العاصمة، والجثث، أو المشردين في الزقاق، وربات المنازل في الأسواق وهكذا، وتتغير بعض المعالم بإضافة أو إزالة أشياء بناء على الأحداث، كالملصقات الداعمة لطرف معين، أو نافورة وأمر معين بـ«Martira»، وهكذا.

بعض الحوارات تمهّد لا لأحداث القصة فحسب، بل للأنشطة التي ستفتح لك في المدن، التي هي بذاتها جزء من بناء العالم الخيالي، والقصة بشكل أكثر من رائع، أو حتى تلمح لك بثغرات الأطراف الذين ستجابهم في الخطابات الاختيارية.

لو استطردت بإجادة حوارات العالم، وتفاصيلها التكاملية، وأقسام جودتها، وأمثلتها فلن أنتهي، وستتضاعف المراجعة أضعافًا مضاعفة! لذا فلنكتفي بذلك.

عندما أقول تكاملٍ للعالم الخيالي فأعني بذلك نسجًا دقيقًا لكافة تفاصيله الداعمة لبناء القصة، ويشمل ذلك اللصوص، السكارى، المعلمين، الطهاة، التجّار، العمّال، الحرفيين، المزارعين، المتدينين، الجنود، الأغنياء، المشردين، الأزواج، الأطفال، المسنين، ربات المنازل، المرَشحين، وغيرهم الكثير من العينات…

هذه الأبعاد، والجوانب لا تُعرض إجبارًا، أو لإخبارك بها فقط، بل تتبلور بشكل قصصي رائع من خلال حوارات واقعية، مكتوبة بجودة عالية سواء كحوار، أو أحداث. لا تقل عن القصة الرئيسة بأفكارها وجودة كتابتها المدروسة كي لا تكون مكررة أو سطحية، بل حيوية وتكاملية، وقد أبدع «Kentaro Fujita» في تخطيطها والله أعلم.

استغل كاتبها خبرته الحياتية بشكل جيد في كتابتها، ويتضح ذلك في عمق الأبعاد النفسية لفكر الشخصيات، ودقة نسجها العالية حتى في اختلافاتها الصغيرة، وأرى ألا تفرط الشركة بمواهب المسؤول عنها وتنميتها مستقبلًا.

قصص الأنشطة Activities Event

للأنشطة المكملة للخصال الملكية قصص تخدم تكامل العالم، وبناء الشخصيات وتنقسم لـ: أنشطة مدنية تبني العالم بشتى المجالات من أساطير، وحكايا مسنين، ودور فاعلي الخير، وإلخ… والآخر للأنشطة المركبة المنوعة من حوارات تتفاعل بها مع شخصياتك مباشرة، أو أثناء تنفيذ مختلف الأنشطة بها من طهي وقراءة كتب، وغيرها تبني العالم عمومًا وشخصيات فريقك خصوصًا.

حوارات المركبة مع فريقك ليلًا أو نهارًا تكمل خصال ملكية معينة بناء على دورها، وجزئية القصة، وتضيف لبناء الشخصيات، فمثلًا حوار تأملي حول الهدف القادم مع إحدى الشخصيات يكمل خصلة «Imagination»، بينما منافسة شخصية بلعبة استراتيجية تكمل خصلة «Wisdom»، وعلى هذا الإيقاع، مما ينظمها قصصيًا وينشئ تناغمًا مع تصميمها باللعب.

تتقسم قصة كل نشاط إلى عدة جلسات أحيانًا، وتتنوع فيما تحكيه أو تعرضه.

كل نشاط من أنشطة المركبة يبني جانبًا مختلفًا تمامًا كالمدن، فالطهي يزيد معرفتك بالشخصيات بربط أنواع الأكلات بها من خلال تفاعل لطيف معها، فمنها الذي تشتم به نسيم وطنها، ومنها التي تريك غرابة بني عرقها، أو التي تعرض سرية وتلاعب آخر, وكلها تطلعك على أبعاد أكثر للأعراق حتى في أصغر الأمور.

لا تتبع كل الأنشطة نفس الرتم، فبعضها حكايات تُروى إليك، وأخرى أفعال حالية، أو خطط مستقبلية. بعضها مضحك، وآخر مؤلم. وأغلبها يحوي العبر، والرسائل الداعمة للقصة والعالم. من أفضلها عندي هي مجابهة المنافسين في الخطابات، لأنها تتعمق في أفكارهم، وتكشف ثغراتهم.

ومع ضخامتها، وصعوبة الخوض بها في لعبة واحدة (مالم يتم استخدام حيل إعادة التخزين) إلا أن جميع ما رأيته منها معتنى بجودتها، وما تضيفه من أثر للعالم والشخصيات، بجانب حساب تلطيفها الجو لكي لا تكون مملة أو مكررة بما تقدمه.

قصص المهام الجانبية Quest Stories

قصص المهام الجانبية كثيرًا ما تكون ذات حوارات مبتذلة، وسيناريوهات مكررة على مر تاريخ التصنيف، وقلما نجد ألعابًا تتخذها كسبيل في بناء العالم، وإعطاءه تكامل، وحيوية، وحتى تفيد القصة الرئيسة بفرادة.

