بلايستيشنمراجعات

مراجعة Persona 3 Reload

المقدمة

بعد أكثر من أربع سنوات إنقطاع عن عنوان رئيسي جديد، يعود لنا P-Studio بريميك واعد ولأول مرة منذ نشأته، فبناء على مطالبات عديدة، وتصدُّر Persona 3 قائمة أكثر جزء يتمنى له الجمهور ريميك، تقرر الشركة تقديم ريميك للجزء الذي كان بداية إرث جديد بفكرة نظام المحاكاة + RPG Dungeon Crawling الغنية عن التعريف. فما جودة ما صنعوه؟ وهل تمكنوا من المحافظة على الإرث الأصلي؟ وماهي الإضافات التي تمت عليه وجودتها؟ كل هذا وأكثر سنفصل به في مراجعتنا.

تاريخ الاصدار

2024/2/2

مدة اللعبة

50 – 80 ساعة تقريبًا

نوع اللعبة

Simulation – RPG – Dungeon Crawling – Turn Based

المطور

P-Studio

الاجهزة

PS4/5, PC, Xbox One/Series S/X

جهاز المراجعة

PS4

أسلوب اللعب

ينقسم اللعب في بيرسونا 3 ريلود لقسمان وهما: المحاكاة حيث تعيش حياة طالب الثانوية، وإقتحام المغارات (البرج) وخوض معارك بنظام تبادل أدوار. ولكل قسم أسلوب لعب كامل خاص فيه.

نظام المحاكاة باللعبة يعتمد على اليوميات، وكل يوم مقسم لوقتين: صباحي، ومسائي، ولك كامل الحرية بالشكل الذي ستقضيه فيه، التحدي يكمن في كيفية إدارة وقتك، حيث أن الأنشطة المختلفة في العالم تُعطيك مؤهلات إجتماعية «Social States»، واكتسابك لهذه المؤهلات يمنحك تكوين روابط اجتماعية «Social Links» مع مختلف الشخصيات من حولك، والتي بدورها تفيدك في الجانب الآخر من اللعب بعدة أشكال، كما أن للمؤهلات فوائد أخرى كثيرة.

المؤهلات الإجتماعية تنقسم لثلاثة: جاذبية «Charm»، شجاعة «Courage»، أكاديمي «Academics» ولكل منها ستة مستويات، وكل نشاط يعطيك شيء، فالدراسة مثلًا تفيد الأكاديمي، العمل، والغناء، والنوم أثناء الحصص ينمّي الشجاعة، إجابة أسئلة الحصص، الذهاب للمقهى يعطي جاذبية.

لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فهناك أنشطة تعطي نقطة، أو نقطتين، أو ثلاثة، وبعضها يعطي نقاط عالية على حساب شيء آخر كالآركيد والمال الباهظ الذي يتطلبه.

المميز هو كيف تمكنوا من جعلك لا تعتمد على نشاط واحد مضمون، وشجعوك على التنويع بينهم بحسب الظروف المناسبة، واليوم المناسب، والفائدة القصوى، فالدراسة تعطيك نقطة، لكن دراستك مع فريقك قبل الاختبارات يعطيك نقطتين. الذهاب للمقهى يعطيك نقطة جاذبية، لكن إنتظارك لأيام معينة بالاسبوع ستمكنك من العمل، مما يعطيك نقطة جاذبية، ونقطة شجاعة، بجانب بعض المال، هذا كله يجعلك توازن وتنوع.

الروابط الإجتماعية «Social Links» تعتمد بشكل كلي على القصة واختياراتك، كلما فهمت من أمامك وعاملته بما يتوافق مع فلسفته وعقليته، كلما سارعت بتقوية الرابطة وتوفير أيام أكثر، وإمتلاكك بيرسونا ذات «Arcana» الرابطة يعطيك نقاط أعلى في الخيارات، وتقدمك في الروابط يعطيك نقاط خبرة «EXP» للبيرسونات من نفس «Arcana»، وإكمالك للرابطة كاملة يعطيك القدرة على دمج «Ultimate» الخاصة بهذا «Arcana»

الدخول في رابطة، قد يفتح روابط أخرى ذات «Arcana» جديدة، وهذا شيء يتميز به الثالث عن باقي السلسلة، وكثرة اختياراتك الخطأ تؤدي إلى تزاعل الشخصية ومعاقبتك بعكس الرابطة «Reverse» التي تستهلك أيام عدة لتعود إلى طبيعتها، صحيح أنهم خففوا وطأتها في الريميك، إلا أني مسرور بإبقائهم لها. وأقترح مستقبلًا أن يجعلوا هذه الأمور مرتبطة بمستوى الصعوبة وألا تقتصر المستويات على المغارات (البرج) والمعارك، ستكون لمسة لطيفة -لكنها ليست مشكلة أو سلبية في حال عدم وجودها-.

إضافات الريميك كثيرة، بداية من أبسطها «Quality Of Life» التي مع لمستها الخفيفة، تختصر وقت كبير وتجعل التقدم أسلس مثل: إمكانية رؤية كل رابطة إجتماعية من الخريطة وما إن كانت متوفرة أم لا، وهل ستتقدم ب«Rank» أم لا، وحتى إخبارك بوجود روابط لم تفتحها.

مرورًا بالإضافات الكبيرة، ولعل من أبرزها حلقات الروابط «Link Episode» التي تختلف عن الروابط الإجتماعية «Social Links» في أنك مقيد بلعبها في وقت معين، وإن فاتتك فقد تنكسر الحلقة ولن تقدر متابعة الحلقات التالية في كثير من الأحيان، بينما الروابط الإجتماعية هي قصص مستقلة بإمكانك خوضها والتقدم بها في أي وقت.
رغم جمال الحلقات الإجتماعية خاصة في القصة، لكني تمنيت لو أن فائدتها كانت أوضح على اللعب،  بدل ما أنها تعطيك فائدة لا تعلم بها إلا بعد الذهاب لها -ليست مشكلة كبيرة بسبب آلية «Rewind» الجديدة التي تسمح لك بالعودة للخلف حتى الثلاث أيام.

نظام المحاكاة حافظ على بساطة الأصلية بالإكتفاء بأيام الاسبوع، دون إضافة مزايا كالطقس والعمق الذي رأيناه لاحقًا، ولكنه في المقابل أضاف أنشطة جديدة كشراء روابط «URL» التي تتطلب مؤهلات إجتماعية معينة، مقابل تطوير مختلف الأمور، أو فتح آليات لعب قيمّة في الجانب الآخر.

أو إمكانية الذهاب للحانة الليلية والتحدث للكاهنة لكسب قدرات عجيبة بالجانب الآخر، لكن ذلك سيتطلب أن تطور مؤهلات معينة ايضًا لتدخل، من الإضافات ايضًا أن إرتفاع مؤهل الأكاديمي وحصدك درجات عليا في الإختبار يجعل رئيسة مجلس الطلبة تعطيك «Items» جدًا نادر وقيّم من فئة «Growth» وتزداد كميتها بتقدمك.

من الإضافات التي أعجبتني هي استغلالهم وقت الليل وتفرقته عن النهار بشكل كبير، فعدى عن جوه الخاص ولحنه الجديد في الريميك، يوجد مطاعم تقدم وجبات خاصة تعطيك نقاط إضافية مقابل أن تكون بمؤهل معين، وهكذا هي إضافات الريميك، حافظت على بساطة الأصلية مقارنة بالأجزاء اللاحقة، بنفس الوقت شجعتك على التنويع بينها، والتفكير بالأنسب دون الإعتماد على شيء واحد طول اللعبة.

في الأصلية الوقت الليلي لم يكن يحتوي على روابط إجتماعية كثيرة، وكان يقتصر على رفع المؤهلات، في الريميك قرروا ملأ الفترة بآلية جديدة بالكامل على السلسلة ألا وهي أنشطة السكن: قراءة كتب –  مشاهدة الأفلام – الطبخ – الزراعة، الآلية هذه بنظري هي أفضل إضافة لجانب المحاكاة في الريميك، لأنها ميزت الثالث عن الباقي، فهي ليست مجرد ممارسة أنشطة بأي وقت والحصول على مؤهلات إجتماعية، إنما تشترط أن تكون مع عضو من أعضاء الطاقم المتوفر بهذا اليوم وبمزاج جيد -أي أنه بعد أحداث درامية مثلًا، أو تدهور الرابطة بين شخصيتين بالقصة، أو ما شابه، لن يجعلك تتمكن من ممارسة النشاط مع الشخصية- ولكن إن تمكنت، فلكل من هذه الأنشطة فائدته الخاصة:

سأبدأ بالزراعة: بالإمكان ممارستها بأي وقت دون التقيد بشخص ما، وتأخذ عدة أيام مقابل ثمرة تفيدك بالمعارك إما «Heal»، أو «Buff»، أو حسبما زرعته -كلما تقدمت كلما فتحت أنواع أكثر-، ولو تأخرت عن الحصاد سيقل المحصود حسب ملاحظتي. الزراعة لا تمشي الوقت، لكن لو قررت قضاء ليلة مع شخص ما في الزراعة، ستزيد من كمية الحصاد.