قد تكون أفكار الطلبات نفسها غير مبتكرة، إحضار شيء ما من مكان خطر، قتل وحش مفترس، إيصال طبخة، أو دواء معين، إلخ… وقد فصّلنا في جودتهم كتصميم لعبة في فقرة سابقة، لكنَّ جودتهم الكتابية تستحق الثناء.

سأسرد عليكم إحداها التي من أول اللعبة:

في آخر الأزقة، وحيث الأحياء الفقيرة، تجد أبًا وثنيًا من بني «Mustari» مبتئس الحالة النفسية والمادية. لا يستطيع شراء دواء لابنته المريضة مرضًا خطيرًا يكاد ينهي حياتها، ولو حدّثته، سيرشدك للكنيسة حيث الدواء يُباع، ويشكك بمقدرتك على شراءه لكون أهلها ينبذون عرقك في ديانتهم أكثر مما يبغضون الوثنيين أنفسهم، ومع ذلك يترجاك أن تحضره.

ستجد الدواء في الكنيسة، لكنه عادة يُحضّر للمؤمنين، ولأن القديس يحبّز “أن يُعرفوا بالممارسات الكريمة” سيستثنيك من عرقك بشرط إثبات إخلاصك وشراءه بثمن أعلى مما يبيعوه، ويطلب منك الإمتنان عوض التذمر تعقيبًا على إنصدامك والجنية: “فلا تتوقع مساواة عرق مبتذل بآخر مبارك”.

يدعوك أن تؤمن قبل المغادرة. وحينما تعود للوثني حاملًا دواء ابنته، ستجده بأسر أحواله، متشكرًا ومحاولًا تخفيف عبء ما حدث عنك، وشاكيًا إليك حال بنيه وكيف ساءت أكثر فأكثر. سعادته لا تقدّر بثمن، إلى درجة أن يكافأك بأحسن ما عنده رغم تدهور حاله، فيعطيك أكسسوارة صدأة لربما هي أفضل ممتلكاته، لاسيما أن الدواء لم يُعد غالي في المقام الأول.

مهمة بسيطة التركيب، وسهلة التنفيذ تستغرق بضع دقائق فقط، إلا أنها تحيل النظر على أبعاد لم تُظهرها القصة. سوء التفرقة إلى درجة تغير الأسعار بناء عليها، طرق تفكير ونظرة القداسة لك، وكونهم خدموك لمحاولة تحسين سمعتهم فقط، وسوء أحوال الطبقة الفقيرة التي لا تنحصر على «Paripus» بل تشمل «Mustari» وحالهم في المدن المتحضرة، ومن إطلاع على تضاد الوثنيين والقداسة.

بعضها يرتبط بقصص الروابط، ليشكّل تناغمًا بين القصة، واللعب، وبعضها يتعلق بالمرشحين ليتعمق بهم، وبعضها يضيف أبعاد لاختلاف الأعراق، ومفاهيم ثقافية، وعادات وتقاليد، وبالأخير كلها تدعم هدف البطل، وكلها منوعة بشخصياتها، ومميزة بجودة حوارها وما تقدمه من تكامل يعزز ما سبق شرحه.

مجرد أن تنفذ مطالبهم، يصبحوا جزءًا من حوارات العالم المتجددة، وغالبًا ما ستجد تشجيعهم ودعمهم لك حتى في أصعب الظروف جراء ما فعلته من خير لهم، وياله من وقعٍ رائع، وقرار ذكي، وجميل أرفع لهم القبعة عليه.

ولابد من ذكر توزيعهم العبقري (والأنشطة، وحوارات العالم) بحسب ما تعرفه في القصة عن العالم الخيالي، فتجد مهمة في البداية تعرفك على سوء سمعة عرق «Nidia»، أو الوثنيين «Mustari»، ونشاط آخر يمهد لتجارب أنابيب السحر، وبعضها يمهد للتمهيد حتى مثل سيدة «Nidia» تتعجب من عدم تهجمهم على مغنية «Nidia» لكونها مشهورة.

وهذا كله يعود لعبقرية البناء، ومعرفة وضع ترتيب الأنشطة، والمهام، ومضمونها بالتناغم مع المعطيات المفتوحة، وايضًا فهمهم لعالمهم الخيالي ودور كل فكرة به، لتكون من أقوى سبل البناء في أي عالم خيالي، وكله دون أن يفسد عليك، أو تشعر حتى، ومجددًا أبهرتنا «Azusa Kido» بقدراتها الكتابية العالية.

الأجزاء الحسّية Tangible Aspects

تكامل العالم لا ينصب على حواراته، وشخصياته، وقصصه، وخياله الداعمين للقصة الرئيسة، ومستجداتها فحسب، بل يتشعب ليشمل الأشياء الحسية، كالروائح، والحرارة، والمناخ، والتضاريس، وإلخ…

تتأثر المركبة بمختلف التضاريس بحاجتها للراحة بعد العبور بها، أو تهيئ إعداداتها للعبور ببعضها مثلًا، ويتم الاستدلال بأمور حسية على اقتراب الوصول كالرطوبة، أو النوارس، وكله يعطي واقعية، ويجعل أمورًا بسيطة وبديهية كهذه ملموسة في العالم الخيالي، وكلها ضمن نطاق الحوار العفوي للشخصيات، وسلوكياتها خلال روتينها، أو الأحداث الرئيسية، فعلًا إبداع.