المطبخ يعطيك وجبة من طبخ شخصية ما، ولكل شخصية وجبة معينة تتحول إلى «Items» لك، كآكيهيكو و«Buff»، الطفل كين و«SP»، وهكذا… مشاهدة التلفاز وقراءة الكتب تزيد المؤهلات الإجتماعية وليس هناك مزايا حصرية لها.

أعجبني كيف أنك تستطيع معرفة ما تود كل شخصية القيام به فقط من موقعها في السكن وعلامة الوجه الجيد، فتجد واحدة عند المطبخ، والأخرى جانب التلفاز، والثالث قرب النبتة، وأنت تقرر من ستخرج معه بسهولة ووضوح.

الإبداع لا يتوقف عند هذا الحد، فأي نشاط تختاره، سيساهم بكسب شخصيا ما صفة تميزها وتكون مساهمة بتفعيل حركتها الخاصة في المعارك، كل شخصية لها عدد مقرر من الأوقات التي عليك أن تقضي الوقت معها لفتح هذه الصفة، كيوكاري يخفض ثمن مهارات العلاج للنصف مما يجعل استخدامك لمهارة علاجية مرتين بتكلفة واحدة، أو رفع فاعلية «Buff» عند آكهيكو، وهكذا.

حتى لو اكتسبت الصفة، ستتمكن من الاستمرار في ممارسة الأنشطة مع الشخصية والإستفادة من فائدتها، وبشكل عام ستضع أولويتك بحسب طاقمك الذي تركز عليه، أبهرتني الآلية هذه، التي أعطت قيمة عالية للوقت الليلي، وملأته بفكرة فريدة عن باقي أنواع الأنشطة بشكل بديع، إبداع حقيقي.

وهناك لمسات إبداعية أخرى للمحاكاة، بعضها قديم ومحسّن مثل «Crafting»، أصبحت أوضح نوعية «Items» المطلوبة ومكان الحصول عليها، وأكثر فائدة في ريلود لتشمل خيارات أكثر للفريق، وإمكانية صنع قطع تقوية لهم ايضًا، أو محل «Items» مميز لكن بكميات محدودة، ويتجدد كل مدة، وفتحه يتطلب القليل من الإجتهاد، أو «Vending Machine» الذي تشتري منه علاجات «SP» النادرة كلما تتجدد، وأحد «URL» يُطلعك على سر خطير يخصها.

هذه الأمور كلها جعلت من جانب المحاكاة أكثر حيوية من السابق باستكشافه، وأنشطته المتجددة، والتطورات التي تجري له خلال اللعبة حتى آخر لحظاتها.

قبل أن أتطرق للجانب الآخر أنوه أن كل الكلام التالي مبني على إنهاء اللعبة على مستوى «Normal»، ويذكر أنه بإختيارك لصعوبة بلا رحمة «Merciless» لن تتمكن من تغيرها عكس باقي الصعوبات.

استكشاف البرج

مهما كانت الإضافات الجديدة في المحاكاة، لا مجال للمقارنة عندما نتحدث عن الجهود المبذولة في استكشاف البرج والمعارك، حيث تتجلى فيه ثمار أفعالك وحسن تخطيطك في المحاكاة.

بالبداية أعتنوا باختلاف الفلسفة التصميمية بين كل «Block»، وبذلك تتلاشى مشاكل العديد مع اللعبة، الذي فاجأني أكثر هو زيادة تعقيد تصميم كل «Block» في البرج عن ما يسبقه، مما يجعل المراوغة بين الأعداء، الركض ومتى إستخدامه، ملاحقة الأيادي الذهبية/الأعداء المميزة، وتجنب الأقوياء، كلها تختلف باختلاف الأقسام «Block» وتزداد صعوبتها، مما يدفعك لاستغلال الخيارات المتاحة لك مثل مهارات «Navigator» أو التأني والتفكير قبل التهور بأي خطوة.

لمن لا يعلم فكنت من أشد المعارضين عند الكشف عن إزالة نظام الإرهاق المميز في وزن الأصلية، لكن مالم أضعه بالحسبان هو أن يستبدلوه بماهو أفضل بنظري: نظام الأيام وارتباطها بالتوليد التلقائي -Randomize Layout-!

التوليد التلقائي نظام متعارف عليه منذ الأزل في الجانرا، لكن برأيي قلما يتم إتقانه، فهنا كل «Block»  له الكثير من النُسق «Layouts»  التي تتولد، وكل واحدة لها توليدات هائلة بما قد تحتويه من أعداء برتبهم، وكنوز بأنواعها، والأشياء العديدة الأخرى التي تفتح أثناء تقدمك سواء القديم منها، أو الجديد.

 بالإضافة إلى توليد الترابط مع النًسق الأخرى «Layouts» لتشكل خرائط مميزة في تصميمها ومنوعة في مضمونها، ومما يستحق الذكر أني لاحظت أن الشق الثاني من نفس «Block»  دائمًا ما يكون توليده أكبر وأكثر تعقيدًا من الأول -وأحيانًا فيه نسق مميز لم أراه في الأول-، مما يجعلني أقدِّر جهودهم الكبيرة في إنعاش التجربة بما هو جديد وقيّم.

كما أن من الملاحظات اللطيفة أنه بعدى عن الجانب البصري الذي سيحين دوره ويأخذ حقه، فالتصميم الجديد لكل «Block»  يكون بنهج جديد دومًا ولكن أحد النُسق «Layouts» تكون مقتبسة من التصميم القديم، ك«Block»  الثاني و«Layouts» الدرج المنفتح من الجانبين وبالنصف فارغ للكنوز وإلخ، وهنا سيصبح من الأسهل ملاحظة كيف أن حتى الأشياء التي اقتبسوها من التصميم القديم أقوى في تصميمها، ومبهرة أكثر بإمكانات التوليد.

التميز لا يقتصر على ما ذُكر أعلاه فقط، وإنما يشمل أفكارًا أخرى كفكرة أن كل ما تم توليده محفوظ، بحيث أنك مهما سعيت ذهابًا وإيابًا بين الطوابق التي زرتها بنفس اليوم، لن تتمكن من جمع الغنائم مرة أخرى أو عمل «Grinding» للكنوز للحصول على مال أو موارد نادرة، إلا بشرط أن تخرج وتستهلك يومًا من جانب المحاكاة ثم تعود للمغارة مرة أخرى وبهذا تكون قد خسرت يومًا وليلة مقابل إعادة توليد كل الغنائم والأماكن، أرفع لهم القبعة في مقدرتهم على تحويله وتوظيفه كآلية لوزن اللعبة وخير بديل لإزالة نظام الإرهاق، بل حتى يتفوق عليه بمراحل بالنسبة لي.

وكذلك بعض الإضافات التي قد تبدوا بسيطة لكن أضافت الكثير للبرج، كفيزيائية الحركة الجديدة للبطل التي تجعل التنقل أكثر راحة وسلاسة، كيف يمشي، وسرعته مع سرعة الأعداء وفيزيائية الالتفاف، كلها جديدة وأفضل من السابق لأنها مريحة، وعملية كآليات كاملة، وغير إعتيادية، بجانب إضافة القدرة على الركض، مما يسرع عملية الإستكشاف بشكل أكبر مقابل إمكانية سماعك من قبل الأعداء من مسافة، مما يجعلك توازن بين المشي والركض بحسب الموقف، ويمكنك تطوير الآلية من خلال روابط «URL» التي تعطيك مزايا تجعل الأمر أعمق مما يبدوا عليه في الظاهر.

من الإضافات الجيدة ايضًا فكرة العناصر القابلة للكسر، وفكرتها ببساطة أنك تكسر أشياء تتولد عشوائيًا، لتحصل على كنوز للبيع لا تحصل عليها من الصناديق عادة، أو «Items»، الجميل فيها أن كسرها سيجعل الأعداء يسمعون صوتك سريعًا حتى لو كنت تخطو ببطء.

المحافظة على أعداد الطوابق التي تفوق المئة لهي جرأة كبيرة منهم، من السهل أن يجعلوا لكل «Block» إعادة من الصفر في الرقم، لكنه قرار رائع بالمحافظة عليه ليحافظ على شعور الصعود للبرج وليس مجرد مداهمة مغارات مختلفة.

لمسة أخرى لطيفة، وتستحق الثناء هي قدرات «Navigator» التي تستهلك «SP»، مقابل مزايا معينة داخل أو خارج المعركة، فكرة أخرى أشيد بها لأنها ليست فقط إضافة مميزة لهذا الجزء، بل نقطة تطور كبيرة للسلسلة، فأصبحت فائدة Navigator عالية، و«SP» الذي يتطور مع «Level Up» ذو قيمة، وقدراتها ذات فائدة عالية ومتوازنة.

لكي تصل الصورة لأي درجة أهتموا بأبسط الأمور في اللعب، فتجد نقطة مثل إختلاف زر الهجوم عن صعود الطوابق أو فتح الصناديق، وذلك لئلا تختلط الأوامر ببعضها وتفعل اللعبة مالا تريده وتورطك، ومع أنها ليست بالنقطة الضخمة أو المحورية بخسف أو رفع اللعبة، لكنهم أعتنوا فيها وأهتموا بها -خاصة أنها كانت تحدث لي أحيانًا بالأصلية بسبب أنهم نفس الزر-، وأضافت أن الأشياء القابلة للكسر عليك بالضغط على زر الهجوم مما يضيف تحدي وإختلاف بين آليات المكان وطرق التفاعل معها.

إضافة أخرى هي تجميعات «Twilight Fragment»، تسمح لك تعبئة «HP/SP» كاملًا دون إستهلاك يوم، مقابل استخدام 7 منها، وتستخدمها لفتح الكنوز التي إما تكون بقفل، أو قفلين، أو ثلاثة، تحصل عليها إما من الأشياء القابلة للكسر لكنها تكون نادرة، أو في حال ممارسة الأنشطة في جانب المحاكاة والتقدم في الروابط الإجتماعية التي مع كل جلسة تعطيك واحدة، تخيلوا أن خلال اللعبة كلها لم أحصل من المغارات إلا على 12 – 15 منها، مما يكفي لفتح صناديق نصف «Block» فقط! وهذا التوازن يدفعك أن تهتم في المحاكاة، لاسيما أن فتح الصناديق التي بأقفال يساهم بتوليد آلية معينة بالبرج ستشجعك أكثر وأكثر على جمعها.

وقبل أن ننتقل للجانب التالي، أنصحكم بألا تسمحوا للسفاح أن يأتي، فإن أتى فسيصعد الطوابق معكم خلال رحلتكم… إضافة مرعبة بعض الشيء.

معارك تبادل الأدوار

تمتاز سلسلة بيرسونا بقوانين تبادل أدوار خاصة تجعل منها معارك استراتيجية من الطراز الرفيع، ومن هذه القوانين طرح الأعداء أرضًا يسبب «Knockdown»، مما يعطيك دور آخر«1 More»، فيه تكسب دور آخر يفك أزمات إما بالإكمال على الأعداء – أو «Healing» – أو «Guarding»- أو تستخدم «Buff/Debuff»، وفي حال طرحت الأعداء جميعًا ستتمكن من إجراء «All-Out-Attack» المرتبطة بقوة الاسلحة اليدوية للشخصيات وكذلك «State» معين في بيرسوناتهم، أو العودة ل«1 More» في حال وجدت أن هناك ماهو فعّال أكثر حسب الموقف.

 فكرة «Persona» المتعدد للبطل مقابل الخسارة في حال موته، و«Persona» الواحدة للأعضاء مقابل تشكيلات كاملة وخواص مميزة لأعضاء الفريق، مما يفتح المجال لاساليب لعب كثيرة، خاصة أن هناك قيمة عالية لكل اسلوب بسبب فكرة المقاومات وكذلك إضافات الريميك.

 كل عنصر له ردات فعل عدة: نقطة ضعف/نقطة قوة ومقاومة/عكس الضربة للعدو/عدم تقبلهم للضربة  أبدًا/تحويل الضربة لعلاج، هذه المقاومات تنطبق على تقسيمة العناصر التي حافظوا عليها والتي ميزت الثالث: 6 عناصر سحرية، وثلاثة فيزيائية، وكذلك تنطبق على جميع الأعداء، وجميع الفريق، مما يعطي عدلًا كبيرًا أثناء المعركة، وتعدد كبير فيها.

من الأنظمة المميزة التي حافظ الريميك عليها هي نظام «Critical» و«Status Ailment»، فإذا أصبت العدو بإحداها، ثم ضربته بضربة فيزيائية فسترفع قيمة «Critical»، وبعض «Ailment» مربوط بضربات عناصر سحرية مثل «Shock» و«Freeze»، وهذه ترفع إحتمال «Critical» ليصبح شبه مضمون، لكن احذر، إن ضربته بعنصر سحري بعد إصباته ب «Ailment» سيسارع هذا في تعافيه، وفي حالة طرح العدو أرضًا بإمكانك ضربه مرة أخرى بأي ضربة فيزيائية وإصابته بالدوران «Dizzy»، أو «Ailment» تكون مضمونة عليه، وضرباتك تكون أقوى، وفرصة «Critical» أعلى، لكن بما أنه على الأرض فلن تحصل على المزيد من «1 More»، مما يمنع «Shift»، و«All Out Attack»

نظام بالرغم من بساطته وسهولة فهمه، إلا أنه عميق وصلب للتخطيط.

ومن الأمور التي حافظوا عليها من الأصلية هي توزيع «Melee Attack» بين الشخصيات على الثلاث عناصر الفيزيائية، ولاحقًا مع فتح «Crafting» بالعالم الطبيعي ستتمكن من الحصول على «Elemental Melee» حصرية للبطل، أما عند تاجر الأسلحة تحصل على أسلحة ذات تأثيرات عديدة جانبية تعطي أحيانًا مقاومات، أو «Stats Boost»، أو تخفض هجوم مقابل «Critical Up»، وهكذا…

الريميك احتفظ بهذه الأسس كلها، وأضاف لهن آليات من الخامس لتوسعه أكثر، سواء المقتبسة من الأجزاء الحديثة ك«Baton Pass» أو ما يسمى «Shift» الذي يسمح بتمرير دورك في حال «1 More»، أو البسيط منها لكن عملي مثل الوصول السريع للأوامر من خلال إختصارات الأزرار.

لم تقتصر الإضافات على آليات مقتبسة من الأجزاء اللاحقة، بل قدمت آليات جديدة على السلسلة، وفقًا للمخرج «ياماغوتشي» فقد أرادوا تقديم آليات تميز بيرسونا 3 عن الباقي لئلا يصبح الأمر مجرد “جزء وتم التطوير عليه لاحقًا” وبنفس الوقت تجنبوا أن تكون “نسخة من بيرسونا 5 في اللعب لكن بأجواء وشخصيات وقصة الثالث”، وقد وُفقوا في توجههم هذا، فآلية «Theurgy» الجديدة هي من أكثر الإضافات الرائعة في الريميك..

«Theurgy» هي ضربات قوية  بإمكان الشخصيات إطلاقها في حالة الإنفعال، وهذا الإنفعال يختلف من شخص لآخر في سرعة الوصول لحالته، مما يزيد من اختلاف الشخصيات وخيارات التخصيص، ويرفع قيمة التخطيط في المعارك، فمثلًا «Yukari» يكتمل عند إستخدام مهارات العلاج، «Junpai» عند ضربات «Critical»،و«Mitsuru» عند نقاط الضعف و«Ailments»، وهكذا…

ضربة كل شخصية هي العنصر الأساسي في بيرسونته، وتغض الطرف عن مقاومات العدو، بإستثناء نقاط الضعف التي تؤدي ل«1 More».

كنت  أخشى أن تكون كاسرة، لكنها عكس ذلك تمامًا، فرغم قوتها عن المهارات الأخرى، إلا أن فاعليتها محدودة، خاصة عند الزعماء المصغرين، أو الأساسيين، وستضطر لتفعيلها العديد من المرات والتفكير بخطط محكمة بحسب فكرة العدو، وبحسب فريقك الذي خصصته، والأكثر من هذا أنه في حال موت أحد أعضاء فريقك سينقص للنصف، وفي حالة الإصابة بأي نوع من «Ailments» لن تتمكن من تفعيلها -ك«Shift»  مما يزيد من عقوبة وطأة عقوبة نقاط الضعف لأعضاء الفريق-، مما يجعلها إضافة مميزة لزيادة التخطيط والخيارات المتاحة في المعارك، واضافت الكثير من الاستقلالية والتميز لنظام تبادل الأدوار لهذا الجزء عن باقي الأجزاء الذي بالأصل كانت من أقوى الأنظمة في الجانرا.