تشعر الشخصيات بدوار في أول رحلات المركبة المتنقلة، وبعض الشخصيات تتأقلم أسرع من الأخرى، وتلك الأخرى عندما يحين ميعاد رحلات بحرية يصيبها دوار البحر، وكل ذلك يعطي واقعية، وأبعاد لهذه الأمور الحسية بتأثيرها على الشخصيات، وسلوكها مع محيطها وجدولها، بشكل يشعرك بقيمتها، نفس الاحساس بثقل رواية البطل الخيالية على «Galica»، إبداع فعلًا. 

أو شعور الشخصيات بالبرد عند وصولهم لإحدى المناطق الجبلية، وتشمل التأثيرات الحسية وآثارها على سكّان العالم، فتجد مشردين ميتين من شدّة البرد في الجبال، عكس العاصمة التي كانت جثثها ناتجة عن جوع، أو «Brilhaven» التي ينجرف إليها جثمان من البحر.

لكل مدينة مناخ مبني بمنطقية بما يتوافق مع إقليمها الجغرافي، منطقة كـ«Brilhaven» تتواتر فيها العواصف الرعدية، والأمطار الغزيرة بما أنها ساحلية، بينما تعاني العاصمة من جفاف، وما إن تمطر يكون مطرها خفيفًا وبالكاد له تأثيره لكونها وسط الصحراء، و«Martira» تقع بينهما.


في بادئ الأمر، نظرت لمطر العاصمة وتساءلت: “كيف لهم ألا يعتنوا بتأثير المطر، في حين قدمت «Persona 5» من أجمل الأجواء الماطرة؟” وماهي إلا فصول قليلة حتى تحول استنكاري إلى إعجاب بدقة، وعمق المناخ غير العشوائي، إلى درجة أن للطقس ذاته تأثير مختلف بناء على تفاصيل صغيرة.

من الأمور الحسية ايضًا الاستشعار بحركة التجارة، ومصادر الطعام، فالأسماك تأتي من المناطق الساحلية بينما لخضراوات والفواكه من الجزر النائية، وهكذا…

قصص روابط التُبّع Followers Bond Stories

كل ما تطرقنا له قبل قليل ماهو إلا نصف إبداع بناء العالم، والنصف الآخر يكمن بقصص التُبّع، وهي قصص متكاملة الأركان تنقلنا عبر أعماق الخيال.

تركز روابط «Persona» على مشاكل الشخصيات النفسية والإجتماعية، بينما تشمل «Metaphor» ذلك، وتضيف عليه التركيز على مشاكل عرقٍ ما أو جزء من العالم إما إجتماعيًا، أو أخلاقيًا، أو دينيًا وما إلى ذلك. نفس إظهار قصة «Catherine» مشاكل عرق «Paripus»، و«Alonzo» مشاكل عرق «Nidia».

للقصص بداية تمهد لفكرتها، وتبني شخصياتها، يليها أحداث داعمة لها تكوّن حبكة بها معضلة، تشتد في ذروتها حتى تُحَل إيجابًا أو سلبًا في نهايةٍ حاملةً معها أعذب العبر. لاحظوا تكامل الأركان القصصية لكلٍ منها رغم أن مدة كل واحدة قد لا تتجاوز الساعة، بمجموع عشرة أو ما يقاربها.

تتشارك قصصها مع عدة إمتيازات من القصة الرئيسية، مثل مقدار العمق في نسج الشخصيات، وبداعة كتابتها، ودقة تصميمها كما شُرح سابقًا، وسيرها الواقعي والشيق المليء بالمفاجآت والتقلبات الحميدة ونضج رسائلها وطرق تقديمها.

يغلب على سائر القصص المتنوعة إثارة أفكارها، وتعدد طرق سيرها بما يتماشى مع كينونة العالم خيالي، والتجوال عبره لضمان نقلنا إلى أعماق الخيال، فتارة تجد نفسك في خضم معاناة نفسية لطفلة ملاكة طاهرة ليتامتها، ووضعها الإجتماعي، وتارة أخرى تجدك تُحضِر آثار نادرة تساعد مهندس الفريق على تطوير المركبة، أو تساعد سجينًا في إكمال بحثه الغامض، أو تصارع «Paripus» على العرش.

وللعلم أجد أن الطفلة ترتقي لتكون من أفضل الأمثلة على كتابة شخصية صغيرة السن والخوض في نفسيتها بدقة عالية، وعمق شديد، فردود أفعالها، وما ينتج من سلوكيات وأحداث تؤثر عليها بشكل رائع فعلًا. يدعم هذا العمق رواية البطل الخيالية وردود أفعال كل شخصية تُبَّع تجاه جزء منها، وبما في ذلك الطفلة، فعندما نتحدث عن العالم المثالي والأحلام سيركز كل منا على ركن فيه، أو يأثر عليه بما يتوافق مع شخصه وتجاربه في الحياة.