وأرى أنهم تفننوا بدمج بعض آليات الأصلية مع آلية «Theurgy» الجديدة لتصنع تنوع بين أنواع «Theurgy» نفسها، فالبطل يختلف عن الباقي بأن له العديد منها وهي البديل ل«Fusion Spell» بالأصلية، وإحداها تفعّل خاصية «Origin» التي تجعل الشخصية تهجم تلقائيًا لثلاث أدوار متتالية وتقوي الهجوم والدفاع وبدون السقوط من ضربات الأعداء حتى وإن كانوا يضربون نقاط ضعفها، بالمقابل بعد هذه الأدوار الثلاثة ستصاب ب«Overheat» مما ينعكس عليك سلبًا في حال لم تعرف وقت الاستخدام الصحيح لها.

و«Navigator» التي تعطيك Buff عشوائي مقابل إكتمال «Theurgy» خاصتها، ثلاث آليات مميزة ورائعة بالأصلية، أصبحت أكثر تميزًا وروعة في الريميك بأفكارها الأصلية المميزة ودمجها مع الفكرة الجديدة.

وقت الخلط Shuffle Time

آلية بسيطة تأتيك بعد المعارك وتزداد فرصة ظهورها إثر إنهاء المعركة ب«All-Out-Attack»، تسمح لك باختيار بطاقة بين بطاقات عدة، وكل بطاقة لها قدرتها، إما أن تعطيك بيرسونا جديد، أو ترفع النقاط، أو تعطيك مالًا، أو مهارة معينة تسهل من عملية إبتكار بيلد، ولهذه البطاقات مستويات تحدد قيمتها، وترتفع هذه المستويات مع تقدمك.

وسعوا الآلية في الريميك وأضافوا بطاقات تعطي مزايا حصرية للمعركة القادمة «Support Skills»، أو ترفع عداد «Theurgy»، والإضافة الأكبر هي بطاقات «Arcana» النادرة والمحدودة على بطاقة من كل واحدة خلال اليوم، وتزداد مع هزيمة الزعماء المصغرين في القصة، ولكلٍ منها مزاياه الخاصة كأن يقوي ضربات «All-Out-Attack» أو يعطيك «EXP Bonuses»، ويحتفظون بمفعولها لكل المعارك مادمت في نفس اليوم/ وفي حال أكملت تجميعها خلال اليوم، ستأخذ «Arcana Burst» وهي «Shuffle» كالباقي تمامًا، لكن بمستوى بطاقات أعلى كمكافأة لك على تجميعها.

خيارات التخصيص

من إبداعات الريميك أنه أعتنى بشدة في أن تكون خياراتك الاستراتيجية كثيرة جدًا، ويعطيك حرية كبيرة باسلوب اللعب الذي ترغب بإتخاذه، فمن شدة إختلاف كل شخصية باسلوبها، والمقاومات عندها، و«Theurgy» الخاص بها، و«Melee Type»، والصفات التي عندها، يصبح من تشكيل فريق بحد ذاته خيارات لا تنتهي بحسب تفكير وإبداع كل شخص.

وبنفس الوقت الحرية هذه ليست كاسرة بفكرة “أي شيء يُهزم بأي شيء”، فلكل عدو اسلوبه الخاص ومقاوماته، ومعارك الزعماء لها أفكارها الخاصة التي لا ينفع معها إستراتيجيات قد تفعلها على الأعداء العادية، لهذا أنت مجبر على إبتكار استراتيجية صلبة من أجل التقدم، واللعبة متزنة تمامًا على صعوبة «Normal».

كل الشخصيات بالفريق تلفل وتصبح أقوى، لكن كل واحدة لها «State» معين، هناك شخصيات ينرفع السحر الخاص بها، وهناك منها القوي بالهجوم والضعيف ب«Critical»، أو العكس، وهناك شخصيات متوسطة القوى لكن دفاعها متين أو خاصة بدعم، كل هذا يزيد من صلابة اللعب ويعطي مجالات كثيرة لتشكيل فريق.

آخر نقطة أبهرتني هي توازن مهارات الفريق الجديدة، بتعديلات يسيرة على ترتيب وتوزيع مهاراتهم، ليصبح جميع الأعضاء ذو فائدة بأي وقت، وقابلين للتشكيل، فمهما فتح لك أعضاء جدد فلا يمكنك الإعتماد عليهم فقط، أو يصبح القديم بلا فائدة لأنه أضعف، وأي عضو بإمكانه أن يصبح بلاقيمة حتى الجديد منهم في حال لم تُخصصه وتلعب به بالشكل الاستراتيجي الصحيح المتناغم مع باقي أعضاء الفريق وبحسب المعركة.

من هذا الوزن آلية «Thurgy» نفسها والصفات التي تأخذها من أنشطة السكن الليلية، وكيف أن شخصيات ضعيفة هجوميًا ك «Yukari» تملك مهارات أخرى تعوض عن أقوى الهجوميين أمثال «Aigis»، ولكل واحد نقاط ضعف وقوة توازنه بشكل رائع.

الغرفة المخملية Velvet Room

من الأمور التي تميز سلسلة بيرسونا هي الغرفة المخملية الأيقونية، المكان الذي يعكس فيه حالة قلب صاحبه، له فوائد قصصية، وهو مكان لا يُخفى على أي لمحب للسلسلة، فهنا حيث تستطيع الاستفادة من قدرة البطل على إمتلاكه أكثر من بيرسونا، تقوم بدمج أي اثنين لتحصل على واحد ثالث، شرح النظام بسيط لكن آلية عمله معقدة وعميقة.

البيرسونا مقسمين على «Arcana» وكلما كان مستوى الرابطة الإجتماعية في جانب المحاكاة التي من نفس «Arcana» ما أعلى، كلما أفادك هذا بالحصول على مهارات البيرسونا فور الدمج.

وإكمالك للرابطة بالكامل يعطيك المفتاح لدمج «Ultimate Persona» الذي يكون الأقوى في «Arcana» المختص فيها والأسهل في تشكيل بيلدات لأنه يفتح المجال لدمج بيرسونات متعددة ومهارات كثيرة. لكن إلى أن تتمكن من دمجه  ستحتاج مجهود بسبب عدد البيرسونا الذي يتطلبها بنفس الوقت لدمجه.

كما أنهم تبنوا نظام جزء «4 Golden» و5 في أنك تستطيع إختيار ما يمكنك نقله أثناء الدمج من مهارات بين ال150+ «Persona» المتوفر في اللعبة، الخانات محدودة، ولا يمكنك نقل أي مهارة من بيرسونا لآخر، فمثلًا نقاط ضعف البيرسونا غالبًا لن تتمكن من نقلها، بينما لو كانت مهارة لعنصر نقطة مقاومة فنقلها مؤكد وجوده، أما المهارات العلاجية والدعم فتعتمد على أساس «Persona AG State» بحسب ملاحظتي.

كما أن هناك بيرسونات معينة تفتح لك بطرق أخرى، كهزيمة زعماء مصغرين، أو إكمال كويستات جانبية من «Elizabith»، أو بعض أنواع الأعداء بوقت لاحق من اللعبة تعطيك المفاتيح على هيئة «Items Drop» وهكذا..

إضافة خيارات الفرز سهلت كثيرًا باختصار الوقت والذهاب لوجهتك فورًا، وهذا من الجهود الحميدة في الريميك، سواء عند الدمج، أو في المخزن.

أعتب قليلًا عليهم في عدم إضافة خاصية ولو بسيطة بالغرفة تميز الثالث عن باقي الأجزاء، فلو نظرنا لجميع جوانب اللعبة من المحاكاة، للعالم والأنشطة، للمغارات وتصميمها وأفكار اللعب بها، للمعارك وآلياتها الجديدة، كلها ولو شيء بسيط أحيانًا أضاف لمسة تميز، فلماذا هنا لا يوجد ما يميزه؟ ولو شيء بسيط كان سيعطي لمسة رائعة.

كويستات إليزابيث تعمل مثل آليتها في الأصلية، مع تخفيف المدة الصارمة لبعضها، وزيادة التنويع فيما تتطلبه وفي الجوائز التي تكسبها، فأضافوا أنواعًا كثيرة لم تكن موجودة كفتح عدد معين من الصناديق، أو هزيمة عدد أعداء معين، أو الحصول على «Item»، أو «Drop» ما من عدو، أو شيء حصري لمدة تشتريه من المحاكاة، وبعضها فيه أفكار مميزة لا أود حرقها.

ساهم بسلاستها أنها الآن لا تجبرك على أخذ عدد محدود بنفس الوقت، ولا تتطلب «Accept» لها أساسًا، وايضًا -والأهم بنظري- أن متطلباتها سهلة الفهم وواضحة بسبب فرز صور «Items» لتوضح أنواعها، وندرتها، ومن أين تحصل عليها، فمن الصورة ستتجه فورًا صيب هدفك.

يذكر ان آلية نسخ «Skill Cards» أصبحت أسلس من خلال اختيار ما تود وضعه عند المعبد، وكل يوم ستتمكن من نسخ واحدة، على عكس الأصلية التي كانت عشوائية الاختيار، وتنتظر لاسبوع لتأخذذها.

الأعداء والزعماء

ما يميز تنوع الأعداء هو حيويتهم ومقاوماتهم، فتمامًا كما أن لفريقك مقاومات معينة مع أو ضد كل عنصر فللأعداء كذلك، وما يزيدهم تميزًا هو عمل «Combination» فيما بينهم، فسترى كمية خلطات كثيرة تأثر في طريقة تعاملك معهم وتستغل المهارات الفردية والجماعية، وكذلك آليات المعارك مثل «1 More»، و «Shift» بشكل استراتيجي كبير ورائع، ويمنع تمامًا الشعور بالتكرار أو الرتابة.

الزعماء المصغرين يأتوك بين الطوابق، وعادة ما يحتاجون لتخطيط محكم أكثر من العاديين، ويعطون جوائز محترمة، وهم بالتنوع والجودة الكافية على مدار اللعبة، فكل واحد منهم له استراتيجية مختلفة لهزيمته، ولكي تقي شر هجماته، وساهمت آليات المعركة الجديدة من «Shift»، و«Theurgy» بأخذهم لمستوى آخر من التخطيط.

الكلام ذاته ينطبق على الزعماء الرئيسيين، وهم الأكثر تميزًا، توقعت أن تكتفي «Reload» بنسخ الزعماء لكن برسوم وبصريات أحدث، وبالفعل مناطق زعماء القمر المكتمل محافظة على نفس التصميم تقريبًا، والذي هذه المرة مختلف عن البرج في أنه يدوي بالكامل ولا يعتمد على التوليد، لكن طورت على قتال الزعماء نفسهم بما يتوافق مع الآليات الجديدة لتستغلها أنت كلاعب، فمع أنهم حافظوا على الأفكار الأساسية لكل زعيم، لكن «Phases» الزعماء، وضرباتهم لها تطورات غير متوقعة وجديدة بالكامل -خاصة في النصف الثاني-، وسأكتفي بضرب مثال أول زعيم وفكرة التلاعب بالوقت، كيف أنه يقلصه مع كل مرة يأـي دوره ويسرّع القطار فيها.

وقسوا على ذلك كل الزعماء وأفكارهم الجديدة، كما أنه بهزيمة بعضهم أصبح هناك «Persona» خاصين تتمكن من دمجهم في الغرفة المخملية.

التطور باللعب/أنظمة التطوير

كأي لعبة «RPG»، تركز اللعبة بشكل كبير في خيارات التخصيص وعناصر التطوير، ولكن ليس مجرد التطوير والتقوية فحسب، بل تمتد لتشمل آليات كاملة بكلا الجانبين تزيد من متانة، وعمق، وتداخل الآليات ببعضها، ومما يبهرني بألعاب بيرسونا هي مقدرت مطوروها على تبسيط العناصر رغم كثرة تداخلاتها وعمقها، لتبدوا بسيطة وسهلة الفهم، كمحيط يبدوا سطحيًا في ظاهره، لكنه عميق!

سأذكر بشكل سريع بعض الأمور الذي تتطور مع تقدمك ومرتبطة في كلا الجانبين مع تجنبي المفاجآت الجديدة والغير مُعلن عنها في المغارات، والمعارك، وحتى جانب المحاكاة:

– توسيع عدد البيرسونات التي بحوزتك عند رفع مستواك، تفيدك الخاصية بشكل كبير بالجانبين، ففي المحاكاة توفر المال لاسيما عند تقدمك وكثرة أشكال «Arcana» في العالم، وفي المعارك توسع عدد المهارات التي بالإمكان استخدامها، والبيلدات التي تبتكرها، والمقاومات التي تمتلكها.

-فكرة نوع «Items» الخاص لعدد من البيرسونات المنتقاة حافظوا عليها، إذ أنك كلما استثمرته لبرهة من الزمن وطورته سيعطيك «Item» حصري فقط عليه، وهذا «Item» يفيدك ب«Crafting»  بشكل كبير.

-زيادة ما يتولد في البرج مع تقدمك بشكل رائع، فلا يكاد يمر قمر مكتمل إلا وهناك العديد من الأشياء الجديدة في اللعب سواء القديم منها كالأشخاص المفقودين، وإرسال الطاقم للبحث، أو الجديد منها كباب موناد ولمساته اللطيفة، والكثير من الآليات التي جعلت تصميم البرج غني أكثر من أي وقت مضى، كما أن حتى الآليات القديمة كالأعداء النادرين، هم نفسهم حتى مع تكرار شكلهم إلا أنك مع كل «Block» ستجد حركاتهم تتجدد، ومقاوماتهم، لدرجة أنه في النصف الثاني من اللعبة ستستغل كل ما عندك لهزيمتهم -أقصد أمثال اليد الذهبية السريعة الذي ملاحقتها أصبحت أشبه بتوم وجيري وإما أن تكمشه وإما أن تقع في يد عدو آخر أو مكيدة ويُفلت منك-.

أشيد بقدرتهم على توزيع آليات اللعب خلال اللعبة بشكل أفضل بكثير من السابق الذي كان يُعطيك معظم الآليات منذ دخولك البرج، مما قد يسبب الرتابة للبعض بوقت لاحق، بينما هنا في الريميك كل شيء موزع سواء القديم أو الجديد، مما يشعرك بإنتعاش دائم.

القصة

ينتقل طالب ثانوي إلى جزيرة «إيواتوداي» للدراسة حيث سيقيم في سكن جماعي، وعند وصوله في منتصف الليل حيث السكون التام، يستقبله طفل ويشترط توقيع عقد ينص على تحمل مسؤولية أفعاله وعواقبها، ومن هنا تبدأ قصتنا التي ينجرف فيها البطل لماهو أكبر من مجرد حياة طالب، حيث أنه من القلة الواديين بوجود الساعة ال٢٥، والظلال التي تشكل تهديدا على البشرية، فماهي هذه الساعة التي يصبح العالم موحشًا خلالها، وتستيقظ الظلال، بينما البشر في غفلة تامة داخل توابيتهم، وكيف أتت بالأصل؟ وما حل إصلاحها؟

هيكل قصصي بسيط وفيه تشويق وإثارة عالية بسبب فكرة الساعة ال25 والخيال الديستوبي، وعزز له السرد والإخراج المميزين، ومع تقدمنا سنكتشف أن ما يتم البناء على هذا الهيكل من أحداث وشخصيات وحبكة رائع جدًا.

سرد اللعبة مميز واستغل كونها لعبة بنظام يوميات في التمهيد والبناء لكل شيء لاحق منذ أول لحظة وأول كلمات تقرأها عيناك، وبناء قوي لكل ما يتعلق بالقصة من شخصيات، و«Backstory» الخاص بهم، بجانب تقديم الأحداث الحالية، وصولًا للذروة.

مما جعل لكل شيء وقع حقيقي مؤثر وعميق، أود إعطاء أمثلة لولا أني أخشى من إفساد التجربة، لكن لابد أن محبي الأصلية سيفهموني خاصة أن «Realod» قد حافظت على النص القصصي الأصلي للأحداث الرئيسية، لكنهم اجتهدوا في جانب الإخراج ليعيدوا تصوره بالكامل: الرسوم الجمالية، وزوايا الكاميرا، وحركتها عند الحاجة، وموديلز الشخصيات وتفاصيلهم، وحركاتهم، وتعابير وجههم، بالإضافة لتعابيرهم في صور الأنمي، والآداء الصوتي الجديد، والعديد من مقاطع «CG» والأنمي عند جميع اللحظات الهامة التي قد يعرفها أي محب للعبة الأصلية.

الإخراج كفيل بأن يشعرك بانتعاش التجربة، خاصة أنه لقصة متقنة ورائعة كتابتها بالأصل، الأداء الصوتي الجديد أجده بديع لدرجة أن دبلجة الإنجليزي قد وصلت لمستوى الياباني وهذا شيء نادر.