تتمحور قصة أخرى حول الاختلافات الدينية، بحبكة جميلة، ورسائل هادفة مثل الأخذ بالأسباب، وإحترام الآخرين مهما اختلفت معهم، وعدم الإستهزاء أو التقليل منهم لأن ذلك لن يجلب إلا المشاكل. وقصص وحكايا لكل منها أفكارها، وكتاباتها الفريدتين، وما تضيفه سواء لصاحبها، أو للعالم الخيالي ككل، مع مواضيع ناضجة مطروحة بشكل ضمني فيها ليس ببعيد عن «Persona»، ولكنها بمناظير أوسع لتطلب العالم الخيالي ذلك.

من التفاصيل أن القوالب المكتسبة مرتبطة بالشخصية نفسها، فمثلًا إحدى التُبَّع لشخصية متلاعبة، من عرق يُعرف عنهم الخداع، ونسلها هو المزَيِّف «Faker»، أو أخرى خاصة بالطفلة، وتعطيك المعالج «Healer» تُعبر عن صدقها وبراءتها، فحتى الأبعاد الخيالية تتناغم بين القصة واللعب بعمق رائع، وليست يعشوائية.

إخراجها أبسط من القصة الرئيسية بقليل، لكنه يحافظ على نقاط الإمتياز نفسها، وأشيد بالحفاظ على اللمسات الفنية الداعمة للعالم وخياله في المناطق والقرى المصممة لها، مثل رياح قرية «Heismay» التي تخدم مضمون قصته.

الكاميرا، والإضاءة، وتوظيفات تعابير الشخصيات، وحيوية حركاتهم في مجسماتهم، والتقريب والتبعيد كله موجود، مع تكلف أبسط في الجزئيات الهادئة، وأكبر عند الجزئيات الحرجة التي تتطلب ذلك.

عدى عن قصصها، وما تضيفه للعالم من تكامل، التمهيد، والبناء رائعين فيها، كرؤية أصحاب الروابط في العالم أثناء بداية اللعبة، والتمهيد لشخصياتهم وقصصهم، وأحيانًا إظهار تفاصيل صغيرة لن تراها بالرابطة بشكل مباشر، وهي بلاشك من خبرة الكتّاب، وفهمهم القصصي العالي.

لا عجب في جودة أركان قصص الروابط، والمسؤولة خلفها هي «Azusa Kido» المسؤولة سابقًا على قصص روابط «Persona 3,4» ومشرفة على 5، لكن من بعد مستوى روابط «Metaphor»، يصعب منافستها بأي وقت قريب، فحتى أكثر الروابط الغير جذّابة بالبداية، كانت محبوكة، ورائعة في النهاية (بائعة الاكسسوارات)

المذكرة Memorandum

أهوى ألعاب تقمص الأدوار التي تحتوي على مكتبة تجمع كل ما يخص العالم، والشخصيات، والأحداث، والمفاهيم، وغيرهم. ولكن ليس ضرورة أن تعبّر معلوماتها عن جودة القصة، أو العالم الخيالي، ولكني أحبذ وجوده، وأرحب به كتذكار لتفاصيل العالم الهائلة.

جعلتها الفقرة الأخيرة في محيط القصة لأني لم أفتحها إلا أول اللعبة وبعدما أنهيت المراجعة، وذلك لرغبتي بالحكم على جودة القصة، والعالم من بلورتها بالحبكة، ولا أنغر بكم، أو جمال المعلومات فيها، ولم أجد سوى أبهج الأمور أينما نظرت بعيناي في جوانب القصص، فلم يتبقى سوى الموسوعة هذه، فماذا تخبئ لي يا ترى؟ 

ما توقعته أن تكون جامعة للمعلومات القصصية الظاهرة، والضمنية المتبلورة بالأحداث، والحوارات، والعالم، وهي كذلك، لكني لم أتوقع دقة وتفصيل إضافيًا، ومتكاملًا لكل شيء لدرجة أنه إما يحلل لك مفهوم معين من أبعاد لم تفكر بها، أو يطلعك على تفاصيل إضافية ماتعة، ومتناغمة مع الأجزاء الأهم بالقصة.

تنقسم المذكرة ل: العُرف – الكائنات – التاريخ – السحر – الطبيعة، بعضها يشرح أبعادًا قد لا يفهمها الجميع من سياق الحوار، والأفعال مثل طباع بني عرق معين، والآخر فيه معلومات لطيفة إضافية تزيد على التكامل الموجود بالفعل.

تتجدد المكتبة حتى آخر اللعبة بناء على الأماكن، والأشخاص، والأحداث، والأعراف، وحتى بسماع حوارات العالم، أو تنفيذ المهام الجانبية، وقصص الروابط، والأنشطة، مما يعطيكم فكرة ليس عن ضخامة، وعمق عالم اللعبة فحسب، بل عن مدى تكامل كل جانب، وعرضه لآفاق جديدة مختلفة عن الأخرى.

الموسيقى، والهندسة الصوتية Music & SFX

الموسيقى جزءًا لا يتجزأ من تهيئة أجواء داعمة لكافة أقسام أي مادة فنية، فتعطيه أبعادًا، وتبعث الحياة منه إلى مسامع المتلقي. لست بموسيقار بارع، إلا أني ابتدعتُ شخصيًا معايير لها أقيس بها جودتها، وأحدد مدى قوتها، وتميزها، فلا يرتقي أي لحن ليكون رائعًا لمجرد أنه أعجبني. فهو يقبل الإبتكار مثل الألعاب، والقصص.

جرت العادة أن تبدع «Atlus» بهذا المجال، فلا تكاد تخلوا اسمها من قائمة أي محب لألعاب الفيديو، ودومًا ما تبهرنا بألبوماتها الفذة، وأدهشتنا بصوتياتها الفريدة عبر الأجيال، وما يزيدهم تقدم الزمان إلا رقيًا، وخبرة. فما الذي قدمه ألبوم «Metaphor» يا ترى؟

قبل أن نمحّص في الألبوم، فلنتعرف على القائمين عليه أولًا، مع إطلاع سريع على تاريخهم. بداية مع الملحن «Atsuhi Kitajo» الذي لحَّن ألحان فرعية في «Persona 5»، وأثبت نفسه في ألعاب الشركة الجانبية بقدراته على تقمص أنماط الألحان وإكمال الإبداع بها كما في «Persona 5 Striker»، وريميك «Persona 3».

الملحن الآخر الذي عمل بجانبه هو العريق «Toshiki Konishi»، ويُعد من ملحني الشركة القدامى، من أبرز إبداعاته الذي عُرف بها ألحان نسخة «Royal» الآخّاذة من «P5».

يرأسهم «Shoji Meguro» جزءًا من الثلاثي خلف العنوان ذو المسيرة البراقة. شارك في أهم عناوين الشركة منذ أواخر التسعينات، وعُرف بأصالة إبتكاراته، وروعة مقطوعاته، واتساع مداركه الموسيقية. كما يتمتع بحبه للخروج عن المألوف، وتقديم مالم تسمعه الأذن سابقًا، إلى أن رقوه لمخرج قسم الصوتيات، وتنحى عن منصبه بعد حين. 

ومع ذلك تابع «Meguro» عمله على «Metaphor: Re Fantazio»، وكان القائد المسؤول عن إبتكار روحها، وتحديد المواهب المناسبة لها.

يقوم الموزعين بتطبيق إبتكارات الملحن، وتحويل الخيال لحقيقة، وفي «Metaphor» هما المستجدَّين «Ryota Hoshino»، و«Takehiro Kogawa»، ويترأس عملية التوزيع الملحن العريق «Kenichi Tsuchiya»، ومن أبرز إبداعاته لحن «Maya» من «Persona 2».

لن يُكشف ما تولاه كل ملحن، وموزع قبل إطلاق الألبوم في «يناير» القادم، ولا حتى كلمات الألحان التي كان تاريخ الشركة حافل بها. ولكن يتضح من الوثائقيات، والمقابلات، وقرص ألحان النسخة الخاصة أن أغلبها مبتكرها، وملحنها «Shoji Meguro».

تدمج الألحان بين الطابع الديني، والملحمي مثلما نلاحظ منذ لحن المشهد الإفتتاحي «Prelude to a Heroic Tale»، وتحاكي لغة «Esperanto» التي تعطيها طابعًا خاصٍ بها، مما يشكّل خلطة إستثنائية بها طاقة عالية للتميز بكتابة مقطوعات فاخرة، وتوظيفات عدة.

يعزز من ذلك التميز المواهب التي وضع معاييرها المتشددة «Shoji Meguro»، ووجدها الفريق بعد مشقة كبيرة أجنت ثمارها وأدت لتأسيس فريق الكورس الداخلي «GLORY CHORUS TOKYO»، وشملت أصوات غنائية فريدة ملائمة لتوجه الألبوم، ومزيجه.

القسم الأكبر من الأغاني يتولى غناؤه الراهب «Keisuke Honryo» المميز في قدرته على محاكاة التراتيل ولغة «Esperanto»(وليست بتراتيل حقيقية كما ذُكر، بل كلمات مخصصة تلائم اللعبة)، وتتناغم استخدام لغة «Esperanto» مع مواضيع القصة المناسبة مع أصل اللغة. عدى عن طابعها المميز، لتعطي أجواءًا قوية لخلطة الألحان. 

ونتأكد من حسن إنتقاء المواهب أكثر عند الإستماع للمغنية «Maiko Katagiri» ذات الطبقة الصوتية العميقة، والقدرات العذبة بالغناء مثل لحن «Wings Of Freedom»، الذي منها يتضح حذاقة الأذن الموسيقية لـ«Meguro»، ومهارته العالية بإنتقاء المواهب الملائمة بدقة.

آداء «Maiko Katagiri» فريد نابع من الفؤاد ضليع بإيصال مختلف المشاعر بأبهى حلة، وبقية المغنيين الذين حضروا لتأدية ألحان معينة ليسوا ببعيدين نفس الأخوة «Maruyama»، إلا أن ما قدمته «Maiko Katagiri» كان إستثنائيًا فعلًا دون أدنى ذرة شك.