أبدع القائمون على الإخراج في إحياء القصة لتأخذها لمستوى متقدم من الانسجام للاعب بسبب حسن توظيف الاخراج في عمق القصة، بحيث أنك من حركات الشخصيات الجديدة، وتعابيرها/وضعياتها ستفهم مزاجها وصفاتها وتطوراتها بشكل أعمق، وأهتموا بكل صغيرة وكبيرة في الاخراج ليصلوا بجدارة لمستوى الخامس الذي لا غبار عليه من هذه الناحية.

البصرات الجديدة، فتحت المجال لإبراز وحشية وخيال العالم الآخر بشكل غير مسبوق وأبدعوا فيها، حتى أنهم استغلوها في مقاطع الCG والأنمي الجديدة لتعطي أبعاد خيالية مميزة، وحتى يضيف لمسة إخراجية وسرد أفضل من السابق بسنين كمشهد آيغيس الغني عن التعريف.

المشهد الإفتتاحي الجديد (الشارة/Opening) رائع، ومن أسباب روعته أنه لخّص المغذى القصصي بالكامل خلال أقل من دقيقتين، مع تغطيته لنقطة تميز علاقات الشخصيات وتقلباتها النفسية، وحقيقة أن الموت لا مفر منه، والخوف لا يؤدي إلّا لخوف أكبر، ويُبعدك عن أهدافك وطموحاتك، وأن الوقت كنز الانسان.

الموت أمر حتمي لا محالة، مهما حاولنا تناسيه فقدرنا واحد منذ الولادة، والخوف منه لن يؤدي الا بفشل في حياتنا وعدم إنجاز شيء، الحياة أقصر من أن نقطع علاقاتنا بسبب توافه الأمور، وجودنا في هذه الحياة هو نعمة بذاته، وكوننا إحياء يعني أنه بالإمكان إنجاز الكثير والإبداع، فما من أمر إلا وله حكمة، حتى الأشخاص الذين ضحوا من أجلنا علينا ألا ندع تضحيتهم تذهب هباءا، فقد تضحي بنفسك من أجل عزيز كما فعلوا هم معك.

أحد الحكم الذهبية التي تُقال من بين الكثير من الحكم “قبل أن أرحل، دع هذه المسنّة تعطيك نصيحة… أعتني جيدًا بمن يملك معزة غالية في قلبك، فلو انتظرت إلى أن يحين أجلهم… فقد تأخرت. والتشبث بأكتاف جسدهم لن يعيدهم. …جميع من ولد سيلاقي الموت حتمًا. فالموت لا يقتصر علي، ولا عليك، جميعنا سواسية… لذا قبل أن يحين ذلك… إن أحببت شخصًا، فدعه يعلم بحبك له، كلنا نمر بنفس الآلام، ونفس الجروح الكاسرة للقلب خلال طريق الحياة…لهذا علينا أن نتآخى مع بعضنا البعض بنفس الحب والمودة لنمر سويًا بنفس الطريق كذلك… أثق أن لديك أشياء ثمينة لتشاركها مع الناس ايضًا… لا تنسى ذلك ابدًا…” -اقتباس بتصرف.

قصة اللعبة هادفة، وطريقة تقديم المغذى الرئيسي لا غبار عليه من اللمعان، وذات فائدة للكثير من الناس وبالأخص لغير المسلمين، القصة كُتبت لتوعي اليُفع بطريقة مبتكرة وجميلة،

لمسات القوائم واختيار ثيم البحر كله عزز من إيصال هذه القيمة بشكل أوضح وأكبر في الريميك، وتقديمها بحلة عصرية، عند إستدعاء الشخصيات لقوة «Persona» فإنهم يضربون رؤوسهم بالمسدس، ومن التحاليل الرائعة التي قرأتها عن الموضوع أنه كيف من شدة محاربة اللعبة لليأس والاكتئاب والتشجيع على إكتشاف الجانب المشرق من الحياة فإن الشخصيات تنادي ذاتها ومشاعرها من خلال ضرب رأسها للتخلص من مخاوفها وفزعها، يالها من فكرة، ربما من لا يعلم قد يفهم رسالة اللعبة عكس ذلك تمامًا.

حتى إن كنت في أعماق المحيط فبإمكانك الاستيقاظ وسطه والنهوض، فحتى الريميك أضاف لمساته الخاصة في إيصال هذه الرسائل والمعاني فقط من الإخراج والجوانب البصرية، ياللإبداع!

محاور القصة ناضجة تمامًا، ونقاشاتها جريئة، الموت والخوف منه، اليأس من الحياة، الغفلة عن الواقع، الكآبة، التأقلم مع الحياة مهما كانت الظروف، وتعقيد المشاعر البشرية تجاه بعضها، كلها عرضت بشكل رائع.

الشخصيات والأحداث

أحداث بيرسونا 3 وحبكتها لا غبار عليها، بسبب البناء المميز الذي تتبعه ألعاب بيرسونا عادة، وطاقم الشخصيات في الجزء الثالث بدء سنُة جديدة بنهج كتابتهم وواقعيتهم العالية، وربما هذا من أكثر ما يميزهم، الواقعية والعمق في شخصيات أنمي هو شيء لقلما أجده في عالم الألعاب، بالإضافة إلى أن بيرسونا 3 تحديدًا تتميز بفكرة العلاقات المعقدة بين شخصيات الطاقم وتطورها خلال القصة.

كما يميزهم التقلبات المزاجية لهم بحسب ما يمرون به من صعوبات وتطورات بالأحداث والعلاقات، والأجمل كيف في الريميك وظفوا المزاج بآلية السكن الليلية التي تنعكس على اللعب، ومن شدة الإبداع فإن غرفة كل واحد منهم مليئة بالتفاصيل والأغراض، والترتيب الذي تعكس صاحبها، وهذه لمسات لا يضيفها عادة إلا الكتّاب المهتمون بحيوية عالم قصصهم لتصل لمستوى التميز.

الأحداث متزن رتمها، تتسارع وتتباطء عند الحاجة، ومتناسبة مع اللعب، حتى أن التوازن بين اللعب والقصة رائع. الأحداث الأساسية تخلوا من التمطيط، الحوارات إما أن تكون مفيدة بخدمة الأحداث، أو بناء الشخصيات والقصة، أو على صعيد اللعب والجانرا كحوارات المدرسة التي تعرفك على ما قد يفوتك بالأنشطة، أو حوارات مابعد هزيمة كل زعيم مصغر التي هدفها تلطيف جو اللاعب.

الآداء الصوتي الجديد رائع، طبقات الصوت الجديدة تلائم الشخصيات أكثر من السابق، بالإضافة لقدرة المؤديين البديعة في تقمص أدوارهم والتعبير عن مختلف مشاعرهم، حزن، سعادة، غضب، إلخ.. علو وخفض نبرات أصواتهم بحسب الحاجة، وحتى قرب وبُعد الصوت بحسب موقعهم من البطل، إبداع حقيقي، وبالفعل الآداء الصوتي الجديد أراه بمستوى أسطوري ومن أفضل الدبلجات الإنجليزية التي قد تسمعها بأي لعبة يابانية، خاصة أنه يتضح الجهد والتكلفة الذي بذلوها عليه ليخرج لنا بهذه الحلة.

الجديد في نصوص القصة

السيكربت الأساسي حافظوا عليه كما كان بطريقة سيرها ونصوصها، وإن كان هناك تدخل على النص فهو خفيف جدًا ليعرفك على آلية لعب جديدة، أو يستعرض شيء ما كتفاصيل إضافية، أو ربما بالكثير تغير في ترتيب الأحداث اليسيرة، لكن ما اجتهدوا عليه قصصيًا هو أحداث إختيارية تأتي بأيام محددة جراء أحداث معينة، ألا وهي حلقات الروابط «Link Episode».

بالإضافة لنصوص فعاليات السكن الجديدة الغير ضرورة أن ترتبط مباشرة بالأحداثث الرئيسية إنما بعمق الشخصيات، وكلاهما يضيف للبناء.

تتميز حلقات الروابط «Link Episode» في تعمقها في الشخصيات إثر أحداث بعينها، في بادئ الأمر سيكون ترابطها مع الحبكة الرئيسية بسيط، وتركز على جانب التعمق بالشخصية والبناء، لكن سرعان ما تصل للنصف الآخر من اللعبة، ستزداد قيمة هذه الأحداث القصصية، وستضيف أبعاد مؤثرة لوقع الكثير من الأحداث بالقصة، كانت مخاوفي فيما يخص قصة الحلقات هذه في أنهم يخربوا الشخصيات، أو يحشروا بها صفات ليست بهم لمجرد التغير والإضافة، لكن مجددًا أذهلوني في حفاظهم على نفس مستوى عمق الشخصيات، ونفس القيم القصصية التي تتناسب مع ثيم اللعبة، وكأنها من نفس الكُتاب القديمين حتى من شدة حرصهم على ألا تبان “تدخل كتابي خارجي”، فعلًا أبدعوا مجددًا.