وجدوا خلطة فريدة للألبوم مناسبة لطابع اللعبة، وأرضه الخصبة لبناء مقطوعات صلبة، ومع مواهب جياشة أبدعوا بانتقائها كونت معادلة متكاملة الأسس، فماذا عن المقطوعات نفسها؟

من أسرار لمعان ألبومات «Atlus» عدى عن قوة طوابعها، وتناغمها، والمواهب فيها، وكتابتها، هي تعدد توظيفاتها، لتميز كل وظيفة بنمط ألحان معين يتلاءم معها، ومع كثرتها يولد ذلك تنوعًا في مسامع اللاعب.

للمناطق ألحانٍ تعبر عنها، فكل مدينة كبيرة تزورها لها لحن، ويختلف في النهار عن الليل مثل «Royal Capital Grand Trad/—– Night»، وللمغارات الرئيسية ألحان تكوّن جوًا تصفها بامتياز مثل «Devastated Fortress»، أما الجانبية فتتكرر ألحانها، لكنها تعبر عنها بشكل عام كذلك، مثل «Land of Sunlit Leaves» في المناطق المفتوحة، واللحن الأكثر من الرائع «Lost Ruin» في الزنزانات المغلقة.

يذكر أن ألحان المغارات تتميز بتغير إيقاعها عند الدخول بوضع «الأكشن» بشكل جيد، ولو أن صوت اللحن يكون منخفضًا، وبالتالي يبان كأن ألحان «الأكشن» متكررة مع أنها ليست كذلك، بل تختلف باختلاف المغارات.

ألحان المعارك تكون أكثر إحتدامًا، وحمية، وتفرِّق بين أنواعها باللعب بشكل ممتاز، مثل لحن مباغتتك للأعداء «Warriors in Valour»، أو مباغتة الأعداء لك «Warriors in Arms»، وللزعماء الرئيسيين لحنًا غير الجانبيين، مثل المرَشحين «Rival Candidates».

ولأن الرحلات عنصر رئيسي، فلابد من تخصيص ألحانٍ لها، سواء أثناء السفر مثل «Journey’s Legs»، أو لحن الاسترخاء والاستعداد «A Brief Respite».

للنخوة ألحانها الخاصة كهزيمة الفرائس الجانبية، أو لحن الإنتصار بالمعارك «King’s Verdict» الذي فاجأني بروعة مقطوعته وإختلاف إيقاعها عن أي لحن آخر في اللعبة. وكذلك لحن نهاية جلسات روابط التُبَّع، كل واحدٍ من هؤلاء يساعدك على الشعور بالإنجاز والتقدم، وللخسارة نغمتها الخاص ايضًا.

ألحان القصة تتميز بتركيزها على دقة المشاعر التي تبعثها بحسب ما يتطلبه المشهد، وتتنوع هذه المشاعر بين المصائب والإضطراب مثل لحن «Omen»، إلى التفاعلات اللطيفة الهادئة بين أعضاء الفريق مثل «Treasured Moments»، من الإنجاز بإتمام الهدف «Fantasy’s End» إلى التخطيط والإستعداد لما يتبعه «Onward».

بعضها ألحان ترتبط بالشخصيات نفس اللحن الذي يشتغل كلما تعلق الأمر بالطاغي «Louis»، أو بعضها يتعلق بأمور حسية تتضامن مع خيال وعالم القصة، نفس لحن «Ode to Heroes» المعبر عن عزلة منطقة «Akademia» عن العالم، ويؤكد شعوري هذا أن فريق الكورَس خلفها مختلف عن باقي كوارِس اللعبة.

فقد أداه فريق «Suginami Junior Chorus» العريق. اشتهر بتوظيف أعمار محددة بين الصغيرة واليافعة، ومن أشهر أعمالهم «Destruction of Laputa» من فيلم الأنمي الشهير «Castle In The Sky».

لحن آخر معبر عن أمر حسي هو «Window to a New World» الذي يشتغل عندما يسرد الراوي سير الرحلة قبيل الذهاب لأي منطقة كأنك تسمع حكاية تلقي عليك، طابعه الهادئ يعزز من أجواء الرحلة، وإيقاعه يزرع في النفس الفضول تجاه المناطق الجديدة، والمفاجآت المخبأة خلف إشارتها على الخريطة.

نسبة من تعدد التوظيفات المذكورة تُعد ضمن الوظائف المعتادة لألبومات ألعاب الشركة والمميزة كالعادة في تعددها وتفرقتها عن بعضها، لكنهم أحبّوا وضع بصمتهم الخاصة بوظائف تميز العنوان عن باقي سلاسل الشركة، من أهمها التنوع في أنماط الألحان الدينية وتوظيفها لتجسيد اختلافات الأعراق في عالم اللعبة، كما ذكر «Meguro» وقد أبدع  في ذلك حقًا بما لاءم توجه القصة وما تحكيه بامتياز. 

من التوظيفات المميزة ما يتعلق بالتجوال، ومنها لحن بعض المدن الذي لا يظهر إلا بعد إكمال الهدف الرئيسي فيها مما يعزز شعور المغامرة، ومنها لحن الرواية الخيالية «Call of Magic» الداعمة لدورها، وتأثيرها على الشخصيات.

ولا ننسى ألحان المغنية «Junah» التي تساهم في بناء العالم وأبعاد عدة منه.

كتابة كلماتها التي تولاها كاتب اللعبة «Yuichiro Tanaka» إبداع، وغناؤها بالإدماجين الإنجليزي والياباني رائع، والألحان المكملة لها لا تقل روعة عن غنائها، وغيرها من وظائف أخرى أكتفي بذكر أهمها وأبرزها.

لحن الصحراء البديع «Traversing the Wastes»، ودخولك المدينة المرة الأولى «Brimming Determination» يعطياك مشاعر بداية درب طويلٍ شاق يخبئ لك الكثير من المفاجآت، هذه اللمسات الفنية الفريدة افتقدنا لها في آخر جيلين، وإن وُجدت لمسات مشابهة، فتكون تقليد أعمى لأعمال أخرى في كثير من الأحيان.

بعض الألحان يُعاد استخدامها، أو توظف لأكثر من شيء، وهي ليست عشوائية في ذلك بل لها معانٍ توصلها، مثل لحن «Melancholy Star»، أو لحن الرحلات الليلي الذي هو استرخاء، وكذلك استعداد لها «A Brief Respite»، أو استخدام ألحان مختلف مشاعر القصة لتعزز من وقع قصص الأماكن التي تزورها، وخيالها البديعَين، وغير ذلك.

أكتفي بهذا القدر، لأكون قد غطيت أبرز التوظيفات الجديدة في العنوان، بجانب الحفاظ على التميزات القديمة التي اعتدناها من الشركة، وبذلك استطاعوا تقديم أحد أروع الألبومات الموسيقية في أي عمل بدون أي منافس وفاجأنا «Meguro» كالمعتاد بما لم تسمعه أذننا من قبل أو كما يسميها البعض “أعجوبة أخرى من أعاجيب «Meguro»”.

ألبوم «Metaphor» الموسيقي خياليًا من شدة روعته، وعلو تميزه، فهو ضخم بالآلات المستخدمة به، ومميز بخلطة ِأنماط ألحانه، وقوي بالمواهب المنتقاة لها، ووظائفها الهائلة التنوع، والدقيقة بالتعبير عن المشاعر، ووصف الأحداث. ورغم ضخامة الألبوم إلا أنه يتمتع بإبتكارات كتابة مقطوعاته المتكاملة الغنية بالتطورات والأنماط، والأنغام التي تميزها، فياله من ألبوم حقًا يستحق أن يوضع في المتاحف، ويدرّس لكل ملحن.

أجد عادة أن الطابع الملحمي يصعب التميز بكتابة ألحانه، ويصعب أكثر التنويع فيما بينها، ووضع أنغام ترسخها في الأذهان، ومع ذلك فاجأتني اللعبة بقدرتها الخارقة على وضع تميز عالي لكل منها، وعلى كتابة فريدة لها.

أذهلني تمكن «Meguro» من الإبداع بالرغم من تجنبه استخدام الآلات «Cozy» البارع فيها، وإنها حقًا لخسارة كبيرة للشركة أن تفقد موهبة إبداعية، وملهم كبير كـ«Meguro»، عاشق للخروج عن المألوف، ومحب لتجربة الجديد، والتطور باستمرار، مبدع من أفضل الملحنين لعالم الألعاب بعد الألفية، وأجده من الثوريين في مجاله.

المؤثرات الصوتية Sound Effects

يلتفت الناس للمؤثرات الصوتية عادة في ألعاب «الأكشن»، لكني أجد أنها لا تقل أهمية في ألعاب تقمص الأدوار، ورأينا إبداعات عديدة على مر التاريخ للجانب الصوتي في مختلف تجاربه.

كما الحال مع الموسيقى، للمؤثرات الصوتية وظائف مختلفة لغايات مختلفة، منها نغمات القوائم المميزة، والباعثة على الراحة أثناء التجوال بها، ومنها صوتيات كل مهارة في المعارك، والمبهر حرصهم على الاختلاف، والتغير عن سلاسلهم الأخرى حتى في أصغر الأمور كهذه.

صوتيات المهارات لذيذة، وإبداع كيف تزداد طبقات رنين صوت مهارات نفس العنصر بنسخه المتطورة، كحال مؤثرات فريدة عدة أخرى  مثل فتح شجرة «Archetypes»، أو التحديد على القوالب، والتنقل بين أركان قسم معين، وفتح الخصال الملكية، أوالاختصارات، وكل واحدة من هؤلاء لها تأثير يميزها عن الآخر، ويصمد بالبال.

لكل من فتح خريطة العالم في المركبة، وخريطة المناطق، وكشفها، وحتى المرور بما يمكن التفاعل معه مؤثرات تميزها. اعتنوا بأصوات البيئات بقوة، مثل صوت الزبائن في الحانات، أو موج البحر عند الموانئ، الذي يختلف عن تأثيره عند الشاطئ، وأصوات فتح الأبواب، والشعلات في المغارات، والنافورة، وحتى السيف الذي تجول به المدينة، وضربات الأسلحة بجانبي اللعب، وحتى صوتيات الأوامر المختلفة، وإلخ…

ينطبق ذلك على تحديد الطقس، والتفرقة بين المطر العادي، من الوابل المصحوب بالرعد، والبرق، وبين النهار والليل، حتى أن مؤثرات البيئات وأنت على سطح مركبة «Gauntlet Runner» يختلف ديناميكيًا باختلاف التضاريس المحيطة، وبين الخارج والداخل، السطح العلوي، والمستوي، وداخل الغرف، وخارجها ومنها تسمع كذلك قرقعة مواعين المطبخ، والإنارات، وصوتيات المحركات في غرفة التحكم. وغيرها الكثير من الصوتيات المختلفة التي لو سنغطيها فلن ننتهي.

وللصوتيات وظائف تفيدك وأنت في خضم اللعب نفس الإستعداد للهجمات السريعة/المباغتة من الأعداء، مما يمكنك حتى من دون أن تراهم من التفادي، ويجعل اللعب أكثر عدلًا، وموزونًا بين تحركاتهم. وللحشرات الذهبية الموزعة تأثير صوتي (ظرف سمعي/صراصير الليل)، لتنبهك عليها عند اقترابك منها. كما أن للأعداء، وحركاتهم مختلف الأصوات بناء على طبيعتهم، من طيور، غيلان، أسود، وغيره تساعدك على ملاحظتهم أحيانًا. 

من توظيفات الهندسة الصوتية الرائعة هي رنة إكمال المهام «Quest» المميزة التي تساهم بشعور الإنجاز، أو تأثير كسب نقاط الخصال الملكية. ويذكر أن الهندسة الصوتية بمشاهد القصة ممتازة مثل تأثيرات الضربات، والخطوات، وقرب وبُعد كلٍ منها، كلها ممتازة.

يعيب الهندسة الصوتية، ويمنعها من المثالية عيب محوري واحد لا يظهر إلا عند كتم صوت الموسيقى أو خفضه، وهو عدم وجود تنوع كافي لأصوات الخطوات، علمًا بأن الأراضي منوعة ما بين الناعمة، والخشنة، والصخرية، والرملية، والخشبية، والحديدية وما إلى ذلك.

مع أن صوت الخطوات نفسه له بضع أشكال مما لاحظت (كالخطوات المبللة)، لكنه غير كاف بالنسبة لتنوع البيئات الكبير، وما يمنعه من أن يكون سلبية حقيقية هو إنخفاض الهندسة الصوتية بالأصل مع الموسيقى، والكلام، لكنه بلاشك من الأمور التي أتمنى الإهتمام بها مستقبلًا، خاصة مع امتياز «Persona 5» من هذه الناحية.

شكر خاص:

  • التدقيق اللغوي: خالد الحراق، وJasmine
  • قراءة ومراجعة النقاط: عبد الله.
  • فريق الهب على تعاونه معي في كتابة أضخم تحليل حتى هذه اللحظة للعبة.

الإيجابيات:

  • أسلوب لعب فائق الروعة وعميق.
  • نظام «Classes» فريد، وموزون رغم حجم حريته العالية.
  • نظام تقويم أفاد كل جوانب اللعبة، وتكوين ترابطات عبقرية كالمعتاد، مع وظائف وآليات تميزه عن «Persona».
  • تصميم أعداء، وزعماء رائعين ومنوعين للغاية.
  • نظام أكشن تلطيفي جيد، ومغارات رئيسية رائعة، وجانبية جيدة جدًا.
  • بصريات آخّاذة كجمال، وفريدة بالتوجه الفني، ومميزة في خدمة اللعبة.
  • قصة تُدرس في روعة تقديمها، وإبداع كافة أجزائها وخاصة في حمل تعقيد بناء أجزاء الحبكة والعالم والشخصيات.
  • محتوى جانبي ثري ورائع  كقصة ولعب.
  • خيال عميق، وقوي، وتكامل شديد في العالم وتفاصيله المكملة للقصة.
  • ألبوم موسيقي غني في كل من مقطوعاته، وكتابتها، وتنوعها، وتوظيفاتها، وغير ذلك.

السلبيات:

  •    لا عمل مثالي، ولو سنحاسب على كل ثغرة، لما أستحق عمل قط الدرجة الكاملة، ولكن هناك ما يغطي إيجابياته عليه، أو تكون معظم مشاكله كغبرة بين ركام الجنان.
  •  قدرات «الأكشن» لا تتطور مع التقدم بعكس كافة جوانب اللعبة.
  • صعوبة «Regicide» غير متزنة.
القصة - 10
طريقة اللعب - 10
الأصوات و الموسيقى - 10
الرسوم - 10

10

رحلة بديعة قادها محترفون أبدعوا بكافة تفاصيلها. نكتشف خلالها متانة لعبها، وبداعة تصميمها الضخم، والفريد بمزيجه، وما يزيد تعمقك بها إلا إبهارًا بقوة وزنها، واستمرار تجددها. تأخذنا الرحلة عبر أعماق الخيال الفريد، به أجمل القصص المروية، والشخصيات المكتوبة والعبر الجميلة المقدمة بأقوى الطرائق. ولا تكتمل الرحلة الخيالية بدون بصريات وسمعيات ذاتا الطراز الرفيع، ولا مثيل لهما بين أقرانهما. فيالها من رحلة تعلَّم قادتها من أساتذتهم فأصبحوا منهم واستقلوا بأفكارهم، ويالها من جودة قلّما نراها اليوم.

تقييم المستخدمون: لم يتم التصويت بعد !
زر الذهاب إلى الأعلى