 فمثلًأ واحدة من هذه الحلقات التي تأتيك باكرًا جدًا كانت لشخصية «Akihiko» تعرض لك إنزعاجه من الشهرة، لكن حتى مع من ينزعج منهم، في حال رأى أنهم في مأزق سيسارع للمساعدة حتى لو كان بالتهور، وبالنهاية ينقلب الأمر عليه رغم أنه كان بنية المساعدة -كعادته أن يضع نفسه في مواقف محرجة بسبب سرعة إنفعاله-، فهذه الحلقة تتطابق تمامًا مع شخصية «Akihiko» وقراراته وتصرفاته لاحقًا في القصة، هذا مثال بسيط على واحدة من بداية اللعبة، فلكم أن تتخيلوا كمية الإبداع التي في الحلقات اللاحقة جراء أحداث أيقونية يعرفها أي محب للأصلية.

تأخذنا الروابط الإجتماعية «Social Links» وحلقات الروابط «Link Episode» عبر رحلة غويرة حول أنواع البشر وطرق تفكيرهم وشخصيتهم في الحياة بما يتناسب مع تجاربهم والمحن التي يمرون بها، ولكلٍ من هذه الأنواع والشخصيات مشاكله الإجتماعية التي تُعرض على هيئة قصة مكوّنة من عشر حلقات. طفلة مضطربة من المشاكل بين والديها ووصولهما لقرار الطلاق بينما هي تريد أن تنعم برغد الحياة كطفلة، أو عضو من أعضاء مجلس الطلبة على خلاف مع عضو آخر بسبب قضايا تمس القانون، أو معاناة مغترب، وهكذا هي معظمها.

ربما بعضها شاطح، لكن أغلبهم يصل لإمتياز كتابي ودرامي رائع بعرض مختلفف أنواع البشر، وتسليط الضوء على قضايا إجتماعية من واقعنا بصورة قصصية عميقة ورائعة.

الريميك لم يمس أي سطر من نصوص هذه الروابط، وحسب ملاحظتي أن كلها نفس الأصل بالضبط، لكن تمامًا كالقصة الأساسية، الإخراج أعطى روح جديد لهم، ونقلهم لمستوى آخر من الحيوية، التحريك، وتعابير الوجه، وزوايا الكاميرا، وأخيرًا وليس آخرًا حقيقة كون كل هذه الروابط بآداءً صوتي كامل، وهو شيء تشهده السلسلة للمرة الأولى منذ نشأتها، ويعتبر خبر سار لأي محب ل«Persona».

الذي أذهلني بعض الشيء أن حتى الذي كان بسيط ولا يُتوقع منهم أن يشتهدوا عليه لأنه لم يتطلب بسبب عدم ذهابهم لأماكن منوعة، أو أحداث أكشنية، مع ذلك أعتنوا بإضافة لمسات شاعرية فيهم في الإخراج أضافت عمقًا لهم.

كما أني أجد تحسن طفيف في جودة كتابة العدو الرئيسي وفلسفته الذي كان جيدًا بالأصل، بسبب البناء الذي تم له، وبعض الأبعاد الجيدة التي أضافوها لتعطي صفات خبث، وخداع جديدة، وهذه كذلك من النقاط التي أخافتني وخشيت أن تكون اللحظات الجديدة تتبع نهج التعاطف مع العدو، أو أنه طيب الأصل، أو تخربه وتدني جودته بدل من أن ترفعها.

 لم ينزل مستوى كتابة الشخصيات أبدًا، وأبدعوا دومًا في إبراز جانب معين من شخصيتهم أو طريقة تفكيرهم مع كل حدثٍ من الأحداث المضافة.

وآخر نقطة أحب التطرق لها هي كيف أن حتى في آليات اللعب أعتنوا أن تكون مرتبطة بعمق الشخصيات حتى مع أني لا أجد ضرورة لأمر عادة،  فنجد أن قدرات «Theurgy» مثلًا تُعبر عن كل شخص، ففوكا يكتمل العداد من خلال استخدامك لقدرات «Navigator»، والسبب أنه يعطيها الثقة بنفسها مما يمكِّنُها من التجرؤ على الإنفعال وتفعيل «Theurgy»، وهذا تمامًا يتناسب مع ضعف ثقتها بنفسها، وتنمر الطالبات عليها، وكل واحد من الفريق طريقة تفعيلعه للآلية تُعبِّر عنه تمامًا، وبعضهم قد يكون فيه صفة سيئة لكن ليس بالضرورة أن يكون متعمد أن يكون كذلك.

بحسب مخرج الأصلية “كاتسورا هاشينو” ففكرة المحاكاة أتت بسبب توافق نوعية تصميم اللعبة «Game Design» مع ثيم القصة “التضحية”، إذ أنك لن تستطيع التقدم إلا بعد أن تقرر فيما تقضي يومك فيه، ولا بد من أن تضحي بشيء على حساب شيء آخر، فحتى لو قررت النوم وتجاهل كل أمور المحاكاة، فبالنهاية أنت ضحيت في كل شيء وستتحمل مسؤولية وعواقب قراراتك.

التصوير

لن أكذب عليكم إن قلت أن أكثر ما ضمنته منذ أول عرض هو الجانب لبصري، ولم يخيب مرادي، فرأيت الذي كنت أتوقعه تمامًا من عنوان بيرسونا رئيسي، لعلي تحدثت عن مدى إبداع الإخراج في الفقرات السابقة، وكل هذا الإبداع نتج عن وضع أساس قوي وحديث للرسوم العامة والإضاءة والموديلز في المقام الأول، لتجعله عصري كالخامس، ولكن مع اختلاف أنهم أحبوا التفنن في جعل رسوم العالم الطبيعي له  طابعه لخاص، المتعمد في بساطته، وبنفس الوقت غني بالتفاصيل، مما أضاف لمسة تميز رسومي.

كل شيء تم إعادة تصميمه من جديد، ولكن المبهر حقًا أن ترى مناطق قد تظهر لمرة واحدة في يوم عابر، أو حتى مقطع ولن تتكرر أبدًا، مع ذلك تجد تفاصيل الغرفة والديكور والبيئة في أعلى مستوياتها، ولا يقل أبدًا عن تفاصيل المناطق التي تتكرر بكثرة خلال اللعبة نفس المدرسة، مما يعطيني فكرة عن مدى إخلاصهم ووفاءهم في صنع ريميك صلب الجودة وبلا تقلبات بالمستوى.

من أسرار إبداع الصريات ايضًا: الألوان المتناسقة والمريحة للعين، الإهتمام بشدة في طبقة اللون الأزرق في القوائم خاصة، تفاصيل الموديلز التي بالرغم من بساطتها ظاهريًا إلا انها غنية بالتفاصيل، والإضاءة كذلك المعتنى بها في شدة وفي إنعكاسها على الموديلز وعلى صور الأنمي حتى.

كما أنهم جعلوا لكل جانب توجهه الفني الخاص بالرسم، فالعالم الطبيعي، مختلف عن السكن، مختلف عن أماكن الساعة المظلمة، وكل واحدة من هؤلاء لها إضاءتها وتفاصيلها واسلوبها الخاص، مما يشكل تنوعًا بصريًا مذهل، وأرى أن التوجه الجديد في السكن، رغم أن الكثير قد لا يتآلف معه للوهلة الأولى، إلا أنه مناسب لبيرسونا 3 وقرار موفق..

وأزيدكم من الشعر بيتًا فإنهم وظفوا كثيرًا من اللمسات البصرية في تصميم اللعبة «Game Design»، مثل معرفة مدى ندرة الكنز من لونه فقط، أو عدد الأقفال التي يحتاجها صندوق كنز من شكله دون الإضطرار لشق طريقك نحوه والضغط على الزر، ومنها أيضًا الوصول من قائمة «Equip» للشخصيات التي في فريقك من خلال اللون المختلف عن الأزرق دون الحاجة في التمعن في الاسم لمعرفتهم حتى، مما يجعلهم يتفوقوا على أنفسهم مجددًا، وكثير لمسات بسيطة نعم لكنهم تمكنوا من توظيفها باللعب والقصة بالاضافة للذّتها الشكلية.

كما أنهم أعتنوا بصور الأنمي، وكيف أن حتى ظلال هذه الصور يتأثر حسب البيئة المحيطة للشخصيات وحتى لون الصورة نفسها يختلف بشكل طفيف ليضيف لمسة انسجام وواقعية مع الجو الخيالي، وكذلك حركة القوائم المتداخلة والغنية في التفاصيل والألوان، والمليئة بالحياة كمشهد انفعال الشخصيات عند إسقاط العدو في المعارك مثلًا -الصورة التي بالأسفل- وكيف أعين الشخصية كأنها في أعماق المحيط والفقاعات تتصاعد من حولهم، من ثم تنكسر لتتحول لفتات زجاج محطم بعد أن يستدعون البيرسونا الخاص بهم.

وهنا نصل لنقطة إبداع أخرى وهي الآنمشينز في القوائم كالتي ذكرتها أعلاه، رغم كثرة تفاصيلها وحركاتها، لكنها فعليًا قصيرة جدًا بالوقت، مما يجعل مشاهدتها مرارًا وتكرارًا لا يأخذ من وقتك، ومحال أن تشعر بالضجر منه بسبب تنوعه وإبهاره البصري، وكذلك تفوقهم على نفسهم في هذا الجانب.

وايضًا عندما تتحرك صورهم فإنها مرتبطة بالصوت نفسه بمعنى، في بيرسونا 5 والألعاب الحديثة كثير ما تستخدم صور متحركة «GIF» شخصية تتحدث لتعطي حياة للمتحدث أكثر، لكن هنا الشفاه تتحرك بحسب الصوت وليست مجرد صور متحركة «GIF» ثابتة، حقًا قد تمكنوا من التفوق على نفسهم.

الشيء الآخر الذي أعتنوا به بشدة هو القوائم، كيف لا ونحن نتحدث عن «P-Studio» من الأساتذة في المجال، أفكار في منتهى الإبداعية والجمال، ليس في أنها جميلة فحسب، بل لسلاسة التنقل بينها وتوافق أفكارها مع ثيم القصة ورسائلها، ومع الجو العام للعبة.

لمسة أمواج الماء بحسب يوم الشهر، والقوائم التي تعكس أعماق المحيط، وإنتقائهم لدرجات اللون الأزرق، التنقل بين أوقات اليوم على هيئة ساعة، وعندما تخسر يتحول الجو لزراق وتظهر أمواج تدريجيًا تغطي البطل ويغمرها السواد من حولها، وغيرها الكثير من الأفكار الإبداعية التي لن تتوقف عن إبهارك، مما يسعدني أنهم محافظين على روح الإبتكار ويستطيعون تقديم شيء بتميز الخامس لكن بدون أن يكون مجرد نسخ لصق.

الموسيقى

ما بين إعادة تلحين القديم مع لمسات طفيفة وتغير يسير بالكلمات والآلات المستخدمة، إلى ألحان جديدة كليًا حافظت على روح وتميز الأصلية وأضافت تنوعا مرحب به.

ما من طريقة أبدع من الوصول لجو إستثنائي، وإيصال مشاعر القصة والشخصيات، ووصف فظاعة العالم، من الألحان. التي هي في قمة الإبداع والتميز كعادة الاستديو، وقوة الإنسجام التي تسببه سواء على الصعيد القصصي، أو الجو العام، وإبداع توظيفها بشتى الأركان.

إن قمت بضرب الأعداء ستكافئك اللعبة بلحن المعارك الجديد «It’s Going Down Now» التي ترفع مستويات الأدرينالين، بكلمات وراب مناسب لجو اللعبة، ومميز بلحنه والطبقات المستخدمة في غناءه، بينما لو ضربوك هم أو التبست الضربة بين هذا وذاك لتعتمد على «Agility» في أولوية الدور، فسيشتغل ريميكس لحن المعارك الأصلية «Mass Destruction» كعقاب لك، وبنفس الوقت له نكهته الخاصة، ولعل من أكثر ما يميزه هو صوت الضفادع الغريب أثناء الغناء

تقدم اللعبة ألبومًا موسيقيًا منوعًا من الألحان منها الهادئ، الحماسي، الحزين، المبهج، وقد يكون هناك أكثر من نسخة تزداد حزنًا أو سعادة عند تقدمك، وتعطي أكثر من شعور بأكثر من طبقة بنفس الوقت، وجميعهم مميزين بلا إستثناء.

لحن الأبراج الذي في كل «Block» تزداد الآلات والطبقات المستخدمة التي توصل العديد من المعاني، لعل منها أنك تتعمق بالبرج أكثر وأكثر، ولعل منها التعبير عن مدى قساوة ورهابة الاقتراب من الحقيقة، خاصة عندما تتطلب الكثير من التضحيات، أو ربما تعبر عن الشجاعة، وكذلك تعطي شعور القشعريرة لقربك من ذروة القصة، مشاعر كثيرة ومختلطة.

الألحان كلها معبّرة بشكل عميق في معانيها ومميزة بايصال شتى أنواع المشاعر الكثيرة التي ستقدمها اللعبة، وكذلك مميزة ومريحة للاستماع كجو عام، وكلماتها ستدوم في ذاكرتك.

الإيجابيات: 

  • آليات كثيرة وكلها مترابطة ومتراصة مع بعضها البعض.
  • إضافات جانب المحاكاة وازنتها أكثر مما مضى، واستفادت في جعلك تنوع فيما بينها.
  • المغارات أصبحت مميزة جدًا في الفلسفة التصميمية في كل قسم، مما جعل التنقل فيما بينها مختلف بشكل فعلي، والسيناريوهات التي تقدمها هائلة.
  • نظام التوليد التلقائي من الأفضل في التصنيف، وتمكنوا من توظيفه بشكل مثالي في وزن اللعبة، وتوليد  إحتمالات كثيرة بالشكل، وفيما قد تحتويه، مما يجعل من الصعب تكرار طابقين في التصميم.
  • نظام قتال تحفة فنية استراتيجية، واللمسات الجديدة رفعت من مجالاته التخطيطية، وزادت من إدمانيته في اللعب وأنظمة التطوير.
  • الكثير من الإضافات جديدة وتميزه عن الباقي، أكثر من أن تكون مجرد إقتباس آليات من 4 و5، وبهذا يكون المخرج نجح في رؤيته “ريميك وفي، وبنفس الوقت تجربة جديدة”.
  • قصة رائعة بسردها، وبناءها، وشخصياتها، وأحداثها، وتطوراتها، ورسائلها.
  • الحوارات الجديدة كحلقة الربط «Link Episode»، أو أنشطة السكن سلطت الضوء بشكل كبير على جوانب نفسية عميقة للشخصيات، وأبرزت صفات تميزهم، والأهم أنها حافظت على الجودة الكتابية في القصة الرئيسية.
  • البصريات في قمة في الجمال والإبداع، تمكنوا من الوصول لتميز الخامس، لكن في طابعها الخاص وأبدعوا في جعل جو خاص للساعة المظلمة عن العالم الطبيعي.
  • القوائم الجديدة متألقة كالعادة.
  • مقاطع CG وأنمي ذات جودة إخراجية وتكلفة إنتاجية فاخرة عند أهم لحظات القصة بالإضافة للمشهد الإفتتاحي الذي يحكي الكثير في دقيقة ونصف.
  • ألحان تصنع ديستوبيا عالية ومميزة، سواء الريميكسات، أو الجديد منها.
  • الآداء الصوتي الإنجليزي بديع، سواء الطاقم الرئيسي، أو شخصيات الروابط الإجتماعية.

السلبيات : 

  • تمنيت لو أن هناك آلية جديدة في الVelvet Room، ومع أنها ليست سلبية تستحق الذكر، إلا أنها أمنية بسبب ما رأيته من إبداع كبير بإضافات جانب المحاكاة، والأبراج، والمعارك، وحتى القصة.

التقييم النهائي

التقييم النهائي - 10

10

بيرسونا 3 ريلود هو ريميك الأحلام لأي عاشق لبيرسونا 3، إذ أنه وفي للأصلية وبالوقت ذاته ذكي في إضافة المحتويات الجديدة دون التخريب على محتوى الأصلية الذي كان ثوري ومبهر بالأصل، ليحيي شعور الإبهار والثورية هذه من جديد في عصرنا الحديث، ويجعلها تحفة فنية لا يجب أن يفوتها أي محب لسلسلة بيرسونا أو نظام تبادل الأدوار، أو من يبحث عن تجربة قصصية رائعة تُخلد في الذاكرة.

تقييم المستخدمون: لم يتم التصويت بعد !

مليفي المليفي

عضو و مراجع في فريق الهب، محب لمجال الفيديو القيمز و اهتم لاخبار عالم الالعاب، أحب ألعاب القصصية بالاخص سلسلة ميتل قير.
Back to top